حقائق جديدة في تحقيقات حادث المدمرة الأميركية كول.. النشيري وبن عطاش محتجزان لدى واشنطن.. والبدوي العقل المدبر للعملية نجح في الفرار من السجن اليمني
    الأثنين 5 مايو / أيار 2008 - 02:56:11
    -- --
    واشنطن: كرايج ويتلوك «واشنطن بوست» -  بعد مرور قرابة ثمانية أعوام على حادث تفجير تنظيم القاعدة للمدمرة الأميركية يو. إس. إس. كول، ما أسفر عن مقتل 17 بحارًا أميركيًا، فإن جميع المدانين المتورطين في الهجوم إما تمكنوا من الهرب أو أطلقت السلطات اليمنية سراحهم.

    يذكر أن جمال البدوي، اليمني الذي ساعد في التخطيط للهجوم، نجح في الفرار من السجن مرتين.ورغم إعادة القبض عليه في المرتين، أطلقت الحكومة سراحه سرًا بعد ذلك في الخريف الماضي. ثم احتجزته السلطات اليمنية مجددًا بعد تلقيها شكاوى من واشنطن، لكن المسؤولين الأميركيين غير واثقين من أنه ما زال محتجزًا، ما دفعهم للمطالبة بحق إجراء عمليات تفتيش مفاجئة.
    من ناحية أخرى، تم إلقاء القبض على مشتبهين آخرين، تم وصفهما بأنهما كانا من العناصر الرئيسة في تنظيم التفجير، خارج اليمن وجار احتجازهما الآن في معسكر غونتانامو بكوبا. ولا تزال السرية مفروضة على الكثير من تفاصيل تورطهما بالحادث. ولم يتضح بعد ما إذا كانت ستجري محاكمتهما من جانب المؤسسة العسكرية. ويعتبر انهيار التحقيقات في حادث المدمرة كول بمثابة دراسة حالة لفشل الحكومة الأميركية في تقديم عملاء القاعدة وقادتهم أمام العدالة للقصاص منهم فيما يخص واحدة من أفدح الهجمات التي تعرضت لها أهداف أميركية على امتداد العقد الماضي. جدير بالذكر أنه بعد أسبوع من وقوع التفجير، تعهد الرئيس بيل كلينتون، بالقبض على مدبري الهجوم. وفي مارس 2002، قال الرئيس بوش إن إدارته تتعاون مع اليمن للحيلولة دون تحوله إلى ملاذ للإرهابيين.

    بيد أنه منذ ذلك الحين، رفض اليمن ترحيل جمال البدوي، وأحد شركائه إلى الولايات المتحدة، حيث تمت إدانتهما بارتكاب جرائم قتل. أما العناصر الأخرى المدبرة للهجوم، فتم إطلاق سراحهم بعد قضاء عقوبة السجن لفترات قصيرة. واتجه منهم اثنان على الأقل إلى العراق لتنفيذ هجمات انتحارية هناك، بينما لا تزال القاعدة تشيد حتى اليوم بالهجوم ضد كول باعتباره أحد أعظم انتصاراتها العسكرية. ورغم الوعود الأولى بتحقيق الشفافية، لم يتم إجراء سوى عدد محدود من التحقيقات العامة داخل واشنطن، على النقيض من التحقيقات الموسعة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001. ولا تزال التساؤلات قائمة حول هوية الأفراد والدول التي لعبت دورًا في الحادث.

    من جانبهم، اعترف بعض المسؤولين بأن الأولوية السياسية للاستمرار في التحقيق بشأن هجوم كول تراجعت بمرور الوقت، لتولي إدارة جديدة مقاليد الحكم بعد ثلاثة شهور من الهجوم، ثم جاءت هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي اليوم التالي لوقوع الهجوم، وصلت طائرة محملة بعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى عدن، لكن سرعان ما واجهوا مقاومة من جانب المسؤولين اليمنيين الذين لم ترق لهم فكرة عمل أجانب على أراضيهم وإصدارهم إليهم الأوامر بما ينبغي أن يفعلوه. ومن الواضح أن حادث كول سبب حرجًا سياسيًا بالغًا لليمن الذي ألح على الأسطول الأميركي لاستخدام ميناء عدن كمحطة لإعادة التزود بالوقود. وباعتباره واحدًا من أكثر الدول العربية فقرًا، لم يكن اليمن مستعدًا لبعض مطالب مكتب التحقيقات الفيدرالي. في هذا السياق، أوضحت باربرا كيه. بودني، السفيرة الأميركية لدى اليمن، أن هذه بلاد لا تعلم حتى عن بودرة رفع بصمات الأصابع، والآن يتعاملون مع أكثر وكالات تطبيق القانون تعقيدًا على مستوى العالم. وأضافت بودني أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وثق ببطء في السلطات اليمنية، وتكتم معلومات حتى عن السفارة الأميركية هناك، ما أعاق سير التحقيقات. ووصفت السفيرة الحكومة اليمنية بأنها متعاونة بصورة عامة، لكنها استطردت أن بعض المسؤولين بالتأكيد لم يستسيغونا.

    ومن الحطام الذي خلفه الحادث، سرعان ما تمكن المحققون الأميركيون واليمنيون من تحديد قائد مدبري الهجوم، عبد الرحيم النشيري، وهو مواطن سعودي من أصول يمنية عمل زعيمًا لعمليات القاعدة داخل شبه الجزيرة العربية. في ذلك الوقت، أصرت السلطات اليمنية على أن النشيري فر من البلاد قبل هجوم كول، لكن مسؤولا يمنيا كبيرا نفى ذلك ونجح محققون يمنيون في تحديد مكان النشيري في مدينة تياز الواقعة على بعد 90 ميلاً شمال غربي عدن. واعترف المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن هويته تحسبًا لتعرضه للانتقام، بأن النشيري قضى عدة شهور في تياز، حيث تمتع بحماية حكومية رفيعة المستوى.

    وقال المسؤولون الأميركيون إنه في نهاية الأمر، فر النشيري من اليمن للإعداد لهجمات أخرى ضد واشنطن بمنطقة الخليج. وتم إلقاء القبض عليه في الإمارات في نوفمبر 2002 وتسليمه إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وتم احتجازه في شبكة من السجون السرية الخارجية التابعة للوكالة حتى تم نقله إلى غونتانامو في سبتمبر 2006. وبعد محاكمة استمرت لفترة طويلة، قضت محكمة يمنية بإعدام البدوي عام 2004، ثم تم تخفيف الحكم بعد الاستئناف إلى السجن 15 عامًا. وصدرت أحكام ضد أربعة متآمرين آخرين بالسجن لفترات تتراوح بين 5 و10 سنوات. وتم إرسال المدانين إلى سجون ذات إجراءات أمنية مشددة في صنعاء، لكنهم لم يبقوا هناك طويلاً.

    في 3 فبراير 2006، أعلن مسؤولو السجون اختفاء 23 من أعضاء القاعدة، بينهم غالبية المتهمين في هجوم كول. وتمكن السجناء من الهرب من خلال حفر نفق بطول 300 قدم. كانت تلك هي المرة الثانية التي يهرب فيها البدوي من السجن، فقبل ذلك بثلاث سنوات، تمكن من الفرار من سجن آخر ذي إجراءات أمنية مشددة.

    استسلم البدوي بعد قرابة 20 شهرًا من هروبه الثاني. إلا أن السلطات اليمنية عقدت معه صفقة سمحت له بمقتضاها بالبقاء حرًا مقابل مساعدتهم في البحث عن الهاربين الآخرين التابعين للقاعدة. تم الإبقاء على هذا الاتفاق سرًا حتى نشرت الصحف اليمنية في أعقاب ذلك بفترة قصيرة نبأً حول رؤية البعض للبدوي في منزله في عدن. من ناحيتهم، أكد المسؤولون الأميركيون أنهم شعروا بصدمة بالغة إزاء هذا الأمر. يذكر أنه في أعقاب هروبه الأول، أدانت محكمة أميركية في نيويورك البدوي بالتورط في هجوم كول، وأعلنت واشنطن مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل إلقاء القبض عليه. إلا أن المسؤولين الأميركيين لم يتمكنوا من إسقاطه في قبضتهم.

    وعليه، سحبت واشنطن 20 مليون دولار من مساعداتها إلى اليمن وألغت زيارة وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس للبلاد. وقال المسؤولون اليمنيون إنهم سرعان ما أعادوا البدوي للسجن، إلا أن التقارير الواردة من هناك تؤكد أن مسألة احتجازه لا تزال مسألة يجري البت فيها يومًا بيوم. وفي ديسمبر الماضي، أشارت صحيفة يمنية إلى أن البدوي شوهد يتجول بحرية في أحد الأماكن العامة. بينما صرح مصدر مقرب من تحقيقات كول بأنه ليس ثمة دليل يؤكد السماح للبدوي للدخول والخروج من السجن.

    وفي الفترة الأخيرة، جدد المسؤولون الأميركيون مطالبهم بترحيل البدوي بحيث تتم محاكمته في نيويورك. وسافر إلى صنعاء روبرت مولر، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، لنقل الرسالة شخصيًا إلى الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح. إلا أن اليمن رفض، متعللاً بحظر الدستور ترحيل مواطنين للخارج. من ناحيته، علق وزير الخارجية اليمني، أبو بكر القربي على الموقف، قائلاً: للأسف، بات الوضع الآن متأزمًا. وأضاف القربي أن الخلاف يتسم بحساسية سياسية، خاصة وأن الكثير من اليمنيين يعارضون مساعدة إدارة بوش.
    التعليقات
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media