أحزاب تفشل في الصناديق فتسعى للسلاح للتعويض.. مؤسسة أميركية تتهم أطرافا بالسعي لتفتيت العراق
    السبت 18 مايو / أيار 2013 - 07:02
    بغداد: عبد علي سلمان (الصباح الجديد) -
    تبدو الكثير من عناوين الصحف والمواقع الاخبارية مُستفزة حين تعاملها مع وحدة العراق واحتمالات بقائه دولة واحدة مستقبلا، من دون الاخذ بالحسبان إن العراق عاد ثانية ليبدأ من جديد مثلما خرج من الدولة العثمانية ثلاث ولايات ومنها  البصرة على سبيل المثال التي كانت تضم منطقة الاحواز او الاهواز وتمتد وصولا الى قطر. وكانت الدول المجاورة تطمع في اقتطاع اراض من الدولة الوليدة التي كانت حدودها غير محددة تماما. وبالمقابل كان العراق يطالب بما اعتبره جزءا من بعض ولاياته السابقة. وتكررت الكثير من السيناريوهات التي بدأت في العهد الملكي مجددا في العهد الجمهوري وبعد سلسلة الانقلابات التي شهد العراق الكثير منها. فالقضية الكردية في العراق بدأت "ملكية" وكذلك مطالبة العراق بالكويت ....الخ، ولم يتغير الحال كثيرا ولم تهدأ الامور.

    والان ومع اقتراب العراق من مرور قرن بكامله على تأسيسه فإنه لا يزال يعاني من المشكلات نفسها، ونشر معهد امريكان انتربرايز وهو مؤسسة أميركية مرموقة تحليلا كتبه مايكل روبين  بعنوان" هل العراق يتهاوى؟ ليس بهذه السرعة" قال فيه: يتواصل العنف الطائفي على قدم وساق في العراق. وقد قتل ما يقرب من 50 شخصا في اليومين الماضيين بعد موجة من التفجيرات واطلاق النار.  ومنذ عدة أشهر والتوتر في تصاعد مستمر. ويرجع  بعض المحللين  اندلاع العنف مرة أخرى إلى محاولة اعتقال طارق الهاشمي بتهمة الإرهاب.  لكن جذور تلك الحادثة ليست بهذه البساطة كما يقترح بعض المحللين، ولا يمكن إنكار أن بعض الجماعات تستخدم قضية الهاشمي لتأجيج نيران الطائفية. وبعد كل شيء وقع في الشهر الماضي، اشتباك بين قوات الامن العراقية والمتظاهرين في الحويجة مما أدى إلى مقتل نحو ثلاثين شخصا في الأقل من المتظاهرين.

    وهناك الان تشاؤم يتزايد في الولايات المتحدة حول أن العراق يتهاوى. وبالأمس فقط، على سبيل المثال، كتب مايكل نايتس وهو مختص بالشأن العراقي ويتخذ من بوسطن مقرا له "نعم، ان العراق في طور الانحلال". لكن هل ستسقط السماء حقا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فماذا بمقدور الولايات المتحدة أن تفعل حيال ذلك؟

    أولا: من المهم وضع الطائفية في العراق جانبا وان يكون رد المالكي بشكل معقول . وقد احتجت القوى السنية لعدة أشهر في سلام نسبي. وتظهر أشرطة الفيديو المتظاهرين مناصرين لتنظيم القاعدة. وقد تساهلت الحكومة مع المعارضة لعدة أشهر وهو أمر لم يكن ممكنا في ظل الديكتاتورية السابقة. ولم تكن الحويجة واحة سلام أبدا. وفي الواقع، ربما كانت أكثر المدن المتشددة في العراق. لقد كانت واحدة من المدن التي لم تتزحزح عنها القاعدة يوما. ومنذ فترة طويلة كانت تُعدُّ منطقة محظورة على العراقيين وعلى الأكراد العراقيين والأجانب. ومع كل هذا كانت الحكومة العراقية تَضبط نفسها: وبدأ الهجوم على مخيم الاحتجاج بخراطيم المياه - وتصاعد فقط عندما رد المتظاهرون الذين كان يفترض انهم مسالمون بأسلحة فتاكة عن قصد وتصميم.

    ثانيا: هل بمقدور الطائفية ان تدفع العراق نحو الهاوية؟ بالتأكيد نعم، فالانفصال الكردي يبقى احتمالا. فرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني - الذي يحكم كردستان العراق كان بالتأكيد أكثر استبدادا من المالكي في بغداد وهو مستعد للعنف. وفي حين  يعمل بارزاني على تقويض قيام المالكي بشراء طائرات F-16 المقاتلة من واشنطن، فإنه اشترى بهدوء صواريخ مضادة للدبابات من نوع كورنيت-E من بلغاريا ونشرها لتكون بيد قوات البيشمركة الخاصة. وبرغم كل شيء، فإن الطائفية السنية لن تؤثر على وحدة العراق. وإذا ضغطت القوى الطائفية السنية بقوة، فسيتم ببساطة قمعها. والسنة ببساطة ليست عندهم الاعداد الكافية ليمضوا بنجاح في طريق خاص بهم. وفي أحسن الأحوال، فإنهم يمكن أن يجلبوا البؤس على أنفسهم ويتخلفون كثيرا عن الازدهار الاقتصادي في جنوب العراق وشماله.

    وفي حين تمكنت القنابل والرصاص من الحصول على تغطية صحفية، فإن الخبر الاكبر في العراق حظي بقليل من الاهتمام. فقد شهد معظم العراق بنجاح اجراء انتخابات محلية الشهر الماضي لكن (كردستان العراق هي الاستثناء الملحوظ: لم يسمح بارزاني بانتخابات محلية منذ عام 2005). وليس من المرجح أن تكون الانتخابات الناجحة من السمات المميزة لدولة فاشلة. لقد خسر حزب المالكي نحو 20 مقعدا، اما الحزب التابع لرئيس البرلمان السني أسامة النجيفي فقد حصل على البعض. والعديد من الأطراف الأكثر تطرفا - من السنة والشيعة – ظهرت ضعيفة. وهنا يكمن الخطر: فهناك نمط مؤسف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويتبادر الى الذهن- حماس وحزب الله- فالأطراف هنا تسعى الى عباءة الشرعية الديمقراطية ولكن، إذا فشلت في تحقيق ما تريد من خلال صناديق الاقتراع، فإنها تعود الى ميليشياتها للفوز بقوة السلاح بما لم تحققه في تصويت شعبي. وإذا كان الرد الغربي على شبح العنف الطائفي هو السعي لاسترضاء العنف، فان الغرب في الواقع يكافئ الارهاب.

    والمالكي ليس مثاليا، لكنه ليس استبداديا. وأفضل نصيحة ينبغي للغرب أن يعطيها لمعارضته هو العمل داخل النظام، وان تصنف وتنشر الانتهاكات عند وقوعها، وان ينافسوا خصومهم في وسائل الإعلام، وفي مجالس الخدمات، وفي عالم الأفكار.

    أما بالنسبة لواشنطن، فمن السهل عليها أن تفترض الأسوأ من مسافة بعيدة، ولكن شعور الشارع العراقي مختلف. وبدلا من تصديق حكاية سقوط السماء  التي يسعى الارهابيون ومؤيدوهم السياسيون لترويجها، فإن السياسة الأكثر حكمة هي تشجيع نزع أسلحة كافة الميليشيات السياسية والعمل لضمان أن تكون الانتخابات الوطنية المرتقبة حرة وشفافة قدر الإمكان .

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media