العالم كله يريد القضاء على داعش واردوغان يريد القضاء على الاكراد!
    الأثنين 20 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 06:51
    رزاق عبود
    يستمر الرئيس الاسلامي التركي رجب طيب اردوغان بتحدي العالم كله، ومعارضة التحالف الدولي لمواجهة خطر داعش. فبعد ان ساهم مع حلفائه العرب قطر، والامارات، والعربية السعودية، والكويت الذين ضخوا المليارات لانشاء، وتسليح، وتقوية، ونشر كل المنظمات الاسلامية المتطرفة في سوريا، والمنطقة. العرب يريدون اسقاط النظام السوري، ليس لانه معادي لاسرائيل، او لانه غير ديمقراطي، بل نكاية بايران. يريدون استنزاف ايران في سوريا. فهم ينسقون مع الغرب بقيادة امريكا، لاشغال ايران، وحزب الله في المستنقع السوري، ليخلوا لهم، ولاسرائيل المجال عبر استمرار التمزق العربي، وزيادة التوتر في الشرق الاوسط، واشغال العالم عن المشكلة الفلسطينية، وزيادة الاستيطان الاسرائيلي. يريدون ليبيا جديدة بعد انكفاء العراق بسبب تدخلاتهم. الغرب من جهته، يريد مساومة ايران في سوريا حول برنامجها النووي، الذي لايهدد احد غير اسرائيل في المدى البعيد، ورسم خارطة جديدة للشرق الاوسط تناسب اسرائيل ومخططاتهم. دخلت الدول العربية المحافظة، وتركيا، واسرائيل، ومجمل الغرب، بقايدة واشنطن في تحالف على حساب الدم السوري، والتشرد الفلسطيني، والتمزق العربي.
    المعروف، ان اكراد سوريا، ومنذ بداية الثورة السورية في اذار 2011 انتفضوا، وشاركوا سلميا في المطالبة بحقوقهم الوطنية، والقومية، والانسانية. بعد اختطاف الثورة السورية من قبل الاخوان المسلمين اولا، ثم المتطرفين الاسلاميين بانواعهم، وما يسمى الجيش  السوري الحر. نأى اكراد سوريا بانفسهم عن هذا الانحراف، والاقتتال الاهلي، واقاموا ادارة ذاتية بقيادة الاتحاد الديمقراطي المدعوم من قبل حزب العمال الكردستاني. وانشأوا قوات الحماية الشعبية((YPG بموافقة، ودعم، وتغاضي النظام السوري، الذي امدهم بالسلاح، والعتاد، ولم يهاجم مناطقهم، ولم يتعرض لهم ميدانيا. لم يساهم اكراد سوريا في الحرب الاهلية الرعناء الدائرة في بلادهم، حتى اضطروا، مؤخرا، للدفاع عى اراضيهم، وشرفهم امام زحف، وهمجية داعش ثم "دولة الخلافة الاسلامية"                                                                                                                                        
    لقد قاد التنسيق التركي، مع داعش" والدعم اللوجستي، والمخابراتي لها، الى احتلال الموصل، واجزاء كبيرة من المنطقة الغربية في العراق. داعش تحركت، وفق مخطط مسبق، وبالاتفاق مع انقرة، ودعمها المتنوع الاشكال في عبور مقاتليها الى الاراضي السورية، والعراقية. القصد سد الحدود السورية المتاخمة للعراق، ومنع وصول الاسلحة، والمعدات من العراق، وايران، ووصول المليشيات الشيعية العراقية الى سوريا بحجة حماية العتبات المقدسة هناك. ولا ادري لماذا لا يعبرون الحدود الاسرائيلية لحماية القدس الشريف، وقبلة جدهم الاولى. او ليساعدوا اخوتهم المسلمين الاكراد المحاصرين في كوباني مثلما تمركزوا في سامراء، او مثلما "ساهموا" في فك الحصار عن بامرني؟!
    ظن مسعود البرزاني، حليف اردوغان، انه سيكسب من خلال فرض الواقع. اوهموه ان داعش ستنشأ دولة عازلة بين العراق، و"كردستان"! فيبرر انفصاله عن العراق فسكت عن، وتواطئ مع احتلال الموصل. لم يدافع حتى عن القرى الكردية في شمال الموصل، ولم يحم الاقليات، التي يدعوها، ان يتحولوا من عراقيين الى كردستانيين، وترك الايزيديين، والمسيحيين، والشبك، والتركمان يذبحون كالخراف، وتسبى نسائهم، و تباع بناتهم في سوق النخاسة، او اجبارهم على دخول الاسلام بالقوة، بعد ان سلبت كل اموالهم، واستبيحت اراضيهم، وبيوتهم. لتحقيق حلم الاتراك في استعادة ولاية الموصل، التي تشمل كل الاقليم باسم الخلافة الاسلامية. لقد امر البرزاني قواته بالانسحاب، بالضبط مثلما فعل المعتوه نوري المالكي!
    لقد تصدى مقاتلي حزب العمال الكردستاني لداعش في سوريا، وكوباني، وسنجار، وغيرها، بعد ان تخلت عنهم قوات البرزاني. خرجت مظاهرات في تركيا تطالب الحكومة التركية بالتدخل فواجهتم شرطة، وجيش اردوغان بالنار وقتلت العشرات، واعتقلت المئات، وعادت الطائرات التركية الى قصف القرى، والمدن الكردية قرب حدود العراق، بالتعاون مع عصابات البرزاني بدل الاستجابة لمطالب العالم كله، وليس الاكراد فقط، بالمساهمة  في فك الحصار عن كوباني، والسماح لاكراد سوريا باللجوء الى اراضيها، وهم المحاصرين بين حدود تركيا، ونيران داعش. قوات داعش تدمر كوباني، وتقتل اهلها، وجيش اردوغان يتفرج متشفيا على بعد امتار من المذابح اليومية في كوباني. اردوغان اعلن بكل صراحة، ووقاحة، انه لن يخوض حربا ضد داعش، بل يريد اولا اسقاط النظام السوري. مدعيا ان النظام السوري اخطر من داعش، وهو امر لا تدعيه حتى المعارضة السورية المسلحة، التي دخلت في هدنة غير معلنة مع النظام، وانخرطت في محاربة قوات الدولة الاسلامية. اردوغان يريد استعادة سوريا، التي طردت القوات العثمانية بالتعاون مع رجال الثورة العربية، والقوات البريطانية، اثناء الحرب العالمية الاولى. ليضمن حدود اسرائيل، ويهب الجولان الى اسرائيل مثلما اقتطع الاسكندرونة.
    اردوغان يحاول مساومة، ومقايضة ايران على النفوذ في المنطقة، بعد ان طرده السيسي من مصر. يريد معاقبة سوريا بسبب علاقاتها التاريخية مع حزب عبدالله اوجلان. سوريا تدعم حزب اوجلان ليس حبا بالاكراد، فهي تضطدهم في سوريا، ولا تعترف بقوميتهم. لكن سوريا تريد معاقبة تركيا لدعمها الارهابيين الاسلاميين، وتدخلها الفض، والسافر في شؤونها الداخلية. اردوغان على استعداد على حرق الموصل، والعراق، وسوريا كلها في سبيل كسر شوكة الاكراد، الذين يدافعون اليوم ببسالة عن انفسهم، واراضيهم، ويسجلون ملاحم جديدة في النضال الوطني، والقومي. لقد تورط العراق سابقا في الحرب الاهلية السورية بدعم، وتحريض، وطلب من ايران. هاهي تركيا، الان، تورط البرزاني في خيانة قومية، ووطنية، وهو يتحالف مع داعش، واردوغان ضد مناضلي حزب العمال الكردستاني.
    ان القيادات العشائرية، والاسرية انتهى دورها، وهذا ما يميز الحركة الثورية الكردية في تركيا بجناحيها المدني، والعسكري، السري، والعلني. هذا ما تخشاه القيادات العشائرية الكردية في العراق. ان بذور هذه النهضة لا نكتشفها نحن، بل ان ظهور احزاب، وجماعات معارضة للاسلوب القديم واقع تشهده ساحة الاقليم. ولو تجري انتخابات ديمقراطية فعلا، نزيهة فعلا، لراينا ان الشباب الكردي يملك حسا وطنيا، وقوميا، وليس عشائريا. ان التظاهرات، التي خرجت في مدن الاقليم للتضامن مع اكراد كوباني المحاصرة الصادمة البطلة، والاستعداد للتطوع في القتال دفاعا عنها هو تعبير اخر، وصارخ على ان اكراد العراق يرفضون التحالف مع اردوغان ضد اوجلان.
    ان اجترار الحديث عن الدولة المستقلة، والانفصال عن العراق من قبل البرزاني هي مجرد محاولات لتحويل الانظار عن تحالفه مع اردوغان. وحديثه المتكرر عن "كردستانية" كركوك اسلوب لابعاد النطر عن ماساة كوباني، وعجزه في سهل نينوى، وتخاذله في شنگال. ليبرر سكوته عن مؤامرة حليفه اردوغان، وهو يسحق الاكراد عبر داعش في كوباني، وغيرها.
    للتاريخ نذكر، وقلوبنا تدمى، ان البرزاني الاب وضع كل بيضاته في سلة شاه ايران، فتكسرت كلها بعد معاهدة الجزائر عام 1975 بين صدام حسين، والشاه وبيعت الثورة الكردية مقابل نصف شط العرب. الان يضع البرزاني الابن للاسف كل بيضاته في سلة السلطان اردوغان، الذي باعه عندما، وصلت قوات داعش الى حدود اربيل، ورفض مساعدته. ولولا المصالح الامريكية، والاوربية في اربيل، ولولا المخاوف من سطوة ايران الكاملة في العراق، لكان البرزاني اليوم مع عائلته لاجئا في السويد، او امريكا. فتركيا لاتمنحه اللجوء، بعد ان، يفقد سيطرته على انابيب النفط. لقد خذلته تركيا، مثلما خذلت ايران ابيه.
    اردوغان يسمي اكبر حزب كردي: حزب العمال الكردستاني بانه منظمة ارهابية! في وقت يحارب مقاتليه اشرس منظمة ارهابية في التاريخ في حين يتفرج جيش اردوغان، وحرس برزان بدون اكتراث.
    من هو الارهابي اذن اوجلان ام اردوغان؟!

    رزاق عبود
    11/10/2014
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media