اخر تقليعة في دولة الشفافية! التصويت البرلماني السري!
    الأحد 7 أكتوبر / تشرين الأول 2007 - 15:33:02
    مالوم ابو رغيف
    في معرض تايديه لنظام التصويت السري في البرلمان العراقي قال النجيفي: ((كثير من النواب العراقيين لا يصوتون بارائهم الشخصية بل لارضاء الكتلة التي ينتمون اليها. وذكر: ان التصويت السري سيتيح للنائب التصويت لما فيه مصلحة البلد وبالخلفية الثقافية والاجتماعية واراء الناخبين الذين يمثلهم واعتقد انه سيضفي تغييرا على الخارطة السياسية. ))

    هذان السببان هما الاهم في دفع البعض لتقديم مقترح بالعمل بنظام التصويت السري في مجلس النواب العراقي.

    السبب الاول والذي ذكره النجيفي في معرض حديثه، ليس بالجديد فقد كان حديث السياسة والناس والكًتاب منذ زمن بعيد، فنحن نعرف ان مجلس النواب لم يتغير ولم يتطور ولم يخطوا خطوة واحدة الى الامام لكي يمتاز عن برلمان ايام زمان المعروف بأسم برلمان موافج. فهؤلاء مجرد صدى لرغبة امير( قد يكون امير حرب او امير قبيلة) او معمم( قد يكون مؤمن او كلاوجي) او شيخ( قد يكون شيخ عشيرة او شيخ دين او شيخ طريقة!) او ثري (قد يكون عصابجي او حرامي او ارهابي او بالوراثة) لا اقصد الجميع فلو خُليت قُلبت، لكننا نتحدث عن الاغلبية التي تعطي الصفة العامة للبرلمان، ليس الاغلبية البرلمانية، بل اغلبية النوع الاعوج الخائب او الالواح الادمية الموضوعة على مقاعد البرلمان من نساء او رجال، لقد ارتضوا ان يكونوا مجرد ارقام يحتاج لها في فترات التصويت او لاكمال النصاب، حتى ان رئيس البرلمان المطرود والمعاد على مضض وفق برنامج الحسنات والصدقات والمحاصصات الطائفية، يعرف هذه الحقيقة، ويتعامل مع الجميع وفقها، فلا يعطي الكلام الا لبضع افراد كلامهم هو المتبع والماخوذ به ولا يهمه ان اختلف طرح هذا النائب عن رئيس الكتلة او المجموعة، فطز بالنائب مثل ما قال المشهداني عدة مرات بكل جلافة وصلافة، فكل الامور محسومة باجتماع رؤساء الكتل، وما البرلمان الا ديكورا في بيت المساكين.

    في كل المنعطفات والاتفاقيات السياسية الهامة كان البرلمان ليس بالمُشرًع انما الباصم، والاختلافات بين النواب ربما تكون في عدد الاصابع الباصمة، قد يكون النائب باصم بالعشرة او باصم بالتسعة.

    واذا كان رؤوساء الكتل هم من يتخذ القرارات الهامة ويشرعها ويتفق عليها ويوعز على التصويت لصالحها، فما فائدة التصويت السري اذا كانت له فائدة على الاطلاق.؟

    واذا لم يكن النائب صادقا مع نفسه، ولم يكن شجاعا ، وانه ثور الله بارض الله ، فهل نتوقع منه التحلي بالاقدام والجراة والمخاطرة بمنصبه بالتصويت عكس ما يشير به رؤسائه واصحاب الفضل عليه، الذين ادخلوه في القائمة كما ادخل نوح في سفينته من كل صنف اثنين.؟

    واذا كانت مسالة الخجل او الخوف من الطرد من القائمة الانتخابية هو الذي يمنع النائب من التصويت وفقا لقناعاته، وان التصويت السري هو الكفيل باطلاق يده وتقوية جنانه والتصويت لصالح خصومه في الكتلة المنافسة، فما راي السادة اصحاب المقترح بمخاطر وامكانية الرشاوى والهدايا الثمينة والعطايا المالية التي تجعل اللعاب يسيل من افواه بعض النواب.؟

    الا يدرك هؤلاء البرلمانيون انهم ليس سوى تلاميذ كسالى في الصف الاول من مدارس الديمقراطية، وان عليهم تعلمها وفهمها ومعايشتها وتطبيقها فيما بينهم قبل ان يطالبوا بأي شئ اخر، وان الناس التي اوصلتهم الى مناصب البحبوحة والنوم على الكراسي يجب ان تعرف كل شئ عن تصرفاتهم السياسية لا لشئ لكن من اجل ان تقطع اصبعها عضا ندما على سوء الاختيار.

    وماذا عن الشفافية البرلمانية، وماذا عن المناقشات العلنية، وماذا عن ضرورة وقوف النائب ضد كتلته وضد طائفته وضد مجموعته اذا كان القرار ضد مصلحة الشعب.؟

    كيف للناس التعرف على جهود النائب وشجاعته ومواقفه ونضاله البرلماني اذا كان في ساعة الحسم يخفي نفسه تحت برقع التصويت السري كاي خاطئة حذرة من الاكتشاف.؟

    كيف تستطيع الناس ان تحكم على خطا اختيارها او صحته ان لم يكن البرلمان علنيا في مناقشته وفي طروحاته وفي تصويتاته، ام ترى اصبح البرلمان ملكية اخرى مثل القصور التي استولى عليها الاباطرة الجدد، لا يحق للمواطنين حتى رؤيتها من بعيد؟

    وكما شاهد الناس على شاشات التلفزة ايام البث المباشر، قبل الحجر على وسائل الاعلام ومراقبتها ومطاردتها، ان بعض الاعضاء يتلفت يمينا ويسارا ثم يعيد النظر، عيناه كعيني العصفور تراقبان كافة الاتجهات للتاكد اذا كانت اليدان مرفوعتان صحيحا او خطأ.

    فهل يمنع مثل هؤلاء وان كان التصويت سريا من سؤال مرؤوسيهم: ها سيدنا شدقول اصوت بنعم لو لا. على سبيل الاستخارة وليس بسب عدم الفهم والعياذ بالله!!!

    ان التصويت السري في عراقنا الحاضر معناه تخلي البرلمان عن ارادته عن تمثيله للشعب عن اراء اعضائه واعطاء الكلمة الاخيرة الى الرئاسة التي تمثل المحاصصة بشكلها الواضح الذي لا يقبل الخطا وهي ايضا تمثيل واضح للكتل، شيعي،كوردي، سني. فاذا كان عدم الثقة بالنائب بانه يصوت مراعيا للكلتة او الرئيس، فكيف لنا ان نثق ايضا بلجنة الرئاسة وانها لا تتلاعب بالنتائج مسبقا.

    واذا استطاع الارهابيون اختراق نظام الامن البرلماني واستطاعوا ادخال سيارات مفخخة وعبوات ناسفة الى المنطقة الخضراء والى البرلمان، فهل يصعب على هؤلاء او على الاطراف ذات المصلحة المعينة من التلاعب بشبكة البرلمان الكمبيوترية في وقت التصويت وتعديل النتائج وفق مصلحتها الخاصة.؟

    الاغرب ان هناك توجه وموافقة مبدئية لقبول مقترح التصويت السري بينما مسوغاته عبارة عن اتهمات للنواب بالجبن والرعونة والنفاق، ولم يحتج اي عضو على هذه الاتهامات والانتقاصات من شخصية النواب، فهل يعني هم كذلك.؟

    فات اصحاب افضلية التصويت السري بان بعض النواب الشجعان صوتوا بالضد من قائمتهم وتكتلهم الانتخابي على سبيل المثال الاستاذ حميد موسى والسيدة صفية السهيل و القاضي وائل عبد اللطيف وضربوا توجهات علاوي عرض الحائط، وفي المواقف الحاسمة من قائمة التوافق بقى وزير الدفاع في منصبه رغم كل الحملة العدائية الموجهه ضده ورجع بابان الى وزارته غير آبه بكل التخرصات والاتهامات.
    التعليقات
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media