يا ويلنا.. العالم معنا !
    الأربعاء 15 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 07:38
    عبد الحليم الرهيمي
    إعلامي ومحلل سياسي
    كانت القيادات ووسائل الإعلام الفلسطينية ترفع، وبكل قوة وبأعلى الأصوات شعار ( يا ويلنا.. يا وحدنا!) وذلك عندما كان يتعرض الشعب الفلسطيني إلى عدوان إسرائيلي واسع أو هجمة عسكرية من بعض الأنظمة العربية التي يعيش فيها هذا الشعب لاجئاً في بلدانها.
    وبالطبع فان هذا الشعار فيه قدر من المبالغة، لان الفلسطينيين يحظون بدعم وتأييد واسعين على الصعيدين العربي والإسلامي والدولي في آن واحد لعدالة قضيتهم ومظلوميتهم، لكن ذلك لا يكفي في تقديرهم وقناعتهم، وهم يتطلعون إلى المزيد والمزيد من هذا الدعم والتأييد لقضيتهم، ورفع مثل هذا الشعار الذي فيه شكوى وتظّلم وتحريض لضمائر وشعوب العالم ودولها إنما جاء من اجل وقف فوري لأي عدوان وكذلك للحصول على المزيد من الدعم والمساندة وإرغام العدو على التراجع عن عدوانه، فضلا عن السعي لكسب المزيد من الدعم العربي والدولي لقضيتهم من خلال ذلك الشعار.
    تذكرت هذا الشعار، أو الممارسة السياسية – الإعلامية للفلسطينيين وأنا أتابع مواقف وتصريحات بعض القوى وبعض السياسيين والإعلاميين العراقيين، وهم يوجهون سهام النقد الحاد وغير المنصف للتحالف الدولي – الاممي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ تشكيله متناسين أن هذا التحالف قد شكل، أساسا، لدعم ومساندة حكومة الدكتور العبادي ودعم ومساندة العراق وشعبه في صموده وتصديه للإرهاب و"داعش" ومحاربتهم وصولا إلى القضاء عليهم. لقد وصف هذا الدعم والمساندة للعراق وحكومته بأنه دعم لا مثيل له، ولم تحظ بهذا الدعم حكومة وبلد في العالم كما حظي ويحظى به العراق وحكومته الجديدة، بما يحمل ذلك من دلالات ومعان تاريخية وسياسية كبيرة الأهمية.
    لقد بدأت سهام النقد والتشكيك، بل وحتى الإدانة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة له بعد فترة وجيزة من الإعلان عن تشكيله، بدءاً من القول بتأخر وصول إمدادات الدعم العسكري والمباشرة بالقصف الجوي لمواقع "داعش"، وكذلك بالقول إن هذه الضربات الجوية لا توجه ضد "داعش" وإنما ترُمى في مناطق صحراوية لا وجود لـ"داعش" فيها، وان "داعش" هي أصلا صناعة أميركية وإسرائيلية أيضا، بل يذهب بهم تفتق قريحتهم ابعد من ذلك التسقيط بالقول إن هدف هذا التحالف الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة، هو إعادة احتلال العراق وتقسيمه، بل وتقسيم دول المنطقة إلى دويلات متصارعة..
     هذا إضافة إلى الكثير من تعبيرات التسقيط والتشكيك والإدانة لهذا التحالف، إلى الحد الذي بدأ فيه هذا المنطق يوحي بأن أنظار العراقيين والعالم وجهودهم يجب ان تتوجه إلى مواجهة أو محاربة هذا التحالف قبل محاربة "داعش"، لأن "داعش" التي هي صنيعة أميركية، وربما دولية، ستندحر ويقضى عليها، طالما سيقضى على صانعيها، نعم هكذا يتحدث الناقدون والغاضبون على التحالف الدولي.
    إن هذا المنطق غير السوي يبدو كأن لسان حال أصحابه يقول (يا ويلنا   ياويلنا... إن العالم معنا!). إن العالم يؤيــدنا ويدعمنــــا ويساندنا، ونحن كعدميين نرفــــض ذلك. وخلافاً لما كان يقوله الفلسطينيون (يا ويلنا يا ويلنا... يا وحدنا) بشحن همم وعزيمة العالم ليقف معهم وزيادة الدعم والإسناد لهم ولقضيتهم يقول لنا أصحاب هذا المنطق غير السوي الويل، كل الويل والثبور وعظائم الأمور لأن العالم معنا، لأن العالم يدعمنا، فبأي منطق يتحدث أولئك الداعون لرفض دعم وتأييد العالم لنا شعباً وبلداً وحكومة؟!

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media