الحل القريب البعيد!!
    الخميس 11 سبتمبر / أيلول 2014 - 20:40
    د. صادق السامرائي
    ما هو الحل؟!!
    قد يبدو السؤال ساذجا , والجواب مغيّبا أو لا يخطر على بال.

    لكن التأريخ الإنساني يؤكد أن لكل مشكلة حل , وأن المجتمعات تواجه تحديات قاسية لكنها تجد لها مخرجا منها.

    وكم حصلت حروب وغارات ودمارات ,  لكن الحياة تتجدد وتمضي في دروب الصعود والتواصل والرقاء.

    ومَن يقرأ ما كتبه الناس في زمن إحتلال بغداد من قبل هولاكو , يجد أنهم قد حسبوا الدنيا قد إنتهت , وأن العرب لن تقوم لهم قائمة , والدين الإسلامي إنمحق عن بكرة أبيه.

    لكن هولاكو إنهزم واستعادت بغداد قوتها والعرب وجودهم ودورهم , ولا يزالون يمثلون روح الدين الإسلامي الأصيل برغم ما يجري ويدور.

    وفي حقيقة المسيرة الأرضية التفاعلية أنها صراعات وتحديات , ومؤامرات وتقاطع مصالح وحروب ودمارات.

    وقد إنمحقت دولا أوربية كألمانيا وفرنسا وإيطاليا ولندن  وكذلك اليابان في الحرب العالمية الثانية , لكنها عادت أحسن مما كانت عليه بتفاعل أبنائها وإصرارهم على التحدي والبقاء , والإنتصار على الهزائم والتداعيات والفوضى والإضطرابات.

    ومجتمعنا الذي يعيش أقصى درجات التداعيات المتنوعة , يمكنه أن ينتصر عليها جميعا ويعيد المسيرة الوطنية إلى سكتها الحضارية المعاصرة.

    فكل شيئ يصل إلى ذروته يبلغ منتهاه , ولا بد له أن يغيب ويتحرك في أفق الحياة سِواه.

    وفي واقع ما يدور لا بد من إعمال العقول وطرح جميع الخيارات , وتقيمها بعلمية وموضوعية ووطنية ونكران ذات , للوصول إلى برّ السلامة والتقدم والأمان.

    ولا يمكن بأي حال من الأحوال التمسك بالحل العسكري لوحده , فالقوة لا تحل المشاكل وإنما تتسبب بمضاعفتها , ومن الصواب أن يكون للقانون العادل فعله وسلطته وقوته , وللدستور الوطني النزيه بوصلته الراشدة الراجحة الجامعة المانعة.

    وفي هذا المعترك المتأجج يجب بذل أقصى النشاطات السياسية الإيجابية , والتفاعلات الحوارية الناضجة المعاصرة المثقفة , التي تستحضر آخر ما توصلت إليه نظريات الحوار وحل الأزمات , لكي يفوز الجميع وينتصروا على المأساة التي أحاقت بالبلاد والعباد.

    قد يكون هذا الكلام ضرب من الخيال , لكن الأمم أقدمت على خطوات جريئة متميزة ونوعية لإنقاذ وجودها , والحفاظ على كيانها وهويتها وقدرتها على الحياة , فالظروف الصعبة بحاجة لعقول ألمعية وخيارات غير مسبوقة , وذات قدرة فائقة على صناعة السلوك الإيجابي والتفاعل الجماعي المثمر.

    فالإتحاد يذلل الصعوبات ويحل المشاكل والفرقة تنميها وتعقدها ,  وبغير الإعتصام بالإرادة الوطنية الواحدة , لن يكون الحل الشافي , وإنما يؤسَس لمسيرة صراع داخلية مريرة , ستتطور لتحيل البلاد من أقصاها لأقصاها إلى خراب.

    إن إغفال الأسباب الكبيرة التي أدت إلى التداعيات الخطيرة , سيساهم في مضاعفة الإنهيارات والهزائم والخسران.

    فالمجتمع اليوم مطالب بالوقوف أمام المخاطر بثقة وإرادة جماعية , بعيدا عن أي نشاط فئوي وإنحيازي لأي طرف كان , وعلى القوى الإقليمية أن تكف عن تدخلها بشؤون البلاد , وتترك العراقيين يحلون مشاكلهم بأنفسهم , لكي ينتصروا على أسباب إنهياراتهم المتلاحقة!!

    فهل ستستجمع البلاد عقولها الخبيرة المتنورة , وتتفاعل بعزم وطني مشترك متلاحم , لرسم خارطة وآليات الخروج من مستنقع الويلات والتداعيات؟!!!


    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media