مسؤولون أميركيون: واشنطن لا تملك موارد كافية لمواجهة التهديدات الإرهابية في اليمن
    تعتزم إنفاق 63 مليون دولار مساعدات لها هذا العام.. لكن الرئيس اليمني قد يشكل عقبة كبرى
    الأحد 10 يناير / كانون الثاني 2010 - 11:23:14
    -- --
    واشنطن: مارك لاندلر «نيويورك تايمز» - في الوقت الذي تواجه فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أحدث التهديدات الإرهابية في اليمن، تواجه جهودها الدبلوماسية والتنموية عقبات تتمثل في نقص الموارد وقلة الخبرة الداخلية وتاريخ مشحون مع رئيس يمني في غاية التردد بشأن المساعدة الأميركية.
    وأشار مسؤولون بالإدارة إلى أنهم ركزوا على اليمن منذ اليوم الأول للرئيس أوباما في الحكم باعتبارها أحد معاقل الإرهاب الإسلامي. وقد رفعت الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية إلى هذه الدولة ثلاثة أضعاف مقارنة بمستويات عام 2008 وتعتزم إنفاق ما يصل إلى 63 مليون دولار على اليمن العام الحالي.

    بيد أنه وفقا لجميع الحسابات، يعد هذا المبلغ متواضعا بالنسبة لدولة شكلت تهديدا مركزيا مفاجئا على ساحة السياسة الخارجية، إذ يساوي تقريبا نفس القيمة التي ترسلها الولايات المتحدة إلى صربيا. وتوضح ضآلة المبلغ مدى الضغوط التي تواجهها الولايات المتحدة على جبهة السياسة الخارجية، والصعوبة التي تواجهها في التوسع في استخدام مواردها خارج نطاق الحروب في العراق وأفغانستان.

    ولا تشكل المساعدات العسكرية الاستخباراتية، التي اتضحت في الضربات الجوية الأخيرة على مواقع التدريب التابعة لـ«القاعدة»، النطاقات التي ينبغي على الإدارة التعامل معها في اليمن بل ينبغي أن تطور الإدارة خطة متماسكة للتعامل مع الفقر المدقع والفساد المستشري في اليمن، بحسب ما ذكره دبلوماسيون سابقون وخبراء من خارج البلاد، يقولون إن هذه المشكلات هي السر في انجذاب الإرهابيين إلى اليمن.

    وقال إدموند جيه هول، السفير الأميركي لدى اليمن خلال الفترة من عام 2001 حتى 2004، «لا أعتقد أن لدينا استراتيجية للتعامل مع اليمن؛ لكن أعتقد أن لدينا بعض الاستجابات. وهناك صعوبة في التعامل مع ذلك نظرا لأن المشكلات التي تعاني منها اليمن ضخمة للغاية لدرجة أنك تتوقف تقريبا قبل أن تبدأ».

    وفي وزارة الخارجية الأميركية المثقلة بالأعباء، لا يوجد سوى عدد قليل من الخبراء في الشأن اليمني مقارنة بثلاثين شخصا من تسع وكالات حكومية تم تخصيصهم فقط لريتشارد هولبروك، المبعوث الخاص للإدارة في أفغانستان وباكستان. وقد اتضحت محدودية رؤية واشنطن في اليمن يوم الخميس الماضي عندما أعلن كبير المستشارين في مجال مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض جون أوبرنان الذي عمل رئيسا لإحدى محطات وكالة المخابرات المركزية الأميركية في المملكة العربية السعودية، ويوصف بأنه أحد المسؤولين الأكثر اطلاعا بالشأن اليمني في الإدارة الأميركية، عن المفاجأة بأن «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية تمتلك القدرة على تنفيذ مؤامرة ضد طائرات الركاب الأميركية.

    وقال مايكاه زنكو، من مجلس العلاقات الخارجية: «لا يتعلق الأمر بكون اليمن الدولة الأكثر غموضا في العالم ولا تتوافر معلومات عنها، بل على الفرد التساؤل عن سبب عدم بذل المزيد من الجهود في القريب العاجل».

    وقالت وزارة الخارجية إنها قررت تكثيف مشاركتها في اليمن حتى قبل الهجوم الفاشل يوم 25 ديسمبر (كانون الأول) على طائرة الركاب الأميركية. ففي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقعت الولايات المتحدة اتفاقية مع الحكومة اليمنية بشأن «برنامج تحقيق الاستقرار» بقيمة 120 مليون دولار ويستمر لمدة ثلاثة أعوام، وتم وضع هذا البرنامج لتوفير الوظائف وتحسين الخدمات الصحية والخدمات العامة الأخرى بجدول زمني معجل.

    وقالت جانيت ساندرسون، مساعدة وزيرة الخارجية التي تشرف على العلاقات مع اليمن: «لقد أردنا وضع حزمة من المشروعات ذات التأثير السريع لإعطاء الناس شعورا بأن حياتهم تتحسن». يذكر أنه في أعقاب تفجير المدمرة «كول» التابعة للبحرية الأميركية في اليمن عام 2000، بذلت الولايات المتحدة جهدا مماثلا. فإلى جانب التركيز على عمليات الإرهاب، ساعدت وزارة الخارجية على تمويل مشروعات مثل العيادات الطبية على الطريق السريع غير الممهد بين العاصمة صنعاء ومدينة مأرب التي تقع في منطقة نائية تتجمع فيها قوات «القاعدة».

    وأوضح هول أن تحسين الرعاية الصحية من الوسائل المهمة لجعل اليمنيين أقل استجابة لـ«القاعدة» والمتطرفين الآخرين. وأشار إلى أن الولايات المتحدة في الماضي ركزت مساعداتها الاقتصادية على المناطق المؤثرة سياسيا مثل صنعاء وعدن، التي جرى فيها الهجوم على المدمرة كول. وقال المسؤولون إنه في الفترة من عام 2002 حتى عام 2004 كانت عناصر «القاعدة» في موقف دفاعي. بيد أن علاقات واشنطن مع اليمن شابها التوتر عقب هروب عدد من المشتبه في انتمائهم لـ«القاعدة» من أحد السجون في صنعاء عام 2006. وبعد إطلاق سراح أحد العناصر النافذة في «القاعدة» عام 2007، علقت الولايات المتحدة المساعدات التي كان من المفترض أن تحصل عليها اليمن من خلال برنامج تحدي الألفية.

    وقال هول: «حدث هذا التحول والتدهور في العلاقات. وحولنا أبصارنا عن الخطر الرئيسي».

    وبحلول عام 2008، تقلصت المساعدات غير العسكرية إلى اليمن إلى أقل من 20 مليون دولار، في الوقت الذي تلقت فيه أفغانستان مساعدات غير عسكرية مقدارها 2.7 مليار دولار سنويا، أما باكستان والعراق فمن المتوقع أن يحصلا على 1.5 مليار دولار و500 مليون دولار على الترتيب.

    وقامت الإدارة بمضاعفة المساعدات الاقتصادية الموجهة إلى اليمن العام الماضي، لكن بحسب ما أشارت باربارا كيه بودين، سفيرة سابقة للولايات المتحدة في اليمن، فإن المبلغ «يمثل 1.6 دولار لكل يمني». وأضافت أن «ذلك لن يساوي حتى سعر فنجان من القهوة في اليمن؛ بلد البن».

    وأشارت بودين، التي أرسلت إلى اليمن إبان تفجير المدمرة كول، إلى أنه حتى في ظل زيادة الالتزام، لا تزال المساعدات الأميركية تميل على نحو مفرط إلى الدعم العسكري، وجزء منه سري. وأضافت أنه بمرور الوقت استطاع ذلك تقويض الكفاح من أجل الديمقراطية في اليمن.

    وقالت بودين «إذا رأوا ديفيد بترايوس (القائد العسكري) أكثر من رؤيتهم كاثلين سبليوس (وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية)، فإننا نواجه مشكلة».

    ويقر مسؤولون في وزارة الخارجية بأن الولايات المتحدة لديها موارد محدودة بالنسبة لليمن، إلا أن التركيز الشديد على هذا البلد، قد يزيد هذه الأرقام. لكنهم يتساءلون هل سيتم استخدام مزيد من أموال المساعدات بفاعلية، وذلك نظرا لاستشراء الفساد هناك. وكما هو الحال، توجه الولايات المتحدة معظم الأموال الخاصة بها من خلال المنظمات في الخارج مثل منظمة «كير».

    كما يقول المسؤولون إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكون واقعية بشأن ما يمكن فعله في اليمن، مع الأخذ في الاعتبار قائمة طويلة من المشكلات تشمل نقص إمدادات المياه وانخفاض احتياطيات النفط والحركات الانفصالية في الجنوب وأعمال التمرد الواسعة في الشمال وارتفاع معدل البطالة بين الشباب.

    وخلال خطاب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسبوع الحالي بشأن استراتيجية التنمية، قاربت من وصف اليمن بالقضية الخاسرة. وقالت «في الدول التي تعد حاضنة للتطرف، مثل اليمن، تكون الخلافات كبيرة. لكن تكلفة عدم القيام بأي شيء يحتمل أن تكون أكبر بكثير». وقد تكون العقبة الأكبر أمام المساعدات هي الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح. ففي الوقت الذي قال فيه مسؤولون أميركيون إنه بدا عازما على اجتثاث عناصر «القاعدة»، فإن عزيمته تلاشت بمرور الوقت، معتمدا في ذلك على حسابات ما إذا كان الإسلاميون المتطرفون يمثلون تهديدا أم نفعا بالنسبة له. كما يشعر الرئيس اليمني بالقلق إزاء أن ينظر إليه على أنه على علاقة وثيقة بالولايات المتحدة.

    تتلقى اليمن مساعدات من المملكة العربية السعودية بما يقدر بنحو مليار دولار، كما أن للإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وألمانيا علاقات قديمة مع اليمن. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية عن صالح «لم يكن دائما متحمسا بشأن الدعم الأميركي». وتابع «هذا سبب إضافي لتغليف ذلك بدعم دولي أوسع. إن ذلك يجعل الأمر أكثر سهولة بالنسبة له من الناحية السياسية».
    التعليقات
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media