مرثية من اجل الموت السريري ... للحكومة الجديدة!!!
    الأربعاء 10 سبتمبر / أيلول 2014 - 18:31
    أ. د. حسين حامد حسين
    بعد انتظار طويل وترقب لشروق شموس الامال وتحقيق حلم العراقيين ، تهاوت فجأة تلك ألامال في تطلعاتها وخابت الظنون واسبلت العيون نحو الارض من ألاسى، واعتمل الغضب في الارواح وقد تضاعفت معانات شعبنا من الضغوط النفسية والسياسية والاجتماعية المسلطة عليه نتيجة الحرب المريرة القائمة ضد ارهاب داعش والبعثيين ، بعد أن حملت لنا الاخبار مفاجئات نكسة سياسية كبرى جديدة تحمل من خيبات ألامل المقبلة ما يجعلها  أعظم وطأة على الحياة لاربع سنوات قادمة.
    لقد خيبت حكومة السيد حيدر العبادي الجديدة الظنون بتبنيها لأسوأ خيارين : 
    ألاول : يتمثل "بمكافئة" البعثيين ممن كانوا السبب وراء كل ما يعيشه شعبنا من ظلام حياتي دامس ومنذ 2003 ، بعد ان وقف هؤلاء السياسيين المستهترين جهارا وبلا وازع من ضمير لدعم ارهاب داعش ورمي العراق في محرقة الارهاب من خلال ولائاتهم للسعودية وقطر وتركيا والاردن أمثال اسامة النجيفي واياد علاوي وصالح المطلك والعنصري الحاقد هوشيار زيباري الذي كان يصرح باسم "الاقليم" وهو وزيرا لخارجية الحكومة الاتحادية؟؟!! . والثاني : هو سماح الحكومة الجديدة بترشيح سياسيين فاشلين من كتلة المواطن لمواقع حكومية ، بعد ان فشل هؤلاء فشلا ذريعا في حكومة المالكي وخرجوا بملفات تهم الفساد ، أمثال عادل عبد المهدي وبهاء الاعرجي وباقر جبر الزبيدي ، فضلا عما هو معروف عن عدم التزام كتلة المواطن بتوجيهات المرجعية الدينية وعدم ولائها لها . فيا ترى مالذي يمكن ان يتوقعه شعبنا من حكومة جديدة كهذه، اصبحت قياداتها السياسية حصرا من "بعثيين كانوا دائما الاكثر حقدا على شعبنا" مع " فاشلين ومتهمين بالفساد الاداري والمالي" ، وقد أعانهم حيدر العبادي للوصول ثانية الى السلطة ؟ فأي خير يمكن للعراقيين توقعه من شراذم تكن الكراهية والعدوانية لشعبنا ؟ وأي جدارة بالثقة بهم أواي استحقاق لهم لتبؤ أي مسؤولية في الحكومة او البرلمان الجديد المرتجى ، وقد أصبحوا قيادات للسلطة التنفيذية والتشريعية؟؟!!.

    فان كان ولا بد من "عودة" البعثيين للسلطة كما هو واضح ، ووجوب طاعة "أوامر" الادارة الامريكية، وليس لمن يسمون انفسهم بالقيادات السياسية للعراق والحكومة الجديدة ، من حق الاعتراض أو الرد على تلك "الاوامر" سوى "بالسمع والطاعة" ...أفلم يكن جديرا بالسيد حيدر العبادي على الاقل اختياربعض الوجوه الخيرة من البعثيين ممن برهنوا على احترامهم لانفسهم وتخليهم عن انتماءاتهم للبعث ولم تتلوث ايديهم بالدماء العراقية؟ أومن شخصيات كفؤة وقادرة على الوقوف موقف الرفض الكلي ضد تلك القيادات السياسية البعثية والكتل العميلة التي اصبحت رجال العراق الان ، ومع ذلك ، فانها لا تزال ترفض الخير لشعبنا ؟ . فهل ان هذه الكتل السياسية الخائنة والعميلة ، تستحق هذا "التكريم" والحفاوة أكثر ممن قد عانى من شعبنا من الشرفاء الخيرين ، فأي قسمة ضيزى هذه؟؟!! .

     لقد هزلت... وذويت القيم والاخلاق وماتت ، وماتت معها المعاني النبيلة الذي كنا نفخر بها ونتشدق بها عن طائفتنا الشيعية التي تزداد انهيارا يوما بعد اخر في صراعاتها من اجل المصالح والبقاء في مواقع المسؤولية. لقد خيبتم امالنا كاكثرية ، فلا منهجا سياسيا موحدا ولا ورقة عمل معلنة يمكن ان تتفقوا عليها لتحاجوا بها حتى هؤلاء "الصغار" عديموا التأريخ المشرف. فلقد جائت العملية السياسية في هذه الدورة البرلمانية الثالثة ، على غير ما كان يأمله شعبنا، وقد اعتقدناها ستكون الفيصل الجهادي الاكبر بعد ان عاش شعبنا في احضان ارهاب هؤلاء الجماعات البعثية أنفسهم ، فكانوا ألاكثر شرا ضد العراقيين. فلقد كان ولا يزال جهادا مريرا من قبل البعض الاخيار ممن لا تزال في قلوبهم تقوى الله ومخافته، بعد ان استمرهذا الصراع ألاليم لأحدى عشرة سنة مضت ، فكان الانتقال فيه من حلبة صراع سيئة الى حلبة أسوأ ، ومن صفحة مشوهة الى اخرى اكبر تشوها وانحرافا وعتمة ، كعتمة قلوب المارقين ممن سيطرت عليه شهوات السلطة والمصالح ، فكان العراقي خلالها يمني نفسه ، بفجر جديد . فجر يكلله نصر مؤزر لدحر امثال هؤلاء "المسؤولين" الصغار !! ، انسجاما مع النصر العسكري المؤزر على داعش والبعثيين. حيث من المفترض ، ان الانتصارات العسكرية التي يسطرها ابطال قواتنا المسلحة والحشد الشعبي على ارهاب داعش والبعثيين اليوم ، من شأنها تقوية الارضية التي يدافع بها شعبنا عن قيمه المسلوبة والتي تم التأمر عليها من قبل هؤلاء البعثيين ممن أتت بهم ادارة اوباما من اجل جعلهم رعاة لمصالحها في العراق، وللجم الغالبية الشيعية التي أضاعت بوصلتها في متاهات ومهاوي صراعات مصالحها. فهؤلاء الجماعات وغيرهم ، كان يجب على هذه الحكومة الجديدة ، أن تبادر الى محاسبتهم قضائيا على جرائمهم ضد شعبنا ، لا مكافئتهم !! فما بالنا نسير دائما هكذا الى الوراء  ؟؟؟!!
    ألم ندرك بعد يا سادتنا الاعزاء، لماذا ان الادارة الامريكية لم تعد تقيم لنا وزنا؟ وتفرض علينا املائاتها ، وتحيل الباطل الى حق ، وتحيل الحق الى باطل؟ لماذا لا نسأل أنفسنا ، ولو لمرة واحدة، لم تبدي ادارة الرئيس اوباما كل هذه الرعاية الشديد للاقليم ، على حساب الشعب العراقي بأجمعه؟ هل هذه سياسة طبيعية بنظركم؟
    ولنسأل أنفسنا أيضا، هل ان الادارة الامريكية ، تحترم ارادة الاغلبية الشيعية؟ لا أعتقد ذلك أبدا ، فلماذا لا نسأل أنفسنا عن السبب؟؟؟ أليس ان هذه الادارة وجدت فينا ما نستحقه من هوان وتفرق وصراعات مريرة بين بعضنا البعض من اجل المصالح والجاه بينما الاخرين يعملون من اجل مصالح مكوناتهم؟؟؟!!
    ألسنا كاكثرية مطلقة ونمثل الغالبية في الوطن العراقي ، لكنا ضعفاء وخانعون ومترددون ومتأمرون على بعضنا البعض ، وكما قال الشاعر... "عبيد للاجانب هم ولكن ....على أبناء جلدتهم اسود" ، وقد اضعنا بوصلة سيرنا ، واصبح سعينا الاوحد من اجل الجاه والسلطة ، فلا نحن من دنيانا ولا من أخرتنا من شيئ. 

    شخصيا أعتبر، ان مجرد وجود اسامة النجيفي واياد علاوي وصالح المطلك وهوشيار زيباري وبهاء الاعرجي وباقر صولاغ وعادل عبد المهدي، في السلطة العليا، هي اهانة كبرى لشعبنا العراقي وسوف لن يغفرها التاريخ لاحد . فوجودهم لا يعني سوى انتصارا باهرا على الارادة الشعبية بكل مسمياتها . فعودة هؤلاء ، لا تعني سوى أمرين لا ثالث لهما :
    أما ان هناك من يعتقدهم هم "الاكفأ" في القدرة والنوايا والتحضيرات والخبرات والتعاون مع الانظمة الخارجية لتدمير العراق . وان هؤلاء نجحوا في إيذاء شعبنا أذى كبيرا وهم خارج السلطة، فما الذي نتوقع ان يفعلوه وهم مسؤولون كبار الان؟ ثم ما الذي تغير فيهم لكي لا نعتقد ، انهم سوف لا يستمرون في السعي لخلق مشاكل أعظم لشعبنا؟ أليس هذا ديدنهم وهذه هي اهدافهم ، اليس هؤلاء هم رجال المهمات  القذرة ممن تظل ولائاتهم للانظمة الخارجية ؟ كيف وقد "أصبحوا" الان الرجال"الميامين"  للادارة الامريكية ؟
    وإما ، ان هناك من يعتقد ، ان الوقوف ضد ارادة الولايات المتحدة في فرض هؤلاء ، لايعني سوى انهيار العملية السياسية ، فهذا أمر لا يمكن أن يتم ، إلا من خلال انبطاح "الارادة" العراقية عندما تفقد عراقتها وتتسم بعدم القدرة على المواجهات الوطنية، فالوقوف بعناد من اجل حقوق شعبنا ، هي المهمة الاعظم للخيرين . 

    باعتقادي أن العملية السياسية الجديدة والحكومة الجديدة قد ادخلت ردهة الانعاش الان. فهي كمن تعرض لسكتة دماغية ، واصيب بالشلل التام ، بعد ان عانى "الدماغ " من مضاعفات واختلاطات ونقصان في كمية الدم والاوكسجين وتعرضت أنسجة المخ للنزف والتمزق وتلف الانسجة. فالكابينة الوزارية تفتقرالى الكفاءة والنزاهة والى العلاقة التضامنية مع شعبنا والولاء المطلوب للوطن العراقي ، فبعض الوزراء مشمولين بتهم الفساد وقد صدرت بحقهم أوامر إلقاء القبض ، فكيف سنتوق خيرا؟ !!

    فلماذا يا دكتور حيدر العبادي تخيب امالنا بكم هكذا؟ لماذا يتم اختيار اسامة النجيفي ومواقف نذالاته معروفة مع شعبنا ولم ينساها بعد . أم هل نسينا رفضه تمرير عشرات المشاريع التي تصب في خدمة شعبنا وهو رئيسا للبرلمان، وقد توج تلك المواقف غير المشرفة بعدم تمريره الموازنة الاتحادية؟ وهل ان أياد علاوي وطني؟ أو صالح المطلك ، او العنصري هوشيار زيباري، اواعضاء كتلة المواطن المستوزرين؟ 

    ولماذا تم اختيار من لا يتشرف به شعبنا للحكومة الجديدة ، من خونة وجواسيس ؟ ألم يعترف أياد علاوي بعظمة لسانه انه كان عميلا لاكثر من اربعة عشر دولة عربية واجنبية ، وهاهو اصبح الان نائبا لرئيس الجمهورية؟ وهل وصل الضعف والجبن فينا في المواجهة مع البعثيين الى هذا الحد المزري ؟ واين الوطنيات والادعائات والتعهدات لشعبنا ان من أساء لشعبنا في الحكومة الماضية او من عليهم علامات استفهام، سوف لن يتبؤا مواقع حكومية؟؟؟!!  فكيف اصبح هكذا فجأة ، النجيفي وصالح المطلك وهوشيار زيباري واياد علاوي وغيرهم ، وطنيون "للكشر" لكي يعاد تنصيبهم لحكومة لا أمل ورجاء منها؟؟؟!!! 

    المهم ، انه من المحزن ، ان العملية السياسية الجديدة دخلت في غيبوبة لا يرجى لها شفاءا. وان على العراقيين ان يبحثوا لانفسهم عن وسائل جديدة تعينهم على بلواهم ، وتفويض امورهم الى الله تعالى . حيث لم تعد تنفع للحكومة الجديدة أي علاجات، بعد السكتة الدماغية التي وضعتها في شلل من البداية. فتشكيل الحكومة الجديدة وما رافقها من تدخلات الولايات المتحدة في الشؤون العراقية ، أصر "فريقها الطبي الخاص" ورئيسه جو بايدن الذي هو أشد الناس عداوة للعراقيين ، على أهمال اعراض خطرة ، أهملوا استئصال "الاجزاء المعطوبة " والتي تمثل أعداء العملية السياسية في الجسد العراقي وتركها تنموا وتستفحل ، فكانت النتيجة ، ان فرضوا على الحكومة سرطانا مستفحلا ، من اجل سهولة انتشار عدواه بين العراقيين.

    الفريق "الطبي" الامريكي لم يكن في صالح المريض العراقي ، ولم "يعالج" الخلل . بل تحيز نحو الابقاء على بؤر جرثومية سيعتمد عليها في الحكومة من اجل تمشية مصالحها. فالفريق (الطبي) الوافد من الولايات المتحدة وبرئاسة "خبير ألازمات" السيد جو بايدن ، (أصر) على ان يكون هو المشرف الوحيد على الحالة المرضية  العراقية و"علاجها" ، فسعى بايدن وباصرار على "ترك"  الحالة كما هي عليها من تعقيدات ، بل وزادها تعقيدا وتناسى الطرف الاخر من المعادلة ، تاركا التصدي لمضاعفات شديدة والتداخلات والتعقيدات متوقعة ، فأدى كل ذلك الى تلف الدماغ وحصول الشلل العام للجسد العراقي .

    فمتى نصحوا نحن من غيبوبتنا ؟؟ وننظر الى انفسنا كشعب عريق ، ثم ننظر ماذا يجري من حولنا ونحن "نيام" وما يعترينا من مصائب ونحن صاغرون؟؟؟!!

    سؤال اطرحه على من في قلبه بقية من وطنية .

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    9- 9- 14
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media