اللامساواة العالمية.!
    الأربعاء 22 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 04:11
    د. مظهر محمد صالح
    اذا ماذهبت ارجلك في يوم ما سيراً على شاطئ مدينة ريودوجانيرو في البرازيل فان نظرك سيلامس لامحالة تجمعات من القصور الفارهة والابنية الخلابة التي يقطنها كبار الاغنياء و تقدر اثمانها بملايين الدولارات و هي تمتد  برومانسية هادئة على شاطئ البلاد. كما تعد تلك القصور اليوم من بين الابنية الاجمل في طرازها ومعماريتها في البرازيل،فضلاً عن توافر المتطلبات الخاصة بها من قاعات سينما وملاعب تنس وحمامات سباحة وحمامات (الجاكوزي) وتجاورها بشكل متناسق الابنية الخاصة بالخدم وغير ذلك.ولكن بمجرد ان تتحرك بضع اقدام عن الشاطئ المذكور فانك ستصطدم بواحدة من اكبر مدن الصفيح المكتظة في هذه  البقعة من البلاد ،حيث يتدنى فيها القانون وتتصاعد فيها الجريمة وتتدهور فيها سبل العيش. فقد اظهرت واحدة من الدراسات التي تناولت التاريخ الاقتصادي للامساواة العالمية في توزيع الدخل والتي استخدمت مقياس معامل Gini الذي يوضح ان القيمة (صفر )للمقياس تعني ان الدخل موزع على الافراد بعدالة متساوية تامة (اي ان دخل الفرد الواحد يماثل الاخر) وان القيمة  (100) للمقياس تعني انعدام المساواة (اي ان فرداً واحداً يستحوذ على دخل البلاد كُله).إذ اظهرت الدراسة ارتفاع معاملGini  على مستوى العالم من 49 في العام 1820 ليبلغ في مطلع العام 2000 نحو 66 ما يعني ان المساواة بين الدخول في بلدان العالم هي في تدهور مستمر.ولاحظت الدراسة ان حالة اللامساواة في توزيع الدخل لبلدان مثل الصين وتايلاند ومصر والمانيا ظلت على وضعها ولم تتغير منذ العام1820 وحتى مطلع القرن الحالي،اما البرازيل والمكسيك فهما الانموذجان اللذان تعمقت فيهما فجوة اللامساواة في الدخل وذلك منذ عهد (سايمون بولفار/قائد حركة استقلال شعوب اميركا اللاتينية في مطلع القرن التاسع عشر) وحتى الوقت الراهن، ففي العام 1820 كان مستوى الغنى يرتفع في بريطانيا بمقدار خمس مرات  عما هو عليه في البلدان الفقيرة في ذلك الحين ولكن ترتفع  الولايات المتحدة  في مستوى الغنى اليوم بما يعادل 25  مرة عما هو عليه الحال في البلدان الفقيرة.ويعود سبب استمرار ظاهرة التدهور بتوزيع الدخل في بعض البلدان مقارنة بالبلدان الغربية الى ظاهرة التقدم الصناعي التي يمسك الغرب بناصيتها وقدرته على توليد القيمة المضافة والدخل العاليين.
    ختاماً،لم تقدم العولمة الراهنة شيئا
    يذكر في الغاء فوارق توزيع الدخل على مستوى البلد الواحد باستثناء ان فوارق توزيع الدخل ما بين البلدان قد انخفضت الى حدِ ما،وهي نتاج تحرير الاسواق وحرية انتقال رؤوس الاموال والموجودات والعمل من بقعة الى اخرى حول العالم.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media