بهدف الوقوف على ابعاده ونتائجه
    معهد التقدم للسياسات الانمائية يعقد ندوة موسعة لمناقشة الاتفاق الاخير بين بغداد واربيل
    الأثنين 8 ديسمبر / كانون الأول 2014 - 09:37
    في خطوة مهمة للوقوف على ابعاد الاتفاق الاخير بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان .. عقد "معهد التقدم للسياسات الانمائية " ندوة موسعة بمشاركة نخبة من خبراء النفط والاقتصاد والقانون والسياسة .. جرى خلالها مناقشة ابعاد ومضامين هذا الاتفاق واثاره الايجابية والسلبية على الواقع الاقتصادي والسياسي وعلاقات العراق الخارجية
    وفي مستهل الندوة تحدث " النائب مهدي الحافظ "عن هذا الاتقاق واصفا اياه بانه قضية مهمة تتعلق بالبناء الوطني في تسوية الخلافات مع حكومة اقليم كردستان بشأن المورد النفطي. لاينبغي ان يتصور احد بأننا هنا نتجاهل المصالح القومية المشروعة للشعب الكردي بما فيها حق تقرير المصير واقامة دولة مستقلة ضمن مناخ دولي واقليمي ملائم . فنحن – كنا وما زلنا-  نتمسك بالدفاع عن هذا الحق التاريخي ونطالب بتوفير الظروف لتطبيقه . الا ان الاتفاق المعلن الاخير اثار ويثير عددا مهما من الملاحظات والتساؤولات ، لا لشئ الا لتأكيد التلاحم المطلوب تعزيزه بين الشعبين العربي والكردي ، ولوضع اساس متين في المستقبل دون تفريط بأي حق مشروع لهما .
    واوضح الحافظ ان السيد العبادي وصف هذا الاتفاق بأنه " اتفاق تاريخي " في لقائه الرئيس الفرنسي هولاند . أما السيد نيجرفان فوصفه بأنه " اتفاق اولي " ولاتوجد ضمانات لتطبيقه ، وان انابيب النفط هي بيدنا .. مضيفا ان امكانية انتاج النفط حاليا من الحقول التابعة لكردستان بضمنها قبة ( خرمالة ) كركوك تزيد عن 450 / 500 الف برميل يوميا وهي في تزايد شهري مستمر . الان يتحدثون عن 450 الف برميل يوميا فقط من حقولهم . يعني ذلك ان التهريب ممكن عن طريق البيع الداخلي او التهريب بالشاحنات الحوضية .
    واضاف الحافظ تبلغ حاجات المصافي في كردستان رسميا ( 100 – 120 ) الف برميل يوميا رسميا .. هل تعني اذن الزيادة استمرار التهريب وهل ستعالج هذه النقطة في الميزانية            ( اي للتصدير والمصافي ) الرسمية ، ام سيترك الامر سائبا ويمكن ان يستمر التهريب .. لافتا انه ومنذ بداية السنة هذه اتخذت الحكومة العراقية اجراءات قانونية لمتابعة النفط الكردي المهرب . لهذا لم تستطيع كوردستان ان تصدر رسميا الا الى تركيا ودول اخرى كما يشاع . وكانت في مأزق حقيقي بالتوسع في التهريب / التصدير . فهل ستتوقف الملاحقة القانونية في العالم .. وفي ميزانية 2013 ورد انه في  حال عدم تسليم الحصة المحددة للحكومة الاتحادية ، اي 250 الف برميل يوميا ، عند ذاك تستقطع قيمتها من الدفوعات الى كردستان .  الا ان  حكومة الاقليم رفضت ذلك وصوت ممثلوها ضد الموازنة . وفي 2012 كانت الكمية المحددة 175 الف برميل يوميا ولكن بدون فقرة الاستقطاع واستلمت حكومة الاقليم كامل المبلغ بدون اي تحفظ .. مشيرا الى انه في 2014 زيدت الكمية من الاقليم الى 400 الف برميل يوميا مع وجود شروط الاستقطاع ورفض الاقليم ذلك . ولم تتم المصادقة على الموازنة آنذاك .. وفي 2013 والشهور الاولى من 2014 استلم " الاقليم " مبالغ واجزاء كبيره مما يخصص له في الميزانية ولكن على شكل سلف تستقطع منهم لاحقا . ولكن الاقليم لم يسلم الحكومة الاتحادية ولاقطرة نفط واحدة . الان يجب ان تسترد المبالغ بأقساط وهي تناهز الان 10 مليار دولار . هل سيعالج هذا الامر ايضا ؟
    وبين الحافظ .. في الموازنات المالية السابقة كانت حصة الاقليم 17% تذهب منها حصة المصاريف السيادية والمشاريع التي تخدم العراق كله ، ومنها استثمارات الشركات النفطية في كردستان . ويستلم الاقليم في النتيجة حوالي 11% . اخذ الاقليم يطالب ويقول انهم يستلمون 10-11% في حين انهم يستلمون 17% مع المصاريف السيادية .. فالملاحظ  الان هو الاصرار على  الحصول على 17% ، والذي يعادل ربع الموازنة العامة . وفي تقرير لـ Iraq Oil Report   ذكر بأن السيد وزير المالية اكد بأن الاقليم سيستلم 17% من غير المصروفات السيادية . فهل هذا يعني ان الاقليم سيتحرر من هذه الاعباء وتقع ايضا على الحكومة الاتحادية فقط .
    بعد ذلك تحدث الخبير النفطي العراقي المعروف فؤاد قاسم الامير عن مستويات الانتاج والتصدير للنفط الخام من حقول كركوك وحقول الاقليم وتأثير الاتفاق على هذا الواقع .. مبينا ان الاتفاق تحدث عن 250 الف برميل من نفط الاقليم و300 الف برميل يوميا من حقول كركوك عبر انابيب الاقليم ويستمر الاقليم بحصوله على نسبة الـ(17) بالمئة من الموازنة العامة وهنا لايبدو الامر واضحا الا اذا كان هناك اتفاق اخر لم يعلن عنه لحد الان اذ يجب توضيح هذه القضية المهمة
    وزاد الامير .. مايلفت النظر تصريح لوزير المالية الاتحادي هوشيار زيباري اشار فيه الى ان حصة الاقليم ال(17) بالمئة غير مشمولة بالنفقات السيادية التي تشمل كل شيء يتعلق بالعراق بنحو عام مثل الدفاع والموانيءوالسكك والاستثمارات وغيرها ومعنى هذا ان حصة الاقليم ستصل 23 بالمئة ...وهذا من شأنه ان يخلق مشاكل واشكاليات يجب توضيحها ضمن موازنة 2015
    واشار الامير الى ان موازنة 2013 تضمنت فقرة تتعلق بالاقليم والمحافظات المنتجة للنفط بينت انه في حال عدم تسليم حصصها المقررة كاملة فيتم استقطاعها من تخصيصات الاقليم او المحافظة .. موضحا ان حصة الاقليم كانت 250 الف برميل يوميا في عام 2013 الا انه لم يسلم برميلا واحدا للمركز وبلغت الديون المترتبة على الاقليم بسبب عدم تسليمه حصته 64 مليون برميل لم يسلم منها سوى حوالي 7 ملايين برميل .. وفي عام 2013 بلغت قيمة حصة نفط الاقليم اكثر من 9 مليارات دولار اعتبرت كسلفة مدفوعة للاقليم وبالتالي كان يجب تقسيط المبالغ على حكومة الاقليم كونها استحقاقا وطنيا
    وشرح الامير ان المعلومات تشير الى انتاج الاقليم النفطي يصل الى 450 الف برميل يوميا .. وهناك مشكلة تواجه خط نفط كركوك – تركيا لكون اجزاء مهمة منه تخضع لسيطرة تنظيم داعش الارهابي .. متسائلا : هل بامكان الاقليم فعلا ان يقوم بتصدير مثل هذه الكميات وهي (550) الف برميل يوميا .. مبينا ان عقدا تم ابرامه مع شركة برتش بيتروليوم BP لوضع خطة تطويرية لطريقة انتاج حقول كركوك لكي يكون بالامكان انتاج الكميات المطلوبة
    وفيما يتعلق بعملية تصدير النفط من قبل الاقليم .. اشار الامير الى ان التصدير خط احمر فهو محصور بالحكومة الاتحادية حسب ما نص عليه الدستور باعتباره تجارة سيادية ولهذا واجه الاقليم صعوبات كبيرة عندما حاول تصدير النفط من خلف الحكومة فلم يتمكن من بيع سوى عدد من البواخر لاسرائيل وتركيا فقط
    من جانبه تساءل الخبير النفطي حمزة الجواهري : هل الاعلان عن الاتفاق بين الحكومة والاقليم هو اعتراف ضمني من قبل الحكومة الاتحادية بان حقول الشمال جميعها هي تابعة للاقليم .. مضيفا ان المشتقات النفطية تشكل 24 بالمائة من مجموع الانتاج في جميع العراق .. فهل للاقليم حصة من انتاج الوسط والجنوب فاذا كانت لهم حصة فمعنى هذا ان حصتهم من الموازنة اكثر من 17 بالمائة
    واضاف الجواهري .. ان العراق يستورد ما قيمته 5 مليارات دولار من المشتقات النفطية لسد الحاجة المحلية ويحصل الاقليم على اكثر من (8) ملايين دولار وهي نسبة الـ(17) بالمائة في حين هذه الاموال لايجب ان تذهب الى الاقليم لانه ياخذ حصته كاملة من الموازنة
    وحذر الجواهري من تفاقم مشكلة الموظفين العرب  العاملين ضمن حقول النفط في كركوك .. موضحا ان هناك 100 موظف يعملون في تلك الحقول لجأت حكومة الاقليم الى مضايقتهم من خلال اتهامهم بانهم متعاونين مع داعش لانهم لم يتعاونوا مع الاقليم في تنفيذ سياسته النفطية علما انهم من خيرة الموظفين الشرفاء النزيهين
    الخبير النفطي حسين المهيدي بين ان الانتاج النفطي لحقول كركوك هو حالة خاصة بسبب طبيعة الصخور المحيطة بتلك الحقول مما يجعلها اكثر صعوبة في انتاج الكميات المطلوبة في حين ان النفط ضمن حقول الاقليم يقع بين التلال مما يجعله اكثر سهولة في الانتاج .
    الى ذلك اشار الاستاذ  احمد ابراهيم الى ان الاتفاق لايمكن فصله عن الجانب السياسي وكل ما يثار حوله من ملاحظات انما تقوم على الشكوك .. مبينا ان الاتفاق خطوة ايجابية لاعادة العلاقات الى طبيعتها كما انه سيحسم مشكلة 20 مليون برميل مخزونة في ميناء جيهان التركي اذ ستتولى الحكومة المركزية التفاوض مع الاتراك .. مشيرا الى ان التفاق هو اتفاق اولي ويمكن تطويره
    اما الخبير القانوني الدكتور علي الرفيعي فقد اشار في مداخلته الى ان هذا الاتفاق يجب ان يوضح بقانون الموازنة .. لافتا الى المشكلة تكمن في الدستور لان ماجاء في نصوص المواد 110 و112 قابلة للتاويل والتفسير وفق لرغبة هذا الطرف او ذاك .. موضحا ان الاتفاق هو اتفاق سياسي والافضل لحل هذه المشكلة هو تشريع قانون النفط والغاز لان الموازنة سنوية
    الخبير النقدي اكرم حسن حذر من مشكلة التجاوز على وحدة العراق من خلال القيام بتصدير النفط من دون العودة الى المركز فقد اشار الدستور الى ان السياسة الاقتصادية هي من رسم الحكومة الاتحادية والسياسة النفطية هي احدى وسائل السياسة الاقتصادية الاتحادية .. داعيا القوى السياسية الى بيان مواقفها بوضوح حيال القضايا التي تتعلق بوحدة العراق ..متساءلا عن الموقف الامريكي ازاء هذا الاتفاق هل هو مؤيد او رافض او محايد .
    وقد اجاب الدكتور مهدي الحافظ على هذا ذلك بالقول ان الادارة الامريكية تكون معنية بالاساس بمصالحها وعلينا ان لا نستغرب من وجود موقف امريكي محفوف بالشكوك ولايتطابق  مع المصلحة الوطنية العراقية
    السفير وليد شلتاغ من وزارة الخارجية العراقية اوضح ان الاتفاق بين المركز والاقليم هو اتفاق سياسي قبل ان يكون اقتصاديا وله دلالات سياسية مهمة على المستويين الداخلي والخارجي فعلى المستوى الداخلي فان الاتفاق يبعدنا عن النعرة القومية والشوفينية .. واقليميا هناك ارتياح لهذا الاتفاق كما ان الاتفاق من شانه توحيد الموقف العراق خارجيا .. داعيا الى عدم تدويل الخلاف بين المركز والاقليم.
    الخبير النفطي كريم الشماع بين ان كل قانون يرتكز على الدستور والمشكلة هي في الدستور لانه يتضمن قضايا غامضة وتعابير مبهمة مما يتيح الفرصة امام الجميع ان يفسره على وفق مصالحه وبالتالي لايمكن تشريع قانون النفط .. لافتا الى انه ليس من حق الاقليم ان يقوم بتصفية وتصدير المشتقات النفطية البيضاء .. داعيا الى ضرورة نشر تفاصيل الاتفاق على الراي العام
    الاعلامي اسماعيل زاير بين ان الموقف الامريكي داعم بشدة لكل مايقوله الاكراد .. فهم يؤكدون ان ليس هنالك من حل سوى بتقسيم العراق.. ولهذا من الضروري جدا تسليط الضوء على السياسة الامريكية حيال هذا الموضوع .. محذرا ان الحكومة العراقية في اضعف حالاتها وليس امام رئيس الوزراء  الا الموافقة على الشروط الامريكية.
    وشدد زاير على ان التعديل الدستوري يجب ان يضع القضايا التي جاءت خلال المرحلة الحالية وعلينا تقديم الدعم لحكومة العبادي من اجل تحقيق الامن في ارجاء البلاد وتجاوز الخلافات والتناقضات الناجمة عن غياب الارادة السياسية بسبب مواقف الاحزاب والكتل السياسية
    الدكتور باسم سيفي .. تساءل : لماذا السكوت وعدم الوضوح ازاء ما يجري .. فنحن اليوم امام طرح بالونات باتجاهين الاول بالونات اختبار والثانية لحرف الانظار .. فهي لعبة سيئة لانها غير شفافة وهذا من مسؤوليات مجلس النواب
    الخبير الاقتصادي ماجد الصوري بين ان العراق وعلى مدى احد عشر عاما لم يشهد بناء حقيقيا وبالتالي علينا اليوم التوجه لحل الاشكالات العالقة ومعالجة الثغرات في محاولة للخروج من الازمات .. مشيرا الى ان الدستور يؤكد على ادارة مشتركة للاقتصاد .
    المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح بين ان وزارة النفط اعلنت عن ان انتاج النفط سيرتفع الى ثلاثة ملايين و800 الف برميل يوميا وهذا يعني ان هناك تطور في التصدير في جنوب العراق لتعويض النزول السعري من خلال زيادة كميات الانتاج
    واختتم الدكتور مهدي الحافظ اعمال الندوة بالقول ان علينا الوصول الى فهم مشترك بكوننا بلد موحد وعلينا الاتجاه نحو صياغة رؤية وطنية موحدة مستقبلا .. متسائلا : اين المباديء في العراق لهذا نشأت المشكلة وفي النتيجة فان الخاسر الاكبر هو شعب العراق .

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media