موقف إتحاد الأدباء العرب من أدباء العراق
    الأحد 17 يونيو / حزيران 2007 - 00:29:08
    شاعر ومترجم مقيم في المغرب
    لعل الإجابة عن هذا السؤال تحيلنا إلى عهد النظام ألبعثي المنهار حين كان أفواج أدباء الدولار وكوبونات النفط تتكالب تزلفا ووضاعة وتقربا ذليلا لسدنة المشهد الأدبي المتهرئ وجلاوزته زمن بيع الضمائر وشراء الذمم، وكانت متاجرة فاضحة يعرفها القاصي والداني، ولكن أطرافها سيما المتزلفون منهم يتحولون إلى نعامات يدفنون رؤوسهم وقت التمكن من السحت الحرام ومن ثم ينطون كالقردة لتدبيج ما جادت به قرائحهم الفجة من مقالات وأشعار ومديح مندوف بالمذلة قصد البحث عن عطاء قادم، فهم يخططون للاتي من المناسبات ليسجلوا أسماءهم في سجل المهانة بانتظار السحت اللا مشروع وهم يعرفون انه سحت حرام مندوف بوضاعتهم ولكنهم يبررونه كونه دفاع عن شرف الأمة وتعظيم القائد الهمام والنظام العربي الجبار قاهر أعداء المسيرة الظافرة والعبث بشنبات الرجال، وها هم ذات العينات والمخلوقات الرثة ما زالت تمارس ذات السلوك الرث دون حياء، إما وفاءا للعطايا التي أحالتهم إلى ميسورين في بلدانهم أو الرهان على الحصان الخاسر بأمنياتهم أن تعود الهبات تنهال عليهم من جديد، وبوقاحة لا نضير لها يرفعون شعارات للاستهلاك وذر الرماد في العيون منها ( كرامة الأمة والاحتلال والثقافة المأجورة والمقاومة) وغيرها من اليافطات الرخيصة التي ما عادت تنطلي على رضيع الشارع العربي علما إن شعاراتهم الفضفاضة هذه هي التي يعانون منها في بلدانهم ولكن عندما تصل إلى العراق تطول الألسن ويعلو الزعيق والنهيق. وإذا ما تناولنا الأسماء التي تقود وتنتمي لهذا الإتحاد لاكتشفنا فضائح قد يتعرف عليها المثقف العربي لاحقا عند كشف المستور. وسيأتي ذلك اليوم إكراما للإبداع الحق وتنقية لهذه المؤسسة التي عاثت بها أقلام مأجورة منذ أمد طويل، والضالع في دهاليز هذا الإتحاد وملفات جل أعضائه يعرف حقيقة واحدة وهي أن من يحترم انتماءه لثقافته لا يحترم سعيه للانضمام إليه، فلماذا هذا السعي غير المفهوم من لدن إتحادنا العراقي العتيد للعودة إلى اتحاد الأدباء العرب وإتحادنا العراقي هو الرافد الحقيقي للإبداع العربي باعتراف كل الأجيال من المبدعين العرب.
    إذن من يحتاج من؟ هذا السؤال هوا لذي ينبغي على الأخوة الذين يقودون مسيرة إتحادنا اليوم طرحه بعد أن تنعّم المبدع العراقي بكامل الحرية وامتلك زمام أموره وتخلص من الرقابة الصارمة ومصادرة الحريات إبان النظام الصدامي المقبور والتي اخفت وصادرت ولاحقت الأقلام النقية وميعت المشهد الفكري العراقي بكل تفاصيله. صدقوني أن الإبداع العربي يبقى منقوصا وليس بذي أهمية بدون الإسهامات العراقية المتفردة والرافدة للجاد والوازن في الثقافة العربية.
    فنرجو من إخوتنا في إتحادنا العريق أن يعيدوا النظر في المطالبة بالعودة إلى إتحاد الأدباء العرب لأنه لا فائدة ترجى من الانضمام إلى هكذا إتحاد لا يحترمه حتى المنضويين فيه، وكان من المفروض أن يسعى اتحاد الأدباء العرب إلى العراقيين لا العكس، لاتهم هم من يحتاج الصوت العراقي الرصين والذي يمثل الجانب الأبهى في الإبداع العربي بشهادة الجميع ودعونا من يافطات عفي عليها الزمن وتفضح نفسها بنفسها، مثل الاحتلال وغياب القرار السياسي وثقافة الاحتلال وغيرها من العناوين المضحكة وكأن في بلدانهم أن الديمقراطية متاحة حتى النخاع، فاطلبوا من علي عقلة عرسان أن يكتب جملة واحدة لا تمجد القائد ونظامه ولنعرف النتيجة إن تجرأ بذلك، وكذلك الأمر ينسحب على العديد ممن يزايد على العراقيين في وطنيتهم وصدقهم لبلادهم وانتمائهم الثقافي الأصيل..
    لا نطلب ممن يرفع هذه الشعارات ألا الصدق مع ما يقول ومن المعيب إن يضحكوا على أنفسهم وهم أكثر من يعاني من غياب الحرية الفكرية والسياسية في أوطانهم ولكن:
    إن لم تستح فقل ماشئت
    هذه صورة بسيطة لكمّ هائل من الصور التي تشكل مأساة المثقف العربي وابتلائه بنخبة (مبدعيه) المستكرشين على حساب آلآم الناس وأوجاعهم.
    أليس هذا ما كنا نعانيه وخصوصا نحن العراقيين المكتويين بنار القمع ألبعثي ونحن نشاهد ونرى ونعايش ونتحسر وندين هذه المواقف المتسخة، حيث بات من له علاقة بالمشهد الثقافي في جل البلدان العربية ممثلة باتحاداتها المشبوهة يعاني الأمرين ليتخذ بالتالي موقفا موضوعيا إزاء هذه العينات الكريهة التي حولت الإبداع إلى سلعة، وبات تسليع الثقافة والمتاجرة بالفكر سمة طاغية لهذه الثلة من الكتبة وهم ليسوا بالقلة. كيف لنا أن نطالب هؤلاء ان يتسيّدوا قيادة الحركة الأدبية وهم منخورين من الداخل بسوسة بيع الضمير لمن يدفع أكثر يمنحونه رغاءهم أكثر، الا يربط المثقف العربي هذه المواقف الرثة، ( ودعوني اكرر هذه المفردة كثيرا لأنها التوصيف الأنسب لهؤلاء) بتوصيف ديستوفسكي في الجريمة والعقاب حينما يصف المحامي بأنه إنسان يؤجر ضميره؟ هذا من ينطبق على متشدقي الوطنية والقومية ( الحقة)
    من كل ما تقدم، وهو اليسير جدا لسلوكات هذه الشريحة الكريهة، أليس من حقنا إن نستغرب ونتساءل ونندهش ذلك الإلحاح غير المفهوم والتذلل الذي لا يشرّف المثقف العراقي من قبل اتحادنا ( الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق) لاتحاد الكتاب العرب ومواقفه المخزية والمعروفة الأهداف والنوايا بحيث يغالون في عدائهم بحق المثقف العراقي والثقافة العراقية التي أغنتهم وأثّرتهم وأمدتهم بشتى صنوف المعرفة والإبداع، وهل من المعقول إن هذا الاتحاد يمارس سياسة الإقصاء لأهم شريحة في الإبداع العربي على الإطلاق، ثم ممن يتشكل معظم أطراف هذا الاتحاد؟ أليست هي تلك الاتحادات التي خرجت من عباءة الأنظمة القمعية كما كان شان الاتحاد العراقي أيام النظام البعثي الفاشي الذي عاث بالثقافة العراقية فسادا وتخريبا وهجّر خيرة المثقفين العراقيين في أصقاع الدنيا وسلّم قيادة الاتحاد إلى ثلة من أنصاف الموهوبين والمثقفين والمتزلفين والبلداء؟ أين كان هذا الاتحاد العربي الفذ حين كان النظام البعثي المجرم يعيث تخريبا بكل نقي وجاد في الثقافة العراقية؟ ولماذا لم يجانب الحقيقة للدفاع عن رموز الثقافة العراقية والعربية حينما كان الجهاز القمعي متمثلا بمسؤولي الاتحاد العراقي آنذاك يمارس شتى صنوف القهر والإبادة بحقهم، كسحب الجنسية العراقية من شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري والبياني وغيرهم؟ هل كانت قيادة الاتحاد العربي المؤزر بسياط القمع يعاني من عطب في جهازه السمعي، البصري آنذاك؟ وهل يكون لنا مصدر اعتزاز للانتماء إلى هذا الاتحاد، ورئيسه السابق (خريج المخابرات السورية) الذي أقصى اتحادنا بسعي محموم من عضوية اتحاد الأدباء العرب وبمؤازرة كل الموتورين.
    إنها المهزلة بعينها والله.
    إن هذا الإتحاد هو جزء من منظومة الوضع العربي المتهرئ الملئ بالأحقاد والنفاق والكره والزيف وشتى أنواع التسميات المقززة .
    لا يشرفني أنا الذي تعرضت لشتى صنوف الملاحقات والنفي أن تلامس أصابعي أصابع من احتضن قلما دبج نصوص نفاق لقاتل شعبه.
    لا يشرفني ان اقترب من أناس يقامرون بضمائرهم إزاء حفنة من الدولارات فيعود الوطن عندهم مطية للوصول للأهداف الرخيصة
    لا يشرفني أن أكون تحت خيمة واحدة مع من يصم زعيقه الآذان لتمجيد قتلة الشعوب لينعم هو لاحقا تحت سقف بيت اقتناه من أنين الآخرين.
    إذن لا ينبغي ان يتشرف اتحادنا العراقي بالانتماء إلى هذا الفصيل المشبوه مع اعتذاري للقلة القليلة من الانقياء الذين لا اعرف كيف يقبلون بانتسابهم لهذا الاتحاد العربي الذي آخر ما يفكر فيه هو إنقاذ الوضع الثقافي العربي من براثن التمييع والمسخ وحماية المبدع العربي من عسف الملاحقات وكم الأفواه وهو المساهم الرئيسي في ترسيخ قيم لا تمت للثقافة بأية صلة وبوق رغاء ليافطات سياسية بلهاء.

    ولنا عودة لهذا الموضوع
    التعليقات
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media