يا اصحاب "السمع والطاعة" ..نحن لسنا منكم!
    الأربعاء 22 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 17:03
    قرطبة الظاهر
    اشكالكم مليئة بالرحمة والشفقة..تتنكرون بالمحابس واللحى المصبوغة وتلقون سجادات الصلاة على حافة مقاعد مكاتبكم الفارهة..كنتم بالامس تتباكون على محنة شعبكم ..كنتم تكتبون وتصرخون وتؤججون مواجع الغرب بمظلومياتكم..كنتم تخرجون في المظاهرات وترفعون شعارات التحرير من نظام البطش الصدامي..كنتم تجمعون التبرعات لارسال ملابس ومعدات وتشترون الاسلحة من ليبيا ومن منظمات مسلحة اخرى لقتال صدام وجلاوزته..كنتم تتغنون بحب الوطن وتلطمون على شهادة اولياء اموركم الذين اخذت ارواحهم زنزانات العفالقة والحاقدين والمجرمين وحواضن التيزاب ومشانق ابي غريب وغرف تعذيبها..ثم جاء السقوط! سقوط بغداد..سقوط الصنم..سقوط بوابة الشرق الاوسط وحامية الحمى..سقوط الدمار النفسي والتعسف الايديولوجي والانانية العروبية الفاشية واللئامة العشائرية الطائفية...لكن!! لم يسقط شيئا واحدا: السلوك الصدامي..سلوك مليئ بالعنجهية الشوفينية المريضة المليئة بروح الانتقام من الاخر..سلوك لا يحترم الاحسن والافضل..لا يحب الاستماع.. يفرض على الجميع ان يكونوا من القطيع المجرور كعربات الخيول والبغال!! سلوك لا يتحمل حرية الفكر ولا يتحمل فكر الاخر..سلوك يواجه كل شيئ بالنفي او بالابتزاز او بالانتقام بالقتل والاغتيال او بالاختطاف وطلب الفدية..سلوك بعيد كل البعد عن مفاهيم الانسانية والدين ومكارم الاخلاق..هم انفسهم..اصحاب اللحى المصبوغة والمحابس وسجادات الصلاة .. اصيبوا بهذا السلوك فامتزج سلوكهم المتدين والمزوق باللحى والمحابس ..امتزج بالسلوك الصدامي فاصبح قنبلة اجتماعية موقوتة وخطيرة جدا..اصبحوا اقبح من قبح البعث وفاشية النظام البائد..اصبحوا يتاجرون بشهادة اولياء امورهم الشهداء الذين دفعوا ثمن تضحياتهم حبا للعراق ووفاء واخلاصا له..فتحول هذا الحب والاخلاص والوفاء ورقة رخيصة لدى اصحاب اللحى المصبوغة والسبح والمحابس.. ورقة يتاجرون بها مناصبهم العليا ويسرقون قوت نازحين من اطفال ونساء لا يعرفون ما سوف يلاقيهم من مصير مجهول.. ورقة يستبدلوها كلما يشاؤون لاكل السحت الحرام من المنكوبين والفقراء..ورقة يضعون عليها ما يمليه عليهم فكرهم المريض المليئ بالخبث والمكر والدهاء والارهاب والحقد والدونية.. فكرهم الذين استحوذوا من خلاله على المناصب والبيوت الفارهة ونهبوا حقوق شعب باكلمه بحجة حب المذهب المزيف! فكرهم الذي اصبح مستشري في جميع دوائر الدولة حتى وصل إلى المؤسسات التعليمية والتربوية..فكر يجاهرون به ليلا ونهارا يعتمد على سياسة: لا تناقشني ابدا، عليك بال"سمع والطاعة"..فكر يفرضوه على المجتمع الذي وصلت به الحال إلى ان يفكر كل شاب يافع بالهجرة منه وتركه..فكر لم يعد يتحمله احد يفرض سيطرته على جميع مفاصل الدولة..وخاصة على النساء!
    مزيج من الصدامية الشوفينية والاسلمة الداعشية: فكر اصبح الان رائجا حتى لدى عقول من يعتبرون من المثقفين وحاملي الشهادات وحتى المغتربين الذين لا يعرفون العيش سوى بين اربعة حيطان والمسجد فقط! فكر ضيق يجبر الطفل والمراة والشباب على قول "السمع والطاعة" ثم التنفيذ بلا مجال للتمعن والتفكير او حتى الحوار.
    لماذا اصبحنا هكذا؟ لماذا وصلنا إلى هذا الحد من الانحطاط الفكري والعقلي والعقلاني؟ لماذ كل هذا الانهيار التدريجي في شخصية الانسان العراقي؟ من يا ترى يؤثر علينا؟ ولماذا نفسح له المجال كي يؤثر علينا؟؟ لماذا لا نقلب الموازين ونثور على كل هذه المفاهيم والافكار السلبية والخطيرة؟ .. أم اصبنا جميعا باليائس ونحن الان في الطريق إلى الانتحار الاجتماعي؟؟...قولوا لهم انكم لستم مثلهم..قولوا لهم انكم لن تكونوا مثلهم بل افضل بكثير منهم..قولوا لهم بان فكرهم هذا مدمر وخطير..قولوا لهم ان حرية الفكر والتعبير عن الراي هي حق طبيعي الهي..قولوا لهم بانكم لن تكونوا من اصحاب "السمع والطاعة" لان هذا النظام قد ولى إلى الابد...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media