قاتل الشمري ليس كردياً
    الأثنين 24 مارس / أذار 2014 - 07:18
    عباس العزاوي
    الجريمة النكراء التي ارتكبتها مجموعة حماية  الفوج الرئاسي الذي يحرس الاحجار المقدسة للرئيس الغائب في الجادرية, هي كباقي الجرائم التي تُرتكب في ظل الانفلات الامني في بعض مناطق العراق والاستهتار بحياة الناس بشكل صارخ  من قبل حماية الساسة والمسؤولين ,الفرق انها حصلت بظروف يفترض انها  لا تقود بالضرورة الى التصفية الجسدية  وبهذا الشكل الشنيع, فالخلافات ممكنه جداً بين افراد الحمايات  المستهترين والمواطنين  من جهة اخرى من سكنة المناطق القريبة من اوكار الساسة المرعوبين, وهناك حوادث اخرى سمعنا بها عن ضرب بعض المواطنين الذين قادهم حظهم العاثر امام مواكب "الكبرياء والعظمة " للمسؤول الفلاني  او العلاني ,اخرها كان الاعتداء على شرطة المرور في الكرادة من قبل حماية نائب في التيار الصدري , لم نسمع به من قبل, وتشرفنا بعد الحادثة بمعرفة جنابه المقدس , وبصرف النظر عن الرعب الحاصل في العراق بسبب الارهاب وما يُرتكب باسمه من اغتيالات وتصفيات في اغلب حالتها شخصية جدا ولكن بفضل اعلامنا الحر المنفلت! يحولها بقدرة غريبة الى صراعات سياسية وتنفيذ لأجندات خارجية حتى لو كان المقتول بائع متجول في باب الشرجي ,بسبب خلاف حول قيمة ماعون اللبلبي  مثلا, نجد ان ردود افعال الحماية ضد المواطنين او حتى رجال المرور عنيفة ومبالغ بها .

    فلو كان المقتول انسان  بسيط لا يمت بصلة الى الاعلام او أي جهة سياسية اخرى تبحث لها عن مبررات لتثير تعاطف الشارع معها ومع مظلوميتها!! , لمر الامر بسلام ولا يعدو ان يكون خبراً مختصراً في شريط الانباء, اذن هذه الحادثة البشعة التي راح ضحيتها الاعلامي والاستاذ الجامعي محمد بديوي الشمري رحمه الله, منحها اختلاف قومية القاتل والضحية ,  بُعدا سياسياً وقومياً ,ربط بعض الاعلام بينها وخلافات اربيل وبغداد , بمعنى ان لاعلامنا الفذ قدرة عجيبة على ربط الاحداث والاستنتاج بهذه السرعة المهولة ,وربما سنسمع بعد يومين عن مخطط اثارة فتنة تبيح للاكراد الانفصال دون اعتراض حتى من داخل البيت الكردي ,وقد اشار احدهم الى ضرورة الوداع بدون الم وحروب !!! ناهيك عن الهمس  الذي اصبح صراخاً يصّم الاذان بضرورة الانفصال , بدل الحرب التي ينذر بها السيد البرزاني في كل مناسبة  او خلاف حول موضوعة تصدير" سرقة " النفط , دون  علم الحكومة الاتحادية .

    اذن نحن لدينا قدرة ومهارة ملفتة للنظر في قلب الصور لتبدو متطابقة لعقولنا المقلوبة اصلاً , ففكرة التآمر ونظرية الاستهداف اصحبت عراقية بامتياز, وقد استخدمها الجميع بحرفية  يحسدون عليها , ولكي تمنح المشكلة عمقاً تاريخياً وسياسياً بل وحتى طائفياً فماعليك الا الاشارة الى انتماءات اطرافها , وسوف لاتجد صعوبة  باقناع الجميع بضرورة الوصول لحل حاسم ونهائي لهذه الفرقة الحادة والكره الشديد بين العراقيينّ!!, وستجد ايضا بدل الواحد الف يصفقون لهذا, ليس لقناعتهم بالموضوع  بل  لحرصهم العظيم على الوصل لاهداف محددة مسبقاً, أي ان الاستثمارات المربحة لا تشمل الاموال والمشاريع  وحسب , بل ان مثل هذه الاستثمارات اكبر واهم لاصحاب النوايا العاطلة .

    ولكي لا يفوتني التنويه الى ان القصد من المقالة هو الاشارة الى معدلات الخطر والتهويل المعتمدة لدى وكلاء الخراب والتدمير  في عراق ما بعد التغيير, فالحذر الحذر!! واود التأكيد  ان هذه الجريمة لا يمكن تبريرها مطلقاً وليس من العدل التساهل فيها فهي  جريمة جنائية بامتياز ويجب خضوعها للقانون بدون تدخلات من أي طرف , لينال القاتل عقابه العادل ,وقد ورد عن جهات محايدة  تفاصيل دقيقة عن ظروف الحادثة وحيثياتها, وهي تشير الى انها عرضية ووليدة اللحظة , وليس كما  يريد البعض رسمها وتجيرها لصالحه بطرق ملتوية .

    هذا الامر لا يختلف كثيراً عن  اسلوب  بعض الاعلاميين والكتاب المحسوبين على النخبة  جزافاً في تناول قضية الارهاب في العراق ومحاولة الصاقه  بالطائفة السنية  وبطريقة ماكرة وبالتالي ضربه وتجفيف منابعه هو ضرب للأخوة السنة واستهدافهم  وليس المقصود القاعدة ولقيطها داعش, وهذا تجني مريب  على الحقيقة وشرفها المستباح في البلاد , وحديث مغرض الهدف الرئيسي منه دفع الكثير من المغفلين دون شعور منهم  للسقوط في خندق الارهاب ضد الحكومة التي تضربهم كطائفة مختلفة تنفيذاً لأجندات ايرانية وصهيونية!!!  ويذهب البعض الاخر الى ان الارهاب مجرد مبرر واه  وغير واقعي لتصفية الطائفة السنية الكريمة  في العراق, وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا , لذا اجد  ان من السذاجة  اتباع بعض الاصوات النشاز في حادثة الجادرية وتكليلها ببرقع قومجي فضفاض واحتسابها تعدي سافر ووقح على العرب وخدش لمشاعرهم بقساوة مقصودة !!!.

    عباس العزاوي
    23.3.2014
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media