طقوس عراقية اصيلة.. المراسيم والشعائر الحسينية
    الثلاثاء 7 فبراير / شباط 2012 - 23:38
    مازن لطيف
    يمتد بعض الطقوس والعادات التي تشكل الهوية الثقافية العراقية الى قرون متعددة ما يكسبها رسوخا وعمقا ويجذرها في التكوين الثقافي العراقي لتصبح جزءا من ثقافة الصورة المرتبطة بالمعتقد الديني ويسهم التكرار والطبيعة الدورية لاستحضارها وتماهيها مع ثقافات اخرى لجماعات قومية او دينية في تشكيل الهوية الوطنية للبلد. ان المواكب الحسينية وشعائر العزاء وكل الادبيات المرافقة لها تمركزت في اللا شعور الجمعي العراقي (بصرف النظر عن الدين اوالمذهب) وذلك لاعتبارات متعددة يأتي في مقدمتها ان ارض العراق هي المكان الذي جرت عليه معركة كربلاء ومن هنا فان مراسم العزاء وشعائره ومواكبه وان جرى ما يمثلها في دول المنطقة الا ان لها خصوصية عراقية واضحة ولعل اوضح مثال على ذلك استخدام اللهجة العراقية في الطقوس الحسينية التي تقام خارج العراق وقد اصبحت مع مرور الزمن من المألوفات في الحياة العراقية يشترك فيها العراقيون من كل الاديان والمذاهب.

    المواكب الحسينية
    تعود فكرة المواكب الحسينية في العراق الى زمن استشهاد الامام الحسين (ع) وحسب المصادر التاريخية فان المختار الثقفي الذي قاد ثورة التوابين للثأر لدم الحسين (ع) واولاده واصحابه الذين كانوا معه هو اول من اقام احتفالات تأبينية في بيته في الكوفة بمناسبة عاشوراء ويذكر ان الشيعة الاوائل كانوا يجتمعون في شهر محرم في احد بيوت الائمة من اهل البيت او اصحابهم. ظهر اسم (النائح) في القرن الثالث الهجري ثم تطورت النياحة الى قراءة مقتل الحسين ثم اطلق على النائح اسم القارئ او القراء وانتشرت المواكب الحسينية في العراق في زمن البويهيين وقد جعل معز الدولة اقامة هذه المراسيم سنوية في بغداد حيث تخرج المواكب المصحوبة بالاعلام والموسيقى.بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 اعلنت الحكومة العراقية يوم العاشر من محرم عطلة رسمية واقامة مراسيم العزاء والمواكب بمناسبة يوم استشهاد الحسين (ع) وقد اهتم الملك فيصل الاول بهذه المراسيم وتبرع بمبالغ مالية لبعض المواكب الحسينية كما حضر في العديد من المواكب والمجالس التعزية الحسينية.بدأ المواكب في كل مدينة ومحلة ويجري التحضير لها مسبقا بتهيئة الاعلام وتوفير الطعام والشراب وغيرها من متطلبات الموكب ويتفرع من الموكب الرئيس عدة مواكب وكل موكب يسمى بالمجموعة التي تسير في الموكب فمثلا هناك موكب الحدادين وموكب النجارين والصباغين او يسمى باسم المنطقة فهناك موكب باب الشيخ وموكب الحيدر خانة مثلا او باسم العشيرة او الفخذ، وهكذا.. ولكل موكب مسؤول او منظم يدير الموكب فضلا عن شاعر او رادود لكل موكب.. يتقدم الموكب حاملو الاعلام والرايات البيض المخضبة بالدماء.. وفي اعلى الراية ينقش اسم الموكب.. وتحمل بعض المواكب تابوتا رمزيا للدلالة على نعش الحسين (ع) ويتبعها العديد من الخيول يتقدمها الفرس الرمزي للامام الحسين (ع). وعادة وهو المتعارف عليه بعد نهاية المواكب وبعد عودتهم الى مقارهم وبيوتهم يقومون بترديد هوسات شعبية للتعبير عن الاعتزاز بالحسين (ع) والعباس (ع).

    التشابيه
    التشابيه (التشبيه) كلمة عربية شبه الشيء اي تشبه به (والتشابيه لها جذور تاريخية قديمة قدم التشيع في العراق ونشأت مع ثورة المختار (ثور التوابين) وانتشرت في زمن البويهيين وهي عبارة عن عرض تمثيلي لما تعرض له الحسين (ع) واهل بيته واصحابه بلغة مبسطة من اجل تصوير وقائع ما جرى في كربلاء من ظلم ففي هذا الطقس الديني ينقسم الممثلون الى مجموعتين، جيش الحسين وبقربهم خيامهم المتميزة برايات خضر اما في الجانب الاخر فيكون جيش الخليفة الاموي براياته الحمر حيث يتقمص كل شخص باتقان الدور المنوط به ويتفاعل معه وجدانيا يوزع الخطيب او منظم التشبيه الادوار بالاعتماد على النصوص التاريخية ثم تبدأ المبارزات الفردية على الخيول التي تكون من ضمن ديكورات التشابيه فضلا عن الرماح والسيوف والرايات والخيام والنساء والاطفال يتقدم انصار الحسين واحدا تلو الاخر الى ان يستشهد الامام الحسين (ع) واثناء التشابيه تجري العديد من الحوارات والبكاء واللطم والهوسات ويصل الحماس لدى الجمهور برمي الحجارة على الممثل الذي يؤدي دور الشمر بن ذي الجوشن وهناك كورس للنساء بثياب سوداء ويحملن مناديل بيضاء او سوداء يؤدين دورهن كنائحات في هذه التشابيه تجري التشابيه في اماكن متعددة تكون مفتوحة وواسعة مع جمهور غفير متفاعل ومندمج مع هذه الطقوس الدينية الشعبية التي تقام سنويا.

    الركضة
    يقوم اهالي مدينة طويريج حبا بالحسين واهل بيته وصحبه بركضة سميت (بركضة طويريج) منذ زمة طويل تبدأ من منطقة طويريج الى مدينة كربلاء حيث يجتمع من يسهم في تلك الركضة في منطقة طويريج تنطلق الركضة بعد قراءة المقتل في يوم العاشر من محرم لتنطلق الركضة بالهرولة او السير نحو مدينة كربلاء حيث مرقد الامام الحسين (ع) يتوسطهم شيخ على ظهر الفرس اما اهالي كربلاء فينتظرون الركضة القادمة من طويريج لينضم اليها العديد من الاشخاص من مناطق اخرى.
    والركضة هي استعادة رمزية لواقعة تاريخية تتمثل في اندفاع عدد كبير من الناس لنصرة الامام الحسين من المناطق المتاخمة لكربلاء ووصولوهم متأخرين اي بعد انتهاء المعركة باستشهاد الحسين واهل بيته وصحبه.

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media