نشطاء عراقيون يطلقون حملات مدنية لإلغاء قانون تقاعد البرلمانيين
    هددوا بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة في حال عدم الاستجابة لمطالبهم
    الأحد 23 يونيو / حزيران 2013 - 05:50
    عراقيتان تتطلعان إلى لافتة تطالب بإيقاف تقاعد البرلمانيين في أحد شوارع بغداد
    بغداد: أفراح شوقي «الشرق الأوسط» - هدد نشطاء ومواطنون عراقيون بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المرتقبة في عموم العراق في مارس (آذار) من العام المقبل، في حال استمر العمل بقانون رواتب البرلمان التقاعدية والذي ضمن لأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات والمجالس المحلية الكثير من المكاسب والمنافع الشخصية في فترة عمل قصيرة أمدها أربع سنوات، على حساب الطبقات الفقيرة في البلاد.

    وانطلقت في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي والملتقيات الثقافية والاجتماعية، في بغداد والمحافظات، حملات لجمع التواقيع وتوزيع المنشورات والشعارات والرسوم الكاريكاتيرية الساخرة، للمطالبة بإلغاء قانون التقاعد البرلماني والاستعاضة عنه بمنح مكافأة نهاية الخدمة، لكونها تشكل عبئا على ميزانية الدولة وتزيد معدلات التضخم في البلاد.

    ويبلغ عدد نواب الدورة الحالية 325 نائبا، جرى اختيارهم في انتخابات ديمقراطية وفق نظام القائمة المفتوحة، ويتوزعون على ثلاث كتل سياسية رئيسة، في حين كان عددهم الدورة الماضية 275 وستنتهي الدورة الحالية في مطلع مارس من العام المقبل. وتعادل المبالغ التي تصرف للرواتب التقاعدية لأعضاء مجالس النواب والمحافظات في شهر واحد 9 مليارات و60 مليون دينار عراقي، وفي سنة واحدة 108 مليارات و796 مليون دينار عراقي، وخلال السنوات الثماني الماضية للجمعية الوطنية والمجلس الوطني المؤقت ومجلس النواب السابق والحالي وأعضاء مجالس المحافظات فإن المبلغ المصروف يكون تقريبا أكثر من 654 مليارا و290 مليونا.

    يقول الناشط المدني، أحد منظمي الحملة شمخي جبر، لـ«الشرق الأوسط»: «عمليات نهب خيرات وثروات الشعب تتصاعد كل يوم، والمشكلة أنها تتم بشكل قانوني من خلال تشريعات يصدرها مجلس النواب، والتي ضمنت لأعضائه الكثير من المكاسب والامتيازات على حساب الطبقات الفقيرة في البلاد».

    وأضاف: «أصبح من الواضح أن نسبة كبيرة من الشعب العراقي يعيش حالة فقر وهناك فوارق طبقية كبيرة، إذ يعيش ما يقارب (30 في المائة) من العراقيين تحت خط الفقر، ويعيش ما يقارب المليوني عراقي في بيوت الصفيح وحافات المدن وساحاتها في ظل انعدام كل أشكال الخدمات، فضلا عن مئات الآلاف من الأرامل والأيتام، يضاف لهم عشرات الآلاف من الشباب الذين يعيشون في بطالة وإهمال».

    وأكد جبر أن هدف الحملة التي أطلق عليها «الحملة الوطنية لإلغاء تقاعد البرلمانيين» هو تحقيق العدالة في تقسيم الثروة، فليس معقولا أن يكون تقاعد البرلماني خمسة ملايين دينار مقابل خدمة أربع سنوات، وهو تقاعد يفوق راتب أستاذ جامعي، في حين يبلغ راتب موظف خدم 25 سنة 300 ألف دينار (نحو 250 دولارا).

    حملة إلغاء رواتب نواب البرلمان التقاعدية لم تكن الأولى، فقد سبقتها حملات سابقة لكنها لم تلق استجابة لدى غالبية النواب، والحملة اليوم تواجه جدلا جديدا داخل قبة البرلمان، حيث أيدها البعض وطالبوا بالاستعاضة عن الرواتب التقاعدية بمكافأة نهاية خدمة، بينما اعتبر نواب آخرون أن هذه الرواتب منصوص عليها في قوانين صادرة تحتاج إلى تعديلات، وأكد خبراء اقتصاديون أن تلك الرواتب تسبب زيادة في معدلات التضخم العام في البلاد.

    قال عضو اللجنة الاقتصادية النيابية عزيز المياحي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «رواتب النواب الحاليين والنواب السابقين تشكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة حيث تقدر بالمليارات شهريا في حين يعيش ملايين العراقيين في فقر مدقع».

    وانتقد المياحي سلم الرواتب المعمول به حاليا، مشيرا إلى أن من عيوب هذا القانون «عدم إنصاف موظفي الدولة الذين خدموا لأكثر من 30 عاما، إذ يحصلون على رواتب رمزية، بينما يتمتع أعضاء البرلمان براتب خمسة ملايين ومائتي ألف دينار كراتب تقاعدي بعد أربع سنوات فقط من العمل المفترض أن يكون طوعيا لخدمة الشعب»، مؤكدا «سعي نواب من كتل ولجان معينة لتقديم مقترح لإلغاء تلك الرواتب وتحويلها إلى مكافآت نهاية الخدمة».

    ويستمتع نواب البرلمان العراقي بامتيازات كثيرة، تماثل امتيازات بدرجة وزير، مثل الراتب الوظيفي الضخم والجواز الدبلوماسي والحصانة للنائب وعائلته، الأمر الذي لاقى امتعاضا واستنكارا لدى شرائح عديدة في المجتمع العراقي.

    الخبير الاقتصادي عبد الحميد الحلي انتقد سلم رواتب البرلمانيين وتقاعدهم، مطالبا الجهات التشريعية باستخدام المعايير الدولية لرواتب الموظفين والرواتب التقاعدية، موضحا أن أغلب الدول تعتمد على قياس متوسط أعلى راتب وأقل راتب وبموجبه يمنح الراتب للمتقاعد على ألا تتجاوز الفوارق نسبة 5 في المائة. ويضيف أن «من الحالات السلبية الموجودة في العراق ضخامة رواتب المسؤولين والموظفين من الدرجات الخاصة ورواتبهم التقاعدية التي قد تدفع إلى خلق فوارق طبقية مستقبلا، في حين أن أغلب دول العالم لا تعطي رواتب تقاعدية لنواب أجهزتها التشريعية».

    يذكر أن أعضاء البرلمان العراقي يتقاضون راتبا ومخصصات شهرية تفوق أقرانهم في كثير من بلدان العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول أوروبية أخرى.

    وكانت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية قد نشرت تقريرا من بغداد عن الوضع السياسي العراقي وواضعي ‏سياسته، حيث كتبت أن الساسة العراقيين يحصلون على ألف دولار للدقيقة الواحدة من دون أن يضعوا ‏قانونا واحدا يهم البلد ويسكنون مجانا في أرقى فنادق بغداد‎.‎ وأشارت الصحيفة إلى أن السياسيين في العراق يحصلون على أكثر من ألف دولار للعمل لمدة عشرين دقيقة فقط في هذا ‏العام، وحصلوا على رسوم بمقدار 90.000 دولار وراتب شهري قدره 22.500 دولار وسكنوا أرقى ‏فنادق بغداد، وبعد الاستقالة يحصلون على 80 في المائة من رواتبهم الشهرية مدى الحياة ويسمح لهم ‏بالاحتفاظ بجوازاتهم وجوازات عائلاتهم الدبلوماسية، في حين يفتقر البسطاء إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media