عــراق موحــد .. ولــكـــن ...!
    الثلاثاء 22 يناير / كانون الثاني 2013 - 00:14
    جواد السعيد
    باستثناء ما ندر واستقر على وحدته حديثا لم نجد بلدا أو موطنا موحدا في التاريخ قامت وحدته بلا حروب أو دماء بما فيها البلدان التي توحدت بأسم الدين وتحت رايته..!! أعطني بالله عليك مثالا واحدا للوحدة في بلاد موحدة قديما وحديثا بلا حروب و دماء..! لو اطلعنا على تاريخ حضارة وادي الرافدين وجدناه تاريخا وحدويا دمويا حضارة قامت على بحار من الدم اذ كلما جاءت أمة قتلت سابقتها واستباحت حرماتها وقهرتها وأخضعتها لقانونها ومسختها تماما فمنذ فجر السلالات وامتدادا الى السومرين والأكدين والآشورين والبابلين والحوثين والكاشيين والميدين وغيرهم ومرورا بالفتح الأسلامي والأكوي والعباسي والمغولي والعثماني والى عام 2003 لا نجد سوى العنف والدمار على هذه الأرض، وبالنظر الى التشريعات القانونية في تلك العهود الغابرة والتي نفخر بها على اننا أول من كتب في القانون مثل قانون حمورابي وقانون أشنونه إلا أنها كانت قوانين جائرة دموية مرعبة تدل على القسوة والشدة التي نهجها النظام آنذاك في توحيد المجتمع..! وكذلك في نموذج حضارة وادي النيل الذي ساده العنف والقتل من القرن الأفريقي وحتى مصب النيل في البحر المتوسط شواطئ اسكندريته الجميلة التي أسسها الأسكندر العظيم بعد أن استباح الدنيا وأخضعها لسلطانه ..! وهكذا كانت أوربا تستبيحها روما وسلطتها البابوية وحروبها المستمرة .. انظروا كيف قام بطل ايطاليا القومي غاريبالدي بتوحيدها واسقط الحكم البابوي في روما عام 1870  ، وكذلك بطل ألمانيا القومي المستشار بسمارك 1871 ، كما أن نهج لينين وستالين في بناء الأتحاد السوفياتي السابق كان نهجا دمويا مرعبا وهكذا كان نهج ماو تسي تونغ في الصين وجيشه الأحمر ... أما تاريخنا في جزيرة العرب فهو تاريخ لا يقل دموية عن غيره فبين الغزو والقتل وسبي النساء ووأدهن ما يندى له الجبين وحتى عند مجئ الأسلام الحنيف وتصدى الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله لنشر ثقافة السلام والأخوة والمساواة والعدالة وبالحكمة والموعظة الحسنة تنادوا لحربه والقضاء عليه لا لشئ سوى أرأدهم أن يتوحدوا تحت شعار العدالة الألهية ونبذ العداوة فما كان منه إلا أن يدافع عن مبادئه الحقة وبأمر من الله تعالى فضرب سيف علي بن ابي طالب هامات جبابرتهم وبغاة قادتهم فأسلموا طائعين ومكرهين لكن الطامة الكبرى أن غالبية هؤلاء العرب فهموا الأسلام على أنه ملك وسلطة وسيطرة على الأموال والثروات فاتخذوه وسيلة للتسلط والقتل وهذا مانراه ونعيشه اليوم وما تاريخ آل سعود في الجزيرة العربية وتوحيدها تحت حكمهم إلا دليل وشاهد قائم على العنف الى يومنا هذا..!! وكذلك العنف العثماني ودولتهم التي استباحة دماء المسلمين تحت شعار الأسلام الذين دخلوه من أجل السيطرة على شعوب المنطقة المسلمة وإلا لم يكن جدهم الأكبر عثمان طغرل بك مسلما بالأصل..!
    إن الشواهد التاريخية على الوحدة الدموية كثيرة ولا مجال لحصرها ، وما قامت دول موحدة إلا بقوة السيف والقتل ولكن الذي يهمنا في هو العراق الموحد في خارطة سايكس بيكو المقدسة لدى أغلب العراقين مع الأسف حيث ينظرون الى هذه الخارطة المشؤومة بقداسة ولا يقدسون حرمة الأنسان المؤمن ودمه الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وآله ...أنها اشد حرمة من الكعبة..
     الذي ينشد عراقا موحدا عليه أن يستعد للقتال ويعد العدة من الرجال والسلاح ليسفك الدماء ويهدر الثروات وينتهك الأعراض ويسحق الثقافات والمعتقدات الأخرى والقضاء عليها كي يجعل الناس أمة واحدة من لون واحد وقومية واحدة ولغة واحدة ودين واحد وثقافة واحدة ومن هنا يكون التراب واحد والوطن واحد هذا معناه أن نبحث عن قائد أو فئة لديها هذا الأستعداد وتأخذ على مسؤوليتها تنفيذ هذه المهمة...!! ترى من هذا القائد ومن هذه الفئة من مكونات الشعب العراقي ؟؟ سؤال لابد من الأجابة عليه بصراحة شديدة وبصوت عال وبلا خوف.. أليس كذلك..؟؟ هل لدى نوري المالكي هذا الأستعداد وهذه القوة لإقامة هذه الوحدة أم هي فقط موجودة في مخيلته وأدبيات حزب الدعوة؟ أو لدى سيد عمار؟ أو سيد مقتدى؟ أو لدى أحد المراجع الشيعية في العراق؟ هذا الأستعداد لبناء وحدة قوامها القتل والعنف وسفك الدماء؟ أنا شخصيا لا أعتقد ذلك لأن هؤلاء جميعا ليس قتلة ولا جزارين ولا يجنحون الى السلطة والملك بهذه الطريقة المخيفة ولا يريدون وحدة أساسها الدم والرعب والخوف ..أما الكرد فلا أعتقد ايضا يطمحون لحكم عراق موحد سوى أنهم يرغبون بإقامة دولتهم وهذا حقهم المشروع ويكتفون بالسيطرة على كل أرض يعتقدون أنها جزء من دولتهم المنشودة وقد يكلفهم هذا دماء أيضا لا حاجة لهم بإهدارها من أجل تراب إلا اذا اعتقدوا بثقافة تقديس التراب وهدر كرامة الأنسان وهذا ممكن لأنهم جزء من هذا الكون ولا يختلفون عنه..
    أما سنة العراق فقد سادت بينهم الأفكار السلفية المتطرفة وسيطرت عليهم النزعة الدموية والقبلية وانتشرت بينهم فتاوي التكفير وقصص تاريخهم الدموي وآثار أبطالهم الخرافين المسربلين بالدماء والمشهورين باجتياح الأرض والغزو واستعباد الآخرين وإلغائهم واقصائهم وسحقهم وقتلهم وتشريدهم وانتهاك حرماتهم ومن هنا استعدوا لإقامة هذه الوحدة المشؤومة وبدعم ضخم وغير محدود من أبناء عمومتهم وتزويدهم بالسلاح والمال والتخطيط ، وستبدأ مجزرة وحدة العراق عن قريب وينبغي الأشارة هنا الى أن الكرد قد غفلوا جانبا مهما وهو أن الحركة السلفية والقومية العروبية التي سوف تجتاح العراق ستعود عليهم بالضرر وعليهم أن لا يركنوا الى الدعة والراحة على أساس أنهم يعتنقون المذهب السني بل على العكس تماما فأنهم الى الخطر أقرب من غيرهم.
    نعم هذا العراق الموحد ياسادة..!! عراق بلا شيعة ومسيحين وصابئة وأيزيدين وكرد وغيرهم عراق واحد ومن مكون واحد فقط هم الأعراب والقتلة والسفاحين والمجرمين وسوف لن ولم يقر القرار إلا بعد حرب ضروس تطير فيها الرؤوس والأيدي فأين نحن من هذا التصور وهذه القراءات يا قادة الشيعة؟؟ أين أنتم من الأستعداد للمواجهة وجمع القوى وتوحيد الصفوف وتناسي الضغائن والأبتعاد عن المصالح الشخصية والمنافع الخاصة والظهور الأعلامي والتصريحات الصحفية التي تدمي قلب كل شيعي غيور؟ اين أنتم من كل هذا ؟؟ مع الأسف قد يتهمنا البعض إننا نقرع طبول الحرب وننفخ أبواقها ولكني أقول وبصراحة أن الحرب قادمة فلا تضعوا رؤوسكم في التراب ولا تنشروا ثقافة الجبن والخنوع والخوف منها ..فماذا نفعل لو أن الحرب هي قدرنا وكتبت علينا..؟؟هل نولي الأدبار وننوح ونبكي ونكتفي باللطم على الصدور؟ أو التهيؤ والأستعداد لها يوميا ،، ولايدعي أحد من قيادات الشيعة جميعا أنه لم يقرأ المعادلة بشكل جيد أو لا داعي لهذا التشاؤوم أو يلقي بالمسؤولية على عاتق غيره ، فهذا عذر لا مكان له ولا يمكن قبوله بل هو هروب من المسؤولية وترك شيعة العراق يموتون قتلا لوحدهم ..! ولماذا تخشون الحرب وتخافونها وهذا الله جلّ ثناؤه في قرآنه يقول : (( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ.... )).

    جـــواد الســــــــــعيد
    j12alsaaid@hotmail.com
    2013-01-21
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media