التوجه الى صانعي القرار
    الثلاثاء 18 أغسطس / آب 2015 - 23:52:02
    ليندا منوحين عبد العزيز
    رسالة غريبة المطلب انتظرت كلا من بيبي نتنياهو وافيغدور ليبرمان في الايام الاخيرة. ولاشك ان اثار الدهشة بدت على سمات المسؤولين لدى قراءة فحواه. هذا الاسبوع تدوالت الصحافة الاسرائيلية موضوع اختيار مندوب دائم لاسرائيل في الامم المتحدة خلفا للمندوبة الحالية، البروفسورغبريئلا شليف، استاذة في القانون، لدى انتهاء مهامها في الصيف المقبل . هذا الموضوع كان محور نقاش بين بيبي وليبرمان اذ كل منهما يحاول ان يرجح كفته. رئيس الحكومة يميل الى تفضيل مرشحه دوري غولد الذي سبق وان تقلد هذا المنصب في الفترة ما بين 1999-1997، باعتباره حامي الحمى. اما مرشح وزير الخارجية فهو الون بينكاس، دبلوماسي محنك، شغل العديد من المناصب الدبلوماسية في الغرب بضمنها الولايات المتحدة. على هذه خلفية بادرمنتدى شرق اوسط حكيم بتوجيه طلب، يحمل تواقيع العديد من السفراء المتقاعدين ومستشرقين و اساتذة في الجامعات بضمنهم ،وبكل تواضع توقيعي، مطالبين ان يكون المرشح للمنصب ملما باللغة العربية والثقافة العربية على حد سواء. هذا المطلب يستهدف بالدرجة الاولى توجيه الانظار وتعميق الوعي لاهمية كون المرشح مستشرقا يفهم قواعد اللعبة في المنطقة بدلا من ان يكون ملما بالشؤون والثقافة الامريكية كما كان متعارفا عليه حتى الآن.

    منتدى شرق اوسط حكيم
    يتوخى منتدى شرق اوسط حكيم، الذي انتظم قبل اقل من عام، التاثير على سياسة الحكومة وتشجيعها على المرونة بدلا من التقولب في اطار معروف ومتداول. ولا يساورنا شك في ان هذه المحاولة- وهي الاولى من نوعها في هذا الاتجاه- لن تصب المرمى من اول ضربة، ولكنها ستثير جدلا ربما في الاوساط السياسية، سيما وان عددا من الموقعين اشغلوا مناصب سفراء في دول عربية ولديهم بما يكفي من التمرس والخبرة في هذا المضمار. ان تجربتي في استحداث تصورات جديدة تعود الى منتصف التسعينات اثر المصافحة التاريخية بين رابين وعرفات. كنت اول من طرح اقتراحا لاستحداث دائرة اعلامية لخدمة الصحافة العربية داخل اسرائيل وخارجها. وهنا ايضا عقد العديد حواجبهم، سيما وان جل اهتمام السياسيين في اسرائيل منصب على الصحافة العبرية التي تبلور المواقف لدى الراي العام، كما هو دارج في الانظمة الديمقراطية وتؤثر في نهاية المطاف على اعادة انتخاب السياسيين. وكم استغربت عندما سمعت منذ عهد بعيد ان هناك وزراء يبدأون بقراءة الصحف قبل طلوع الفجر لمعرفة الاتجاه الذي تشيراليه بوصلة شعبيتهم!
    في نهاية المطاف وبعد حوالي سنتين نجحت محاولاتي في استحداث دائرة اعلامية للصحافة العربية فتحت افاقا جديدة بوجه الصحفيين العرب في الداخل والخارج على حد سواء. وتمكن الصحفيون ان يشاهدوا بام عينيهم، على سبيل المثال لا الحصر،عملية مداهمة قامت بها قوات الشرطة على اوكار تجار المخدرات في القدس، في وقت كانوا يجهلون مساعي الشرطة والتعقيدات التي تواكب عملها. اضف الى ذلك تسنى للصحافة العربية ان تتوجه بصورة مباشرة الى صانع القرارالاسرائيلي وتوجيه الاسئلة اليه، حتى المحرجة منها، دون اي تردد. اما اليوم فهناك العديد من الدوائر الحكومية التي خصصت ناطقا اعلاميا يجيد العربية للاهتمام بالصحافة العربية.

    مبررات لمستشرق في المنظمة الدولية
    وسعت وسائل الاعلام الاسرائيلية من خلال مقابلات صحفية اجرتها مع عدد من اعضاء المجلس الاداري لمنتدى شرق اوسط حكيم الى تفهم المنطق من وراء المطلب تعيين مستشرق في الامم المتحدة. ويمكن تلخيص ذلك بسببين: الاول ان منظمة الامم المتحدة تحتل مكانة مرموقة لدى الدول العربية، فلا عجب ان تتواجد فيها شبكة كبيرة من اجهزة الاعلام العربية التي توفر تغطية واسعة النطاق يستطيع من خلالها المستشرق التوجه مباشرة الى الشعوب العربية برسالة واضحة ولغة عربية فصيحة. اما السبب الثاني فأن المداولات غير الرسمية بين الدول الاعضاء تجري في اروقة الامم المتحدة، الامر الذي يزيد من فرص الحواربين السفير الناطق بالعربية وبين مندوبي الدول العربية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا على المرشح ان يتميز بهذه الصفات ما دام السفراء العرب يجيدون الحديث باللغة الانكليزية؟ هذا السؤال بحد ذاته هو تحجيم لفلسفة المستشرق الذي يستطيع ان يفهم ويتعاطف مع العقلية العربية وان يدرك القيم والمبادئ المبنية عليها هذه الحضارة. ان معظم السفراء الدائمين الذين انتدبتهم اسرائيل للمنظمة الدولية كانوا يفهمون العقلية الامريكية اكثر من فهمهم للعقلية والحضارة العربية وقل من كانوا يجيدون اللغة العربية باستثناء ابا ايبان الذي تالق نجمه في الحلبة الدولية وشغل منصب السفير الدائم في الفترة ما بين 1949-1959.

    وتغيرت الاحوال...
    تمتد جذور التصورالرسمي للحكومة الاسرائيلية الى الثقافة الغربية التي نشأ عليها الساسة الاسرائيليون وكون اسرائيل، في بداية عهدها، في حالة مواجهة مع الدول العربية. غير ان صورة الوضع تختلف اليوم، فالعدو المشترك لاسرائيل والدول العربية هي ايران التي تحاول تقويض الانظمة الحاكمة عن طريق تصدير الفتنة والارهاب. بعد اكثر من ستين عاما على تأسيسها، آن الاوآن ان تستفيق اسرائيل بعد المشوار الطويل الذي قطعته هي والدول العربية على حد سواء. فمن ناحية ادركت الدول العربية ان اسرائيل ليست بسراب وهي حقيقة قائمة لا يمكن تجاهلها بل وحتى بالامكان التعاون معها لخدمة المصلحة العامة. ومن ناحية ثانية يمكن لاسرائيل اليوم ان توسع العدسة التي تنظر من خلالها الى الدول العربية كشعوب لها حضارة عريقة وقيم متميزة لا حصر لها. وبغية التعايش في المنطقة فهي احوج ما تكون الى توعية مستمرة للاقتباس والتاثر بالحضارة العربية المحيطة بها. فأن اضاءة شمعة افضل من لعن الظلام الدامس.

    ليندا منوحين عبد العزيز
    عضو مجلس ادارة منتدى شرق اوسط حكيم. بلوغ
    www.lindacoach.blogspot.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media