الإرهابيون التكفيريون أيّنهم من الرحمة والعفو ، وتعاليم الإسلام وقيم الأمة -1-
    الثلاثاء 25 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 - 04:19
    كريم مرزة الأسدي
    أيّها العراقيون : هذا قرآنكم ، وهذه سنّة نبيّكم ، وهذا المأثور من تراثكم ، أمّا أنتم أيّها  التكفيريون والإرهابيون فمن أيّ ملّةٍ تُصنَّفون  ؟!!

    1 - المقدمة :
    لا أدري ولا المنجم يدري ، ولا الشعب يدري ، ولا الأمة تدري ، كيف وصل العراق - وبعض أقطار الأمة - إلى ما وصل إليه من دمار وتمزيق وتفتيت وتهجير وتكفير ، وحرمان وجهل ومرض  وقتل وقطع رؤوس وجثث مرمية  وسرقات علنية  وانتهاكات عنجهية  واغتصابات همجية ؟!!
      ولا ندري - وإن كنّا ندري  !! - مَن هو المسؤول عن كل هذا تخطيطاً وتنفيذاً وخسّةً ونذالةً وحيونةً  ، بل أدنى وأدنى ؟ ومن يقف وراءه وأمامه ومن جنبيه  ؟ ولماذا بأوجهٍ  عربية مقنعة بخسة اللؤم والحقد الأعمى المجنون  حتى أصبح العربي يمقت العربي ، والمسلم يكره المسلم ؟ !! إنّه مشروع قتل أمة بكاملها ، ومسحها من الوجود   - وأعني أمة العرب - ككبش فداء لمصالح دول ودولٍ منها جارة ومنها قارة ، ولكن ألا يخشى هؤلاء  جميعاً أن ينقلب السحر على الساحر؟!! ، ودورة حياة الأمم تسيرها  الأقدار ومن ورائها السر الخفي ، والدنيا دول !!  لا يعيش إنسان إلا بالإنسان ، من هنا ينادي الأذكياء الحكماء بلقاء الحضارات ، لا صراعها من أجل الفناء .. النيران صماء بكما لا تعي ولا تدرك ، قد تأتي على الأخضر واليابس ، اللهم ارحم هذا الإنسان ، المخلوق الغرور !!      
    أيّها التكفيريون ! .. أيّها الإرهابيون ! أيّها المجرمون ! أنتم المسؤولون الفعليون أولاً وأخيراً  ، والإرهاب بكل مسمياته  ليس له طائفة ، ولا دين ، ولا وطن ، ولا قومية ، ولا عرق  إنه مجرم بكلّ المقاييس الشرعية والقانونية والعرفية والإنسانية ، إنكم أدوات تنفيذ قذرة رخيصة  مجرمة !!، لا تتماشى بأي شكل من الأشكال ، ولاحتى  بمقدار ذرة مع  تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، ولا قيم الأمة وتراثها المجيد  .
    وإليكم ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة  والأقوال المأثورة  الموروثة عن الرحمة والتسامح والعفو لعلكم تتذكرون ، ولعلهم  يعقلون !!
    2 - الرحمة أولاً :
    وهل هنالك من إنسان في الدنيا لا يطلب الرحمة عند النقمة ؟ وهل هنالك من شكٍّ أو ظنٍّ أو ريبٍ من أنّ الرحمة هي أسمى المعاني الإنسانية إطلاقا حتى قيل إن الرحمة فوق القانون ؟!! فكيف بهؤلاء الإرهابيين والمجرمين ممن انتزعت الرحمة من قلوبهم أن نحسبهم  على الإنسانية بأي معنى من معانيها السامية أو الدانية ؟!!
    من العجيب والمدهش أن معظم الإرهابيين في أوطاننا يرمون أنفسهم جوراً وظلماً على المسلمين ، ويتكلمون باسم الإسلام ، والإسلام منهم براء  !!!
     نشر ع بالرحمة ، والرحمة هي الرقة والتعطف مجبول عليها الإنسان بمشيئة الله وسنّته ، ولن تجد لسنّة الله تبديلا ، إلا الشواذ ببيئتهم وتربيتهم ، وقد اشتق من الرحمة  الرحمن و الرحيم ، وهما من أبرز الأسماء الحسنى  بعد لفظ الجلالة  (الله) ، والرحمن أخصّ بالله من الرحيم ، لأنها أكثر مبالغة ، ولا يجوز إطلاقها على غير الله ، وقد وردت في القرآن الكريم مقرونة بلفظ الجلالة ، واللفظ هو هو ( قُلْ اَدْعُوْ اللهَ أَو ادْعُوْ الرَّحْمن) (الإسراء 110) ، وقد ورد ذكرهما - كما لا يخفى إلا على الإرهابيين والمجرمين - في جميع فواتح سور القرآن الكريم ( بسم الله الرحمن الرحيم)  ، ما عدا سورة التوبة، والمسلم يردد في صلاته  المفروضة  ما لا يقل عن أربع وثلاثين مرة في اليوم ، فهو كلما أدى ركعة واحدة  قرأهما مرتين : ( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم) .
     الدعاء بالرحمة كان ديدن كل الأنبياء والرسل ، ناهيك عن جميع خلق الله من آدم حتى يومنا ، ويوم يبعثون ، إنّها غريزة للتعلق بالحياة ، لإكمال مشروعها الفردي والجمعي ، فللحياة هدف سامٍ ، ومن دونه لا تستحق أن تعاش !!  ، آدم وحواء (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَّمْ تَغْفِرْلَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) (الأعراف  23 ) ، وسيدنا نوح  (وَإلاَّ تَغْفِرْلِيْ وَتَرْحَمْنِيْ أَكُنْ مِّنَ الْخَاسِرِيْن ) (هود  47 ) ، وهكذايدعوبها يونس في (يونس 86) ، وموسى في (الأعراف 155) ، وسليمان في (النمل 19) ، وأهل الكهف في سورتهم (10) ، وحتى رسولنا الكريم  يدعو بها مراراً : (وَقُلْ رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِيْنَ) ( المؤمنون 118 ) .
     وفي الحديث القدسي: (إن رحمتي تغلب غضبي) مخرَّج في الصحيحين ، هذا هو ربّنا ، ربّ العالمين ، فمن هو ربّكم حين يغلب غضبكم رحمتكم ؟ إن كان ثمّة رحمة في قلوبكم !!
    ومن أدعية النبي (ص) المأثورة، (دعوات المكروب)  (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) ، بتأخير الفعل أرجو ، دلالة على الاختصاص ، أي النبي خص الله وحده  بطلب الرحمة ، لأن رحمته وسعت كلّ شيء ، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (الأعراف 156) ، وهو بحاجة ماسة إليها ، ومفتقر لها ، ويوصي ابنته فاطمة (ع) ، أن تدعو صباح مساء : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ...) .
    وعلى المستوى العام الإسلام ليس بدين قتل ولا إرهاب ولا تكفير ، شعاره ( السلام عليكم) ، ووداعه في ( أمان الله) ، هذا تراثنا ، وهذا ما ورثناه ، وهذه تعاليم ديننا الحنيف  ، وهذا ما نكرره في صلواتنا ، وقيامنا ، وفعودنا ، وقلت ذات يوم :
    نحن السلامُ لنا فرضٌ نرددهُ *** في كلّ آنٍ وعند الحلمِ والغضبِ
    فالإسلام - والأديان كلّها - رسالة رحمة و محبة وسلام وخير للبشرية جمعاء عن ابن مسعود ، عن النبي (ص) ، أنه قال: (لن تؤمنوا حتى تراحموا) ، قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم ، قال: (إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة) رواه الطبراني ورجاله ( موثوق) . ( وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَ ) ( الأنبياء:107)  ، وقال رسول الله : (لا يرحم الله من لا يرحم الناس) (متفق عليه) ، وفي حديث  صحيح : (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه أبو داود والترمذي.
     الرحمة من أسس استمرارية الحياة ، وبدونها تحكم شريعة الغاب ، والقوي يأكل الضعيف ، وفوق كلّ ذي قوة قويٌ أقوى ، وهكذا !! ومن أسماء الله الحسنى ( الرحمن) ، ( الرحيم) ، ( القوي) ، وهي من أهم أسس التوحيد ، والإيمان به ، ومن تنتزع الرحمة من قلبه ، فهو غير موحد ، كافر بالله الرحمن الرحيم القوي الجبارالمتعالي  الواحد القهار المهيمن إإإ كيف لهؤلاء الإرهابيين التكفيريين الكفار ، يقتلون الآلاف من بني آدم برمشة عين ، ويغتصبون ، ويسرقون ، وينهبون ، ويروّعون النساء والأطفال والشيوخ   دون رحمة ، ولا إيمان بقوة الله وجبروته وعدله ، ويزعمون أنهم موحدون !!  لا أدري ولا المنجم يدري ولا الشعب يدري ولا الأمة تدري ، ولله في خلقه شؤون !!      
    " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ " ( آل عمران 8) .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media