هزيمة سركوزى(2012) وقائمة سقوط القادة الاوروبيين وتأثراتها على السياسة الدولية
    الأثنين 7 مايو / أيار 2012 - 20:32
    د. ميلاد مفتاح الحراثي
    اوروبا تُسقط قادتها تباعا:    
    هزيمة الممثل السياسى سركوزى فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم الاحد الماضى من طرف المتحدى الاشتراكى فرانسوا هولاند ادخلت سركوزى ، كما هو كان متوقعا فى عملنا الاخير ألموسوم فرنسا بداءت الانتخابات وسركوزى يخسر اقتصادها" ، أهلهُ سقوطه المتوقع ان ينتعل حذائه وعارضة ازيائه من ترك قصر الاليزية  الى حيث مكانه.

     وسقوطه كان لاسباب اقتصادية منها العجز فى الميزانية وانخفاض الصرف الحكومى على القطاعات الاجتماعية والتى صوتت ضده وازمة الاقتصاد والمال الفرنسى، وعدم احترامه لمشاعر المنتخب الفرنسى من زيجاته البهلوانية وتصرفاته الخارجية. فلقد كانت سياسات سركوزى الخارجية تعتمد على استعراض عضلاته العسكرية والدبلوماسية  وتدخلاته الاستعراضية فى تبعية ووفاق مع الادارة الامريكية.

     وككل الانتخابات الاورويبة كانت الازمات المالية دائما تعصف بالرؤساء الاوروبيين وقذفهم خارج دائرة صنع القرار. وهنا نقدم امثلة كيف مثل تلك الانتخابات لدول وشعوب نثرت جثث رؤسائها الى خارج الملعب السياسى:

     سيلفو بيرلسكونى صاحب مسلسلات الفضائح والمغامرات العاطفية والفساد خرج من السلطة وهو يلعق التراب فى شهر نوفمبر لسنة 2011، ليخلفه التكنوقراطى ماريو مونتى ، الرئيس السابق للممثلية الأوروبية كحكومة تصريف اعمال الى حين انتخابات سنة 2013.

    جورج باباندرويس، الاشتراكي دخل الى السلطة فى اكتوبر سنة 2009 ليعمل كمنقض للاقتصاد اليوناني وخلال فترة تأزم الاقتصاد اليوناني منذ الحرب العالمية ألثانية ولكن مساعده اجبره للخروج من السلطة او وضع سياسات تقشف وانقاض للاقتصاد اليونانى. ولقد تم تعيين لوكاس باباديموس، وفى الاحد الماضى  قرر المنتخب اليونانى معاقبة الحزبين المتنافسين دائما ،ولم يلاحظ  للجولة البرلمانية اى تقدم للحصول على الدعم  من اجل تشكيل حكومة جديدة.

      وفي اسبانيا، اشارت كل التقارير المتعلقة باتجاهات الراى العام الاسبانى، الى نهاية الثقة فى الحكومة وعدم وفائها لعهودها. فمن  اجراءات الحوافز للاقتصاد الاسبانى وسن قوانينها، ادت الى تبنى سياسات تقشفية قاسيه وترك البطالة تحلق فى اجواء الازمة الاقتصادية الاسبانية. الاشتراكى  لويس رويدريقوز زاباتيرو، خرج من السلطة، بعد ان اعتلى على كرسى السلطة ماريانو روخوس المحافظ.

    قولدون براوان، قاد فى فترة انتكاسية خلفا لتونى بلير، عن حزب العمال فى مايو 2010، وهو الذى كان يشغل حقيبة المالية فى عهد بلير، فجاء بعده دافيد كاميرون ليشكل حكومة ائتلافية ولكنها خرجت عن رغبة الناخب البريطانى، ولا يزال كاميرون ينتظر نحبه كاخية بروان.

    بريان كوين، جاء للسلطة فى ايرلندة سنة 2008 بعد ان كان يتولى حقيبة المالية ، ولكنه استقال كقائد لحزب "فاينا" الفاشل قبل اسابيع من شهر فبراير لسنة 2011حيث موعد ألانتخابات ولكنها لم تنقض حزبه، خلال ازمة البنوك الايرلندية وأزمة الاسكان.

    وفى البرتغال وبعد ان طلبت مبالغ اضافية وصلت 80 مليار يورو، الناخب البرتغالى  وبعد شهر من ذلك الطلب قذف بالاشتراكى خوسيه سقراط وخروجه من السلطة فى يونيو 2011، ولا تزال البرتغال تعانى من سياسات التقشف ونتائجها على الاقتصاد والنمو، فى ظل عجزها على تحديث انظمتها المالية والاقتصادية، ودخولها الى هاوية المديونية القاسية.

    حكومة الوسط اليمينية فى الدنمارك خسرت هى الاخرى فى سبتمبر الماضى سلطتها على خلفية سياسات التقشف خلال ازمة مديونيتها، وتم استبدالها بحكومة اليسار الوسط الائتلافى.

    فرنسا ُتكنس الارث السركوزى وهولاند يتمكن من الاليزية:

    وجاء هولاند ليقلب المعادلة السياسية فى فرنسا وتأثيراتها المتوقعة على مجريات السياسة الدولة وسلوك الاتحاد الاوروبى. ففى يوم الاحد 7 من مايو قرر الناخب الفرنسى سحب ثقته من ووعود سركوزى الكاذبة والعاجزة على ادارة شؤون ألبلاد وهذه التأثيرات من المتوقع ان تُحدث بصماتها على ازمة المديونية الاوروبية، والحرب فى افغانستان والدبلوماسية العالمية واعادة تشكيل ادائها.

    إلا هولاند قد يكون غير معروف خارج فرنسا، إلا انه هزم  المحافظين الفرنسيين، والذين اكتسبوا غضب الناخب الفرنسى اثناء ادارتهم لملف الازمة المالية وخيبة امله فى احتواء مطالب الناخبين فى فرنسا للملف الاقتصادى المتأزم.
    هناك جملة من الاسباب قد تفسر مثل هذه النتائج المحبطة للمحافظين الفرنسيين، هولا ند من الممكن ان يشكل مستقبل  17 دولة فى منطقة اليورو، فخطتهُ للأنقاض فى منطقة اليورو تعتمد على تقديم حوافز حكومية من اجل انعاش النمو الاقتصادى. وهو الذى من الممكن ان يفتح الابواب على ازمة المديونية الاوروبية وتشكيل مستقبل كمنطقة اليورو المتأزمة.

    وهولاند سوف يقضى فى الاليزية مدة خمس سنوات لدولة تمتلك حق النقض فى مجلس الامن، وتملك ترسانة نوويه فى حين  كان  سركوزى اكثر صداقة مع المعسكر الامريكى .

    ودبلوماسيا، هولاند اقل معرفة فى الخارج. ولقد كان تاريخ سركوزى دائم الارتباط مع الادارة الامريكية خصوصا فى سياستها مع ايران وسوريا ومصر وليبيا ودوره المُناصر للناتو فى الحرب الليبية، وحضور جيشه فى  افغانستان. وبالمقابل، هولاند يريد احضار ابناء جيشه الى بلادهم من افغانستان، ورغبته فى تجاوز سياسات استعراض القوة الدبلوماسية والعسكرية فى الخارج.
    وفى مجال السياسة ألداخلية يريد هولاند من الاغنياء دفع ما قيمته 75 % كضريبة دخل، وخطط لزيادة الضرائب على الشركات الكبرى والتى توزع ارباحها هلى مساهميها بدلا من استثمار اموالها فى المشروعات القابلة لاستقبال البطالة.

    وملف الهجرة غير الشرعية والشرعية هو الاخر يدخل فى اهتمامات هولاند، ففرنسا يدخلها سنويا حوالى 100ألف مهاجر فى سياسة سركوزية هدفت الى تعزيز اجراءات المنافذ والحدود، وبالمقابل يتجه هولاند الى تخفيف قيود الهجرة ومنح الاقامة للمهاجرين حالة بحالة، وفهمه المتوازن للتقاليد الاسلامية الفرنسية، خصوصا الحجاب، فى دولة يقطنها حوالى 6 ملايين مسلم فرنسى.
    هذه هى نتائج هزيمة سركوزى(2012)  وقائمة سقوط القادة الاوروبييين و تأثراتها على السياسة الدولية والاقليمية، والتى ادت الى صعود الاشتراكى فرانسوا هولاند فى سباق نحو الاليزيه لنحو من سبعة عشر عاما.

     الدكتور ميلاد مفتاح الحراثي
    الاكاديمية العربية ، قسم العلوم ألسياسية الدنمارك
     
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media