نساؤنا ونساؤهم
    الأثنين 20 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 07:41
    شيرزاد شيخاني
    كاتب ومراسل صحفي
    ما جرى في مدينة كوباني الكردية بسوريا من ملاحم بطولية بمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي هو أمر أذهل العالم، خاصة صمود أهالي هذه المدينة بوجه الهجمات المتكررة للدواعش على مدار شهر كامل في ظل عدم تكافؤ القوة العسكرية والقدرات النارية، حيث قاوم السكان المحليون هذا التنظيم المسلح بالأسلحة الثقيلة ببنادق الكلاشينكوف والقاذفات البسيطة، لكنهم  تمكنوا من تسجيل أروع انتصار ضد هذا التنظيم الإرهابي بإرادتهم وتصميمهم على النصر. وتناقلت وسائل الاعلام العالمية حكايات ومقاطع صورية عديدة لمواقف بطولية لسكان هذه المدينة وخاصة دور النساء المقاتلات وكيف أنهن ضحين بأنفسهن دفاعا عن شرفهن وعزتهن وتراب الوطن.
    قصتا المقاتلتين الكرديتين اللتين فجرت إحداهن نفسها بمجموعة من مقاتلي "داعش" بعد نفاد ذخيرتها، وانتحار أخرى بآخر طلقة ببندقيتها خوفا من الوقوع بأسر "داعش"، كانتا من أبرز قصص الفداء والتضحية التي يجب أن تروى بكتب التاريخ دلالة على دور المرأة في المعارك الوطنية وفي صد الهجمات الإرهابية.
    ولم يكن مشهد استشهاد المرأة العراقية الباسلة أمية ناجي جبارة من مدينة العلم شرق تكريت ببعيدة عن مشاهد التضحية والفداء بمواجهة "داعش"، فلا يزال صوتها وهي تردد "لن يدخلوا المدينة ويدنسوها إلا على جثتي" يجد له صدى بين كل الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم.
    وفي وقت تصدرت فيه الوقفة البطولية لنساء كوباني نشرات الأخبار بوسائل الإعلام العالمية، تصدرت بمقابلها اعترافات امرأة تونسية ذهبت مع زوجها الى سوريا لما اعتقدته جهادا في سبيل الله، لكنها وقعت بين أنياب أمراء "داعش"، واعترفت بأنها أضطرت الى الانتقال بين أحضان أكثر من 100 من أمراء التنظيم وقادته، فيما أعربت المراهقة النمساوية التي التحقت بـ"داعش" قبل شهرين عن ندمها لفعلتها واعترفت بدورها بأنها تعرضت للاغتصاب والعنف الجسدي.
    صورتان مختلفتان ومشهدان يستحقان التوقف عند كل من يمتلك ذرة عقل لتقييم الوضع المزري الذي يواجه منطقتنا بفعل تهديدات وجرائم "داعش".
    عندنا تحمل المرأة سلاحها دفاعا عن شرفها وشرف أهلها وتسترخص دماءها دفاعا عن أرض وطنها، وتتقدم صفوف المقاتلين مقدمة حياتها من أجل حماية مدينتها، وتتولى في بعض الأحيان مناصب القيادة في المعارك وتستشهد في ساحات الوغى.. وعندهم تستخدم المرأة "المجاهدة" كسلعة رخيصة لاستفراغ شهوة جنسية حيوانية، أو تباع وتشترى في سوق النخاسة بثمن بخس، أو تُسرق من زوجها كما حصل مع "المجاهد!" التونسي ليتناوب عليها عدد من الوحوش يغتصبونها حتى بأيام دورتها الشهرية كما اعترفت بذلك إحدى النساء "المجاهدات!!".
    المرأة عندنا ترضع بيد طفلها وراء جدار منزل مدمر مهجور من أهله، وبيد أخرى تمسك البندقية دفاعا عن ذلك الطفل وعن الزوج والأب والأهل والعشيرة. وعندهم تترك المرأة "المجاهدة" أولادها في بلدها الاصلي وتتجه الى سوريا والعراق لتبيح جسدها لطوابير الدواعش الواقفين عند باب خيمتها.
    المرأة عندنا هي تلك التي كرمها الله سبحانه وتعالى بالمساواة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ).
     وعندهم المرأة سلعة رخيصة تباع في الأسواق، وتستخدم آلة لتفريغ الشحنة الجنسية.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media