سمو معاني النهضة الحسينية وسر بقائها...
    الثلاثاء 18 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 - 19:19
    هلال آل فخر الدين
    صحيح ان نهضة الامام الحسين انطوت على ابعاد واهداف ومعاني متعددة ومتنوعة انسانية واخلاقية واجتماعية وتربوية وتضحوية وسياسية ..الخ لكن اساسها الابرزوظاهرتها الاوضح البعدالالهي الرسالي حيث كان رائدها ومحورها اصلاح الانحراف الديني الذي طمس اسس الشريعة والغى اصول العقيدة وغيب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهنا نعطي امثلة واضحة لما لحق بالرسالة الخاتمة من تحريف فضيع يؤكده الصحابة وأئمة السلف وحتى وعاظ سلاطين طغاة بني امية واصبح الاسلام في مهب الريح او كما قال الحسين (على الاسلام السلام )في ظل فتنة بني امية (الشجرة الملعونة في القران) الذين غيروا السنن وعاثوا في الارض الفساد واستعبدوا العباد ..!!

    تعطيل سنة الصلاة

    معلوم ان شعيرة الصلاة من اسس الاسلام وهي عمود الدين ان قبلت قبل ماسواها وان ردت رد ماسواها..لكن ارجاس بني امية عطلوها اخرجه الامام  الشافعي في كتاب(الام) قال:ان (كل سنن رسول الله(ص) قد غيرت حتى الصلاة) كتاب الام للشافعي1:208

    كما اخرج الترمذي والبخاري وابن سعد عن مفتى بني امية الزهري قال:دخلت على انس ابن مالك بدمشق وهووحده يبكي فقلت ما يبكيك؟ قال:(لا اعرف شيئا مما ادركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت ) انظر صحيح الترمذي :3:302 وجامع بيان العلم 2:244 والزهد والرقائق 531 وضحى الاسلام 1:365

    مما يثير العجب ان الصلاة قد احدثوا فيها وغيروها عما كانت في زمن النبي (ص) فقد روى البلاذري في(انساب الاشراف) والبيهقي في (سننه) والمتقي الهندي(كنز العمال) :ان الصحابي عمران بن الحصين صلى خلف الامام علي فاخذ بيد مطرف بن عبد الله وقال :(لقد صلى صلاة محمد ولقد ذكرني بصلاة محمد .)انظر انساب الاشراف 2:18 وسنن البيهقي2:68 وكنز العمال8:143

    البدع تطال الاذان

    وكل ركائز الاسلام طمست الا الاذان اخرج الامام مالك بن انس في (الموطأ) عن جده الصحابي مالك قال:(ما اعرف شيئا مما أدركت الناس إلا النداء بالصلاة )انظر (الموطأ) 1:93 وشرحه1:122

    لكن النداء (الاذان) حرف واحدث فيه كما اخرج البخاري وغيره حيث تؤكد كافة مصادر السنة انه (كان الأذان لصلاة الجمعة أذانا واحدا – سوى الإقامة – في عهد النبي (ص) وأبي بكر وعمر– وكان يرفع حين يجلس الإمام على المنبر، فزاد عثمان – أذانا ثالثا ، دل على ذلك حديث السائب بن يزيد :( إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله –(ص)- وأبي بكر وعمر –رضي الله عنهما-، فلما كان في خلافة عثمان أمرعثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث ، فثبت الأمر على ذلك).رواه البخاري وغيره
    بأنه بدعة وكل بدعة ضلالة قال الجصّاص في أحكام القرآن :(وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَإِنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا أَذَانًا وَاحِدًا إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ عَلَى مَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا).
    واحتجوا لقولهم بأثر ابن عمرقال العلامة الألباني في رسالة الأجوبة النافعة يظهر من قول ابن عمر انها بدعة و لا نرى الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ودون قيد وهو القائل(ص):(فمن رغب عن سنتي فليس مني)متفق عليه..كما ابتدع عثمان اتمام الصلاة في منى والسنة تقصرالصلاة فيها اخرج الطبراني وغيره ان الصحابة انتقدوا تصرف عثمان ذلك:( وقد عابوا عليه –أي عثمان- حين أتم الصلاة بمنى).رواه الطبراني في الأوسط

    وحتى الاذان طمست معالمه فقد تجرأ عبد الله بن الزبير في عهد سيطرته على الحجاز منع ذكرالشهادة الثانية في الاذان (اشهد ان محمدا رسول الله) في بيت الله الحرام في مكة المكرمة  بل وخالف السنة فقدم الصلاة على الخطبة يوم (الجمعة ) انظر العقد الفريد:4/413 ، وشرح النهج:20/127، وأنساب الأشراف:4/ 28

    حبر الامة ابن عباس يلعن معاوية لالغائه زينة الحج التلبية  

     تؤكد مصادر السلف ان معاوية جهد على طمس الشريعة وتحريفها  ! روى الامام احمد في مسنده -1217- بسند صحيح ان ابن عباس لعن معاوية  لكنهم رووا هذه الرواية على الابهام بقوله بدل معاوية (فلان) تسترا على معاوية!! قال ابن عباس: (لعن الله فلانا عمد إلى أعظم أيام الحج فمحى زينته وإنما زينة الحج التلبية) .( كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون).لكن الامام ابن خزيمة في صحيحه قد افصح وبين -4260- إن المراد باللعن معاوية بن ابي سفيان!

    ضياع اركان الاسلام

    حتى وصلت احوال المسلمين في ظل دولة بني امية على عهد الامام علي بن الحسين انهم  كانوا لايعرفون كيف يحجون بل وحتى كيف يصلون ..؟؟!! انظر كشف القناع عن حجية الاجماع :67

    حرق وتهديم الكعبة

    تواترت الاخبارمن مصادر السلف بحرق وتهديم الكعبة المكرمة على ايدي طغاة وفجرة بني امية كيزيد وعبد الملك

    فلم تبق لله حرمة ولم يتورعوا من ارتكاب اية جريمة حتى تبارى اشقياء ولاة بني مروان  بهدم الكعبة روى الاصبهاني عن المدائني :أن والي الامويين على العراق خالد القسري كان يقول:(لوامرني امير المؤمنين لنقضت الكعبة حجرا حجرا ونقلتها الى الشام ) الاغاني60:19

    الانحراف يطال معالم دين الا القبلة 

    يظهر ان معالم الدين غيرت فقد كشف التابعي الحسن البصري استثنى  القبلة فقط مما لحق من التغيير فقال:(لو خرج عليكم اصحاب رسول الله ماعرفوا منكم الاقبلتكم) انظر جامع بيان العلم 2:244 وحتى هذه غيرت !

    تلاعب بني امية باركان الاسلام وحتى استبدلوا بيت الله  والقبلة

    لم يرعوى طغاة بني امية ولم يرتدعوا بتحويل الحج من مكة الى بيت المقدس وكذلك تحويل قبلة المسلمين من مكة الى بيت المقدس ذكرالعلامة ابن كثيرواليعقوبي والدميري ان عبد الملك بن مروان منع اهل الشام من الخروج الى مكة للحج فضج الناس وقالوا تمنعنا من حج بيت الله الحرام وهو فرض من الله علينا ؟ فقال لهم:هذا الزهري –كبير احبار فراعنة بني امية - يحدثكم فقال الزهري :ان رسول الله قال :(لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :المسجد الحرام ومسجدي ومسجد بيت المقدس)فهو يقوم لكم مقام المسجد الحرام وهذه الصخرة التي يروى ان رسول الله وضع قدمه عليها لما صعدالى السماء تقوم لكم مقام الكعبة !

    فبنى عبد الملك على الصخرة قبة (القدس)وعلق عليها ستورالديباج واقام لها سدنة وأخذ الناس يحجون اليها ويطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة !واقام بذلك أيام بني امية ..انظر البداية والنهاية 8: 280وتاريخ اليعقوبي 3: 8وحياة الحيوان 1: 66 والاناقة في معالم الخلافة 1: 129

    الانحراف يصل الى تغيير قبلة الاسلام في العراق !

    قال الجاحظ في بعض مصنفاته :حتى قام عبد الملك بن مروان وابنه بالهدم وعلى حرم المدينة بالغزو فهدموا الكعبة واستباحوا الحرمات وحولو القبلة في مدينة واسط  الى بيت المقدس .. وقد يكون هذا السر في استحباب التياسر في قبلة العراق دون غيرهم عند ائمة اهل البيت لكن خصوم الشيعة  قد التفتوا الى هذا ولذلك كانوا يصمون من يتحرى القبلة ب(الرفض)  فقد روى الخطيب البغدادي :أن قاضي واسط اسد بن عمرو قد راى قبلة واسط رديئة فتحرف فيها فاتهم بالرفض  انظر تاريخ بغداد 16:7 ونشوار المحاضرة للتنوخي36:6

    الانحراف يطال تحريف القران

    ومما لامشاحة فيه ان سورة الحمد  في المصحف وباجماع المسلمين (7ايات) مع البسملة لكن حزب الطلقاء لازال مصرا على عناده فياتي بالصلاة المبتورة فلا ياتي ببسملة الحمد بالقراءة في الصلاة..!

    كما لامرية فيه ان الجهر بالبسملة في الصلاة من سنن النبي(ص) .فكان الامام علي يجهر بها  لذلك بالغ بنوامية في المنع عن الجهر بها سعيا في إبطال آثار الامام علي  انظر تفسير النيسابوري  بهامش تفسير الطبري 1:79 حتى اخرج النسائي والبيهقي في سننهما عن ابن عباس انه كان يقول:اللهم العنهم –أي بنوامية - فقد تركوا السنة من بغض علي انظر تعليقة السندي بهامش سنن النسائي5:253  ...!

    كل  معالم الدين طمست

    ولم يستثني الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص شيئا لم يحرف ويطمس إذ قال: (لوان رجلين من أوائل هذه الامة خلوا بمصحفيهما في بعض هذه الاودية لاتيا الناس اليوم لايعرفون شيئا مما كان عليه )انظر الزهد والرقائق:61

    ونتيجة لازدحام ساحة المسلمين بتتابع طغاة الظالمين وحصول هذه الفوضى باستغلال المتربصين والمتاجرين والحاقدين انفرط عقد الدين بهيمنة الظالمين وراج سوق الوضاعين والكذابين فاصبحوا  مصادرا للدين يحللون ويحرمون شريعة خاتم النبيين (ص) وائمة للمسلمين تجللهم القداسة الزائفة وهكذا شاء الحكام وهكذا استحق المحكومين بابتعادهم عن الهدى النبوي وائمة الهدى الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ..

    منزلة الخليفة اعظم من رسوله

    حيث ان طغاة بني امية اشاعوا عن طريق احبارهم :(ان خليفة المرء في اهله ارفع عنده من رسوله إليهم ) لايهام الامة بان الخليفة اعظم من الرسول انظررسائل الجاحظ 2:16  وهذا المنهج نفسه تقتفيه الوهابية الضالة بقول بن عبد الوهاب ان النبي طارش او ساعي بريد وان الخليفة الامير الحي افضل من النبي الميت بل وان الربابة في بيت العاهره افضل من رسول الله انظررد العلامة دحلان على كفريات الرجس محمد بن عبد الوهاب

    ابو هريرة ومسار الانحراف الاموي

    وسار الانحراف بوتائرمتصاعدة في دولة بني مرون اخرج الامام أحمد  والنسائي عن ابي هريرة قالالنبي (ص)  (إن فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش ) سمعت أبا هريرة يقول لمروان بن الحكم أخبرني حبي أبو القاسم (ص )قال : فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش.وكان ابو هريرة دائما يردد لقد بثثت وعاء من العلم وبقي وعاء اخر لو بثثته اوافصحت عنه لقطع البعوم ..!!

    كفريات معاوية

    قال القاضي عبد الجبار في المغني في أبواب العدل والتوحيد: أظهر معاوية أنّ ما يأتيه بقضاء الله ومن خلقه، ليجعله عذرا في ما يأتيه ويوهم أنّه مصيب فيه، وأنّ الله جعله إماما وولاّه الأمروفشا ذلك في ملوك بني أميّة  انظر رسائل العدل و التوحيد ج2ص46 .

     المؤسف حقا ان يتجاهل علماء مدرسة السقيفة كفريات وطامات معاوية خشية ان يقدح فيه لانه ستلزم إبطال نظريّة عدالة جميع الصّحابة. ولاتحجب بغربيل جرائم معاوية لانها مبثوثة في كتب السلف 

    غاية معاوية تبرربغيه وسفكه للدماء

    كان جل جهود معاوية وغايته في حربه للامام علي وقتله للصحابة والصلحاء النزوعلى منصب الخلافة بالمكروالسيف والتسلط على رقاب الامة واستصفاء البيضاء والصفراءعلى خلاف ما اظهره برفع المصاحف في صفين والثائرمن قتلة عثمان .!

     اخرج الامام ابن أبي شيبة في مصنفه : عن سعيد بن سويد قال: صلّى بنا معاوية الجمعة بالنخيلة في الضحى، ثم خطبنا فقال: ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، وقد أعرف أنّكم تفعلون ذلك، ولكن إنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون انظر المصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج 7 ص 251 الحديث رقم 23  .

    أئمة السلف يطعنون في دين معاوية وابن العاص

    قال مصنف النهج : ومعاوية مطعون في دينه عند شيوخنا رحمهم الله، يرمى بالزّندقة. وقد ذكرنا في نقض"السفيانية "على شيخنا أبي عثمان الجاحظ ما رواه أصحابنا في كتبهم الكلاميّة عنه من الإلحاد والتعرض للنّبيّ(ص) ، وما تظاهر به من الجبر والإرجاء، ولو لم يكن شيء من ذلك، لكان في محاربته الإمام ما يكفي في فساد حاله لا سيما على قواعد أصحابنا وكونهم بالكبيرة الواحدة يقطعون على المصير إلى النّار والخلود فيها إن لم تكفّرها التوبة !!

    ولم تثبت لمعاوية توبة بل ثبت قوله (لا والله إلاّ دفنا دفنا ) كما أخرجه الزّبير بن بكار في الموفّقيّات عن المطرف بن المغيرة بن شعبة عن ابيه المغيرة بن شعبه  انظر مروج الذهب للمسعودي والنّصائح الكافية لمحمّد بن عقيل الشافعي، ص 124..

     امام الحنابلة ابن الجوزي يلعن يزيد للكفره

    وقد ترصد جرائم يزيد المهلكة العلامة ابن الجوزي وهو من كبار علماء الحنابلة فصنف كتابا خاصا في وجوب لعن يزيد والبراءة منه لكفره سماه ( الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد) وقد أثبت فيه أن يزيدا كافرا

    قال ابن حجر الهيثمي وأعلم ان أهل السنة أختلفوا في تكفير يزيد بن معاوية,وقالت طائفة أنه كافرلقول سبط بن الجوزي وغيره المشهور انه لما جيىء برأس الحسين اليه جمع أهل الشام وجعل ينكت الرأس الشريف بالخيزران ,وينشد أبياتاً ابن لزعبرى : ليت أشياخي ببدر شهدوا.. الابيات المعروفة وزاد فيها بيتين مشتملتين على صريح الكفر .

     سموا معاني النهضة الالهية الحسينية وسر بقائها

    ومن هنا ندرك سموا معاني النهضة الحسينية لان اهم ركيزة واعظم اساس واعمق بعد فيها فنائها بالحق المطلق وامتثالها المطلقة للحق لاحقاق الحق وابطال الباطل لا تاخذها في الله لومة لائم قال تعالى :(ولوا أنا كتبنا عليهم أن آقتلوا أنفسكم وآخرجوا من دياركم مافعلوه إلا قليلل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا)النساء:66 فاندكاك الامام الحسين وذوبانه في الله وخوفه منه جعل له هذه القوة المؤثرة في الامة والفاعلة في التاريخ والعمق في النفوس والخلود في الضمائررغم طول القرون وشدة محاربة نهضته من قبل الجبابرة واعتى الطغاة ولكن لم تزدها تلك الامور والاحداث الارسوخا وتجذرا وشموخا  في بيوتا اذن الله ان ترفع وبذكر فيها اسمه ..!! لانها واجهت الانحراف وقاومت الاستبداد وكسرت حاجزالخوف ورفعت لواء الرسالة وحفظت السنة واحيت الاسلام (حسين مني وانا من حسين) ..

    ولكن مع ذلك فان كثيرا من الامة لازالت تحت كابوس اوهام القدسيات الزائفة وفي تيه اعظم واشد من تيه بني اسرائيل..!

    اذن الامام الحسين بنهضته الالهية اصبح رمزا يرنوا اليه الابرارويرتشف معين فكره الصلحاء ويترسم عظيم عطائه الثوارويتوسم نهجه الاباة ويتمسك بدربه الشرفاءويهفوا لمبادئه الفلاسفة ويلهج بسيرته العظماء ويردد مأثره الادباء وينشد اسطورته الشعراء ..

    هلال آل فخرالدين
    hilal.fakhreddin@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media