بانت حقيقتكم أيها المتربصون بالعراق والعراقيين
    الأحد 3 مارس / أذار 2013 - 00:15
    جواد وادي
    كاتب وشاعر ومترجم مقيم في المغرب
    كم استبشرنا خيرا من الحراك الأخير بعدما وصل بنا اليأس من وضع حد للتسيب السياسي الذي بات سمة لصيقة بالسياسيين ومدبري شأن البلد، كنا نأمل أن يتجرد الحراك من أية مؤثرات طائفية أو حزبية، من شأنها أن تغير المسار المطلبي الجماهيري الحريص على الحق المشروع، وكنا نراهن على أن هذا الحراك سيوحّد العراقيين جميعا تحت سماء عراقية بعيدة عن التشظي المناطقي بكل تفاصيله المقيتة، فلا نفرق من  بين المتظاهرين، من هو الميساني ومن هو الأنباري أو البصراوي أو الموصلاوي، رغم أننا نعرف أن رهاننا هذا قد يكون بمثابة كب الماء في الرمل، ونعلم أيضا أن الاف المتظاهرين من الشباب اليافعين ستقودهم دون درايتهم، بوصلات مشبوهة وخطيرة، كان وما زال يخطط لها ويغذّيها ويوجهها ويباركها ويغطيها اعلاميا، فلول الخائبين والمندسين والحاقدين من مجرمي البعث وظلاميي القاعدة وأطراف ما أنزل الله بها من سلطان، وطبعا وكما ثبُت بالدليل القاطع دخول أطراف عربية وأجنبية على الخط وبقوة.
    كلنا نحن البعيدين عن أخطبوط السياسة في العراق وطلاسميته، باركنا ودعمّنا ووقفنا مع المظلومين من أبناء العراق أينما وجدوا مع المطالب المشروعة، وضرورة أيجاد الحلول السريعة والعاجلة لها دون تباطؤ أو تسويف، وهكذا لبّت الحكومة من خلال اللجنة المشرفة على هذا الملف وحسب علمنا، بعض المطالب بانتظار تتمة البقية والسعي لإيجاد الأرضية العملية لتنفيذ بقية المطالب والتي قد تتطلب  وقتا للإنجاز.
    كلنا مع  تعديل بنود الدستور المعوق، وعدم زج الأبرياء في قانونيّ المساءلة والعدالة، لملاحقة المجرمين والقتلة ومن يقف معهم، ومع اطلاق سراح الأبرياء الذين تعرضوا للشطط وتعويضهم، نساء ورجالا، وكلنا مع ايجاد الحلول العاجلة لملف البطالة وتشغيل الشباب العاطل، بالإضافة إلى وقوفنا بقوة لحل مشكلة الكهرباء والماء والأمن والضرب بيد من حديد على الفاسدين بكل عناوينهم، ومهما كانت مرتبتهم، مع التوزيع العادل للثروة الوطنية والخروج بتصور وطني بمشتركات من لدن جميع أبناء العراق لحل مشاكل البنية التحتية المدمرة، بعد أن يئسنا من تلمس الجهود العملية والمخلصة لحلها، بسبب الفساد الذي بات لصيقا بمعظم السياسيين إن لم يكونوا كلهم، وغيرها من المطالب التي صفقنا لها جميعا وباركناها.
    كنا مع الجماهير المضامة وأيدينا على قلوبنا، لعلمنا أن المؤثرات الأخرى سيكون لها الفعل الأخطر من أطراف لا يهمها بناء البلد وترسيخ وحدته بقدر ما تسعى إليه بتفكيك هذه الوحدة العليلة أصلا، وبث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد لخلق الفوضى السياسية، وصولا للهدف غير المعلن سابقا، والذي أصبح أبيّن من خيوط الشمس، بتخريب العملية السياسية برمتها، وعودة الحزب الرذيل مرة أخرى للسلطة، معتمدين بهذا السعي الشيطاني، على الشباب اليافع والمندفع، ومستغلين الاحباطات التي يعاني منها الشباب وكافة الناس والتي تباطأت الحكومات المتعاقبة منذ سقوط الصنم حتى تأريخ الاحتجاجات، على ايجاد الحلول للمشاكل والتي من شأنها أن تنزع الفتيل الخطير للقنبلة الموقوتة، وعندها وفي حالة استشراف الناس على المستقبل المشرق وتوفير كل مطالبهم، فإن أي تحرك سيشرع به أبناء المنطقة الواحدة، يعتبر عبثا وفي الوقت الضائع،  لأنه سيعد تمردا لا مبرر له، يمنح السلطات الأمنية والقضائية الحق في محاسبة من تسول له نفسه اللعب بالنار، وأن يتصرف وكأنه فوق القانون، ولا اعتبار عنده لهيبة الدولة، كما نلاحظ الآن من اعتلاء منصات المحتجين، صبية يافعين بجلابيبهم وعمائمهم الدينية، يطلقون الشعارات النارية لشباب لا يفقهون مدى خطورتها، في غياب حضور فاعل للمتعقلين والأسوياء ومن يحتكم على بعد نظر، ومن المثقفين وأساتذة الجامعات، وكل من يرى أن العراق متوجه إلى كارثة حقيقية تحصد الجميع دونما استثناء، والجميع سيكونون هم الخاسرون، وحطب المحرقة، ولا ينبغي  لفلول البعث من تنفيذ أجندتهم خاسئين وحمقى، أن تدفعهم للمراهنة على الخروج من هذه المحنة سالمين وغانمين، لأن اندلاع الحرب الأهلية ستطال البعثي من غير البعثي، السني قبل الشيعي، المسلم قبل غيره من أبناء الديانات العراقية، الجميع سيكون وقود المحرقة. وستمتد يد العبث للدول الأجنبية، ويكون العراق في خبر كان. وبالتالي فأن كل العراقيين المنكوبين سيغنون معا وبجوقة واحدة من الفلوجة حتى هور العميّة: (لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي).
    فهل سيبقى الشيعة مكتوفي الأيدي اذا ما اندلعت الحرب الأهلية؟! وهل يستسلم السنة لعمليات الابادة؟! وهل سينجو طفل أو شيخ أو امرأة بعد أن يكون الشباب هم الوقود الرئيسي لحروب الطوائف القذرة؟! ناهيكم عن تفتت العراق إلى أشلاء، تلتهمها بكل شهية، وتشفي  غليل دول الجوار المتربصة بممكناتها لهذا المآل الكارثي.
    المطلوب عودة العقول لاتزانها، والحكمة هي رأسمال المؤمن، والوقوف بقوة ضد هذا المشروع التخريبي الخطير.
    وإلا فقد أعذر من أنذر
    ما معنى أن تشتغل آليات البعث الاعلامية ليل نهار كما تصلنا، مباركين هذا الحراك الأرعن، أين المطالب المشروعة من رفع صور الطاغية المقبور وراياته المندحرة؟! ومن وزع على الشباب أغطية الرأس بالآلاف وهي تحمل راية البعث الصدامي، وما الذي سيربحه المتظاهرون وهم يرددون الشعارات البعثية الخائبة.
    وهل يعقل أن مواطنين عراقيين أصلاء يسمحون لقتلة القاعدة أن تقيم مهرجانات التحريض على الطائفية والقتل للأبرياء؟ بدعوى استعادة الحقوق، وأي حق هذا الذي يطالب المحتجين من اليافعين الصغار بالزحف لبغداد والقيام بمشاريع قتل وتفجيرات لأخوتهم من العراقيين؟ وأين عقلاء الأنبار وأسويائها.
    ليعلم هؤلاء أن البعث يستغفلهم، وكأني بهم كمن يحفر قبره بيده، فعودة الحقوق تأتي بطرق سلمية ومتحضرة، بعيدة عن الاستفزاز لهذا الطرف أو ذاك، وعندها سيقف الجميع صفا واحدا بنظام وانتظام وبصوت واحد هادرا للعراق بكل أطيافه ومكوناته، لا لفئة أو طائفة أو مكون.
    هنا نفهم طريق الأمان لبناء المستقبل الزاهر، فلا تسلموا ذقونكم لكل من هب ودب، لأن هؤلاء يدفعونكم للهلاك، ناسين أو متناسين أن الطوفان سيغرق الجميع، وأولهم منتسبي البعث الهاربين من سكنة الجحور المظلمة، لأن هذه الفئة الضالة سوف لن تثوب لرشدها، وترجع عن غيها لطريق الصواب، ألا بتدمير العراق وهلاك العراقيين، وأدوات التنفيذ لهذا المخطط اللعين هم أنتم أيها البسطاء الطيبون.
    اللهم إني بلغت فأشهد.
     
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media