من كتاب صراعات الكنيسة وسقوط القسطنطينة للاستاذ نجيب اسطيفان
    الخميس 10 يناير / كانون الثاني 2013 - 23:11
    عزت إسطيفان
    محاكم التفتيش في اوربا
      خلال الربع الأول من القرن الثالث عشر،إتشرت هرطقة واسعة وخطيرة في جنوب فرنسا ،حينما بث الأساقفة والقساوسة هناك مفاهيم غريبة وأقاموا الطقوس وأحيوا الشعائر حسب هواهم وخرجوا عن خط الكنيسة الكاثوليكية المرسوم،مما إضطر البابا إلى إرسال جيشه للقضاء على تلك الهرطقة،عن طريق العنف والبطش وقتل الآلاف من بينهم أطفال ونساء.بعد تلك المأساة البشرية،إنبثقت فكرة إقامة محاكم التفتيش،حيث تم تشكيل مجاميع صغيرة من ألقساوسة الشرسين والمغامرين والمتشددين وتخويلهم صلاحيات واسعة.كان من واجبات تلك المجاميع البحث عن الهراطقة من بين صفوف المسيحيين وإستجوابهم والتخلص منهم أو معاقبتهم بأساليب بربرية تحت ذريعة تطهير المجتمع من الامؤمنين ومن المنحرفين عن الإيمان الكاثوليكي .لكن الغرض الأهم من إقامة تلك المحاكم كان تكريس السلطة العليا للبابا وفرض طاعته وبسط نفوذ الكنيسة عن طريق ترويع الناس .
         تم إقرار محاكم التفتيش سنة ١٢٢٧ في عهد البابا غريغورGregor التاسع ،بعد سنتين صادق مجلس طولوز الكنسي على قرار البابا غريغور بإلزام كل كاثوليكي بمراقبة وملاحقة والإخبار عن كل هرطيق كي ينال عقابه أو يتم إجتثاثه بغية تطهيرالمجتمع ووقايته من السموم والإنحرافات !!.وصدرت الأوامر للاساقفة المحليين بحرق الهرطيق الذي يعارض سلطة الكنيسة وقرارات  البابا .وجرت مداهمة البيوت مما ادى إلى إختفاء المئات من ألأشخاص في ظروف غامضة أوتمت تصفتهم بأساليب وحشية .
          إنتشر الرعب والفزع في غرب اوربا ،وفي حالات كثيرة تم  إلقاء القبض على أشخاص لأسباب تافهة مثل تناول اللحم وشرب الحليب يوم الجمعة وأيام الصوم  أو عدم حضور قداس يوم الأحد..الخ.
    أصدر القائمون على محاكم التفتيش الكتاب الأسود ،أي كتاب الموت الذي أحتُفِظ به في أحد أجنحة المقر البابوي في الفاتيكان ويتضمن توجيهات للقضاة وللجلادين ويحدد صلاحيات كل واحد منهم .فيما يلي بعض نصوص الكتاب الأسود.
         ٠٠٠يسري حكم الموت على الهرطيق بعد إستحصال اعترافه الشخصي أو من خلال إعتراف ألشهود عليه .٠٠٠
         ٠٠٠يعد مذنباً كل من إعترف بفعلته كلياً أو جزئياً٠٠٠
         ٠٠٠يكون ألتعذيب الجسدي أدات فعالة وشافية تقود إلى الندامة الروحية٠٠٠.
          ٠٠٠يقرر قاضي المحكمة أدوات وأشكال التعذيب حسب الجنس والعمر وقابلية تحمل المتهم.
         ٠٠٠ يكون المتهم الذي يستمر على الكذب بالرغم من تعذيبه قد باع نفسه للشيطان ويتوجب التخلص منه ليموت مع الملعونين والمنحرفين والضالين٠٠٠.
    كذلك أجازت تعليمات الكتاب الأسود تعذيب الشهود ،والشاهد الذي يرفض الإدلاء بشهادته ضد الهرطيق يُعدّ متعاطفاً معه ،وبذلك يتحول الى متهم.ويتحمل أفراد كافة التبعات في حالة إدانة أحدهم بالهرطقة.
    وبسبب الرعب الذي بثه الكتاب الأسود ،بدأ الطفل يوشي بأبيه،والبنت بامها الزوجة بزوجها والأخ بأخيه والجار بجاره.
         لقد إندفع بعض المحققين بالهوس والتعصب الديني ،ورفضوا قبول الرشاوي او التأثر بالمغريات المادية أوالإنجراروراء العاطفة وإبداءالرحمة.ومن جانبهم أهدى البابوات نياشين وصلبان الفرسان وصكوك الغفران لمحققي وجلادي المحاكم الذين ابدعوافي عملهم ونجحوا في إنتزاع إعترافات الهراطقة وقضوا على عدد أكبرمنهم.  
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media