الطائفية السياسية وخطرها في العراق ـــ الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
    الأحد 3 مارس / أذار 2013 - 21:29
    الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
    الطائفية السياسية وخطرها في العراق ـــ الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
    المؤتمر الاول لتأسيس تجمع علماني : ندوة العلمانية والاصولية الصدام القادم
    ورقة مقدمة من
    الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي

    مقدمة :

    أستهل الكلام في تقديم التحية الليبرالية الخالصة لكل ا لسيدات والسادة
    أعضاء الندوة المشاركين وأقدم الشكر والتحية الخاصين لحركة مصر المدنية ،
    التي كان لها قدم سبق في دعوتنا لهذه الندوة لنكون مشاركين فيها وفاعلين
    ، وأقدم الشكر الجزيل لأولئك العاملين المخلصين في السر والعلن لكي تسود
    منظومة القيم في - العدل والحرية والسلام - بين الناس ، إن كلامي سيكون
    في صُلب السؤال الذي طُرح علينا في جوهره أعني في الكيفية والطريقية
    الواجب إتباعها لكي يتخلص العراق من فوضى الدين و الأصولية الدينية
    والراديكالية ويتحرك بثقة في الإتجاه الصحيح لبناء مجتمع علماني حر .

    أيها الأصدقاء : سأتحدث إليكم اليوم بصفتي مواطن عراقي يهمهُ ويعنيه
    مايجري ومايحدث في العراق من تأصيل للطائفية وللعنف وللكراهية بين مكونات
    الشعب ، ولن يكون كلامي هذا مرتجلاً بل هو كلام في صميم الواقع وحاجات
    الناس ، وأملي أن تصل رسالتي هذه للجميع ، فالعراق اليوم يمر بأخطر أزمة
    في تاريخ حياته ، وأنا مؤمن بأن الوقت قد حان لكي نتصدى لخطر الطائفية
    السياسية التي تُهدد النسيج الإجتماعي والبناء السياسي والثقافي ،
    الطائفية السياسية : هي ذلك المرض الخطير الذي يجتاح حيا ة الإنسان
    العراقي يُهدد أفكاره و إرادته و إختياره .



    ولقد نبهنا نحن في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - منذ زمن لهذا
    الخطر حتى قُبيل الغزو الأمريكي وسقوط بغداد ، ولقد كانت لنا حوارات
    متنوعة في ذلك مع زعماء وقادة دول في المنطقة والعالم ، كنا نتحدث معهم
    في هذا الشأن ومنبهين على خطورة ذلك على مستقبل العمل السياسي والإجتماعي
    في العراق ، ولقد علمتنا حرب تحرير الكويت سنة 1991م وماتلاها من أحداث
    ومن خطاب طائفي كان هو السبب المباشر في فشل مشروع التغيير السياسي
    آنئذاك ، في الوقت نفسه كنا مؤمنين بأن فعل الساسة والسياسين في العراق
    ممن تعاقبوا على الحكم كان هو الأخر سبباً في زيادة حدة وسعة الخطاب
    الطائفي وتوجهاته ، فساسة العراق أنطلقوا في تعميم مقولاتهم عن الوطنية
    والقومية من ذلك التاريخ العربي المُغرق في الفئوية والإستبداد وإحتكار
    الحق ومصادرة الحريات ، والذي بدوره أسس لثقافة الإستسلام والرضا والقبول
    بالأمر الواقع تحت عناوين الحق الإلهي ، إن الطائفية السياسية في تعريفنا
    لها : هي عبارة عن ذلك الدين السياسي المنبثق من الدين التاريخي دين
    الطوائف والمذاهب والفرق ، - دين الفرقة الناجية - وغيرها الضلال والكفر
    ، دين مستفز حاقد ، جهد أصحابه على جعله مشروعاً عبر تبنيهم لجملة روايات
    وأخبار كاذبه نسبوها إلى النبي محمد عنوة أسست لهذه الفرقية والطائفية
    ومفهوم الإستبداد الذي ساد في الأدب والثقافة والفقه لدى عامة المسلمين .

    أيها الأصدقاء : لا نبالغ إذا ما قلنا بأن الغزو الأمريكي قد ساهم مع دول
    الجوار في ترسيخ مفهوم - الطائفية السياسية - وسلطتها وحاكميتها ، عبر
    الخلط بين الديمقراطية و الفئوية أو بين العشائرية والديمقراطية ، وكنا
    شهوداً على تلك التوليفة التي تبناها الحاكم الأمريكي - بول برايمر -
    لنوع الديمقراطية في العراق ، التي جعلها الحاكم المدني في العراق - فزعة
    عشائرية ومذهبية - فالشيعي لا ينتخب إلاّ شيعياً والسني لاينتخب إلاّ
    سنياً وهكذا الكردي والمسيحي والصابئي والإيزدي مُسقطين البرامج من
    الإعتبار ، و ضمن هذه التوليفة الغريبة صار زعيم الحزب الشيوعي العراقي
    من حصة - الشيعة - لكونه شيعياً في الأصل .

    لقد نمى الغزو هذه الثقافة الغريبة الغير منطقية والبعيدة عن الأسس التي
    نعرفها عن الديمقراطية ككونها إنتخاب شعبي حر غير مؤدلج ، كما كان لدول
    الجوار الدور المؤثر والفاعل في تدعيم و تنمية الخطاب الطائفي الديني
    والسياسي ، إن مجتمعنا في العراق ليس بدعاً من المجتمعات العربية الأخرى
    التي يسود فيها الجهل وتزدهر فيها الأمية وسطوة القبيلة وحكايا الدين
    العتيق ، هذا الواقع المر وجد من ينميه ويبث فيه روح الحياة جاعلاً منه
    نمطاً يتحرك في ظلاله السياسي والمغامر والطامح من الوافدين الجدد .

    أيها الأخوة : تعلمون جيداً إنه لم تكن التربية الوطنية في العراق إلاّ
    عبارة عن ذلك المزج التاريخي بين الدين والسلطة والمال ، وقد تمسك بهذا
    دعاة القومية العربية في شعاراتهم وخطبهم وحماستهم وحتى ثوريتهم ، وكان
    حزب البعث المثال الشاهد الحي على تلك الممازجة ، لقد ألغى حزب البعث عن
    عمد وسبق إصرار كل معاني الحرية والعدالة والسلام ، وحول البلد والشعب
    إلى ثكنة عسكرية حارب فيها الجيران وقوى الشعب الحية ، إن بعض الأحزاب
    الدينية أستلهمت منه ثقافتها التنظيمية وخطابها الإيديولوجي نرى ذلك في
    اللغة وفي الخطاب وفي التعامل مع الغير .

    أيها الأعزاء : إن الطائفية السياسية في العراق اليوم تغذيها دول عربية
    وإسلامية مدفوعة بالخوف والحقد وهاجسها معلوم لكم ، هذه الطائفية ستُقسم
    العراق حتماً إلى دويلات وممالك قومية وفئوية ومذهبية متناحرة ، وأقولها
    بصراحة : إن بعض التيارات الإرهابية كالقاعدة تستغل الهاجس الطائفي
    والمذهبي لتتحرك فيه وتحرك ضعاف النفوس عبر الضرب على وتر الأحقيات ودين
    الحق ، معتمدةً في ذلك على ردات الفعل وعلى القلق النفسي وعلى الشعور
    بالحيف من هيمنة التيارات الشيعية وسطوتها .

    في العراق لازال الصراع دائراً في التاريخي من الأحداث ، ولازال الكلام
    في الأحقيات المزعومة - هو عنوان المرحلة السياسية السائدة - ، إن البعض
    من سُنة العراق يتحركون اليوم لا بدافع الغبن والمظلمة بل بدافع الإنتصار
    للماضي ، ذلك الماضي التاريخي التعيس ، وهناك في طرف الخليج دويلة عربية
    تدعم رجل دين معتوه يغذي هذا الحقد الطائفي ويمده بالمال وبالفتاوى
    وبالحنق لكي تظل نار الفتنة مشتعلة بين السُنة والشيعة .

    أيها الأخوة : إن خروج العراق من هذه الأزمة وهذه الدوامة ، يحتاج إلى
    جعل الخيار الليبرالي الديمقراطي ممكناً ومفهوماً ، وهذا يتطلب من كل
    دعاة الحرية في المنطقة العربية لتأسيس لغة خطاب جديد وثقافة جديدة عبر
    العمل المشترك والبرامج المشتركة في المجالات كافة ، إننا ومن خلال
    التجربة والمعايشه نثق ونؤمن بان الخيار الليبرالي الديمقراطي وحده
    القادر على تحقيق التوازن الإجتماعي والثقة بالمستقبل ، وتحديد نوع
    الهوية الممكن العيش فيها من دون خوف أو قلق أو معانات ، إنه الخيار الذي
    يعزز فيهم ولهم قيم العدالة والحرية والسلام .

    لكن هذا الخيار أيها الأعزاء : تحاربه قوى محلية ودول إقليمية وتقف بوجهه
    منظمات متطرفة ، ولقد برهنت تجربتنا في الإنتخابات الأولى التي شهدها
    العراق بُعيد الإحتلال سنة 2005 م على ذلك ، فتلك الدول وتلك المنظمات
    سعت لترتيب أوراقها ومصالحها الآنية بالضد من مصالح وإرادة الشعب
    ومستقبله .

    إن شعب العراق ضللته و خدعته فتاوى رجال دين مزيفين ، نعتوا الليبرالية
    الديمقراطية بكل قبيح نعتوها بالفحشاء والفجور وبالدعوة للإباحية
    وأتهموها بالحرب على الدين ، ولقد نال الليبراليين الديمقراطيين في
    العراق من ذلك النصيب الوافر ، إن إعتقادنا بخلاص العراقيين من هذا
    الصراع وهذا القلق وهذه الفوضى يكمن بشعورهم و بإشعارهم بخيبة الأمل
    والرجاء من التيارات الدينية ومن المراهنة عليها ومما قادته عليهم من
    تخلف وصراع وحروب ، تلك التيارات التي ثبت بالدليل إنها لاتمتلك المشروع
    الذي يحقق للناس الكرامة و الأمن .

    إن خلاص العراقيين من المشروع الطائفي حتمي لكنه يحتاج لوقت ويحتاج لجهد
    ويحتاج لتضحيات وعمل يعلو فوق العصبيات العنصرية والشوفينية ، إن معالجة
    السياسيين لهذه الأزمة هي معالجة مرتجلة وسطحية ، فهم تارة يكذبون على
    الشعب وطوراً يكذبون على أنفسهم ويتجاهلون هذا الواقع المريض ، بل إن
    البعض منهم خضع لهذا الزيف الطائفي فبدى يماشي النعرات الطائفية المذهبية
    ويتحرك على أساسها ، وآخرين منهم لجاؤا الى الشعارات التي ظنوا في عرفهم
    إنها تجمع المجتمع. ظانين إن ذلك هو الذي يوحدهم ، يجري هذا في المحافظات
    الغربية .كما يجري ذلك في محافظات الجنوب والوسط ا



    انني أذكر في العراق قبل أربعين سنة لم يكن واحداً من السياسين من يجروء
    على الكلام في الطائفية أو المذهبية ، كانوا جميعاً يجدون في الوطن وفي
    القيم وفي الحرية ملجأً ومخرجاً وقت الأزمات ، ولم يكن العراقي يستعمل
    لفظ الطائفية أو يعبر عنها إلاّ بحدود الحرية ، كان العراق عرباً
    وأكراداً سنة وشيعة وأقليات .

    إن العناصر المتعصبة المستغلة للتفريق الطائفي لا تؤمن بالتعددية
    وبالتداول السلمي للسلطة ولذلك فهي تعادي الديمقراطية وتحارب الحرية ، كل
    هذه الافكار كانت معروفة لدينا حين بدأنا في التأسيس للفكر الليبرالي
    الديمقراطي في العراق قبل خمسة عشر سنة من الآن ، كنا مؤمنين بأن هذه
    الأشياء مصطنعة في أكثرها وإنها ستتلاشى وتذوب مع الوقت ، ولم نكن نعقل
    إن الإسلام الذي نعرفه سيكون يوماً ما على أيدي هؤلاء مركزاً للتمايز
    والإستغلال والسيطرة ، إن الدولة الدينية التي يبحثون عنها قد أثبتت
    التجربة التاريخية فشلها كما أثبتت التجربة الحديثة ذلك ، لقد قامت
    الدولة الدينية على السيف والحروب وأحدثت الكثير من المشاكل في كل البلاد
    الاسلامية ، وكان من

    نتائجها تلك الحروب المستمرة والمغامرات السياسية البشعة التي لا تليق بالدين

    أيها الأصدقاء : إن هيمنة الفكر المتطرف وسيادته في العراق لن يكسر من
    عزيمتنا ولن يحد من إصرارنا على بناء الحاضر والغد المنشود ، إن ثقتنا
    بجيل الليبراليين الديمقراطيين هي التي تعطينا الحافز والأمل والرجاء في
    ذلك ، لكن ذلك سيحتاج منا للمزيد من الوقت وللمزيد من الجهد ونحن مصممون
    طالما كان هدفنا نبيل و عظيم ل

    ، وفي الختام تقبلوا محبة وتحية كل الليبرالين الديمقراطيين في العراق
    والذين هم معكم في السعي لتشكيل التجمع العلماني من أجل الحرية والحياة .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media