الكلب الإسباني والفتوى السعودية
    الأربعاء 19 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 - 17:09
    علي محمد البهادلي
    قد يستغرب القارئ من عنوان المقال؛ فما علاقة الكلاب الإسبانية بالفتاوى الدينية التي تصدر عن المؤسسات الدينية الرسمية وشبه الرسمية في المملكة العربية السعودية؛ فهل مشايخ التكفير  وفتاواهم المتنقلة  سافرت عبر بساط الريح  السلفية إلى حيث بلاد الأندلس وكلابها الجميلة!! تاركة وراءها ولاة الأمر وخادم الحرمين وحراس الأمة وحماتها ووو.. فلا هم كفار ولا هم مرتدون ولا هم يحزنون، بل هم شيء آخر مما لا تعلمون،  فما ذنب الكلاب الإسبانية يا ترى؟!!
    الحقيقة إنها مجرد مقاربة تستفز عقول المسلمين بانتماءاتهم المذهبية كافة لا سيما معتنقي التيارات السلفية علَّهم يعقلون!! ففي الأسابيع الماضية عزلت السلطات الإسبانية أشخاصاً مشتبهاً بأنهم مصابون بفيروس(إيبولا) ومنهم الممرضة الإسبانية التي يشك أن الفيروس انتقل إليها عن طريق هذا الكلب المسكين!!  فما قصة هذا الكلب وما الذنب الذي اقترفه؟!!
    اتهم هذا الكلب  المسكين زوراً وبهتاناً بأنه تسبَّب بنقل هذا الفيروس للممرضة المذكورة آنفاً، وقد أُصدِر حكم جائر بإعدامه!  بيد أن الناس في إسبانيا هرعوا وجن جنونهم واحتشدوا فكانت هناك اشتباكات بشرية!! بين الشرطة الإسبانية والمطالبين بحقوق الكلب بتمييز الحكم!! لكن السلطات الإسبانية أصرت على تنفيذ حكم الإعدام بحق هذا" الكليب"  من باب قاعدة التزاحم بين الأهم والمهم، فكانت كفة صحة ملايين البشر قد رجحت على تمييز الحكم أو درء الحدود بالشبهات كما هو معروف عند جميع المسلمين سوى القضاة والفقهاء البداة المنتمين إلى المؤسسة الهمجية في المملكة أعلاه!!
    حقاً وصدقاً، لم اعرف منذ أن وعيت على مسرح الدنيا الممتلئ بالدراما المتناقضة لم أعرف تناقضاً كتناقض الجماعات التكفيرية التي تكفِّر ما سواها من الناس وتنذر بتفجيرهم وتفخيخهم، وتعذيبهم قبل قيام يوم الدين وفق  شهادة الكرام الكاتبين!!!
    فهم يقرأون في اليوم والليلة قرابة(عشرين) مرة  عبارة "الرحمن الرحيم" ويلوكون بألسنتهم  الآيات القرآنية التي تنبئ بأن النبي(ص)  لم يبعث إلا رحمة للعالمين(( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) ويسردون في مجالسهم قصة ذلك الصحابي الذي وبَّخه النبي أشد ما يكون التوبيخ ولم يرض عنه إلا بعد نزول آية، وقصته مع ذلك الراعي الذي قتله قبل أن يتيقن من موقفه من الإسلام ويلوكون بألسنتهم خطبة الوداع للنبي الأكرم(ص) وقوله فيها:((أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد))وو ،،،،،لكن كل ذلك يرميه التكفيريون وراء ظهورهم، خاصة إذا كانت فتاواهم ضد ما يسمونهم رافضة! حتى غدا الإسلام مقروناً بالإرهاب والقتل والعنف والهمجية والاستعباد والسبي والنخاسة والتعصب والكراهية، وكل ما هو سلبي ومضاد للمدنية وحقوق الإنسان، والسبب هو عشرات مفاقس التكفير السعودية  المتمثلة بالمؤسسات الدينية حتى الرسمية منها، فإذا ثارت ثلة من الإسبان جراء إعدام كلب، متذرعين  بلوائح حقوق الحيوان وحمايته! وهذا حق لهم، فما الضير  في حجز هذا الكلب في بستان بعيداً عن المدينة المكتظة بالسكان وجلب كلبة جميلة تطرد مشاعر الغربة والانعزال والملل عنه؟! لكن حري بالعالم المتمدن المدافع عن لائحة حقوق الإنسان العالمية، إذا لم تصحُ السلطات الدينية والسياسية السعودية، أن ينهض لدك أوكار هذه المفاقس العفنة التي تفقس كل يوم فتاوى تكفير وقتل وكراهية بعيدة كل البعد عن روح الإسلام  ومذاهبه المعتدلة لا سيما المذاهب الإسلامية الأربعة.
    ولا ننسى دور الجامعات والمعاهد الإسلامية العريقة كالأزهر والزيتونة والنجف في تأدية الدور الثقافي المضاد لثقافة العنف والتكفير وإبراز الوجه الناصع للدين الإسلامي والحضارة التي دان لها العالم في تقدمه وتطوره.
    وعتبٌ يطول مع إخواننا في الوطن العربي من الخليج حتى المحيط؛ لعدم وقوفهم وقفة مشرفة واحدة مع العشرات من إخوانهم الذين يُفجَّرُون  ليلاً نهاراً في العراق وغيره من المناطق  باسم الإسلام،في حين غيرة الإسبان الشريفة نهضت لتشمل برحمتها حتى الكلاب!!
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media