ماذا بعد تشكيل الحكومة الجديدة؟
    الجمعة 12 سبتمبر / أيلول 2014 - 08:45
    مصطفى محمد غريب
    بعد فترة من الانتظار لتشكيل الوزارة العراقية وترقب للفترة الدستورية التي كانت نهايتها في 10/9/2014 ووسط تصريحات للبعض من المسؤولين أو المختصين بالدعاية والوشاية والنميمة والإشاعة بالتشكيك بنجاح السيد حيدر العبادي لتشكيل الوزارة فقد حسمت الكتل السياسية المتنفذة أمرها قبل (24) ساعة فقط من انتهاء الفترة الدستورية وتشكلت الوزارة بدون الوزارتين الأمنيتين وصوت حولها وحول نواب رئيس الجمهورية ونائباً لرئيس البرلمان وبهذا انتهت فترة الجر والعر التي رافقت الانتظار حوالي (28) يوماً، وبعد أن تنفس الكثير من السياسيين والمثقفين في الداخل والخارج وكذلك  المواطنين العراقيين الصعد فان مهمات الحكومة الجديدة، حكومة الاتفاقيات وتوجهاتها الآنية والمستقبلية في الميزان وينتظر الجميع وزارتي الدفاع والداخلية والموارد المائية لكي تكتمل الكابينة الوزارية وبعد ذلك لا حجة لمن يتقاعس ويتراجع إلى الخلف أو يتحجج ليخدع المواطنين.
    لقد ارتأيت بالعنوان أعلاه لكونه يرتبط تقريباً بمقال سابق عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة والمساعي التي كانت تهدف لتقويض انبثاقها، هذه المساعي المختلفة لعبت دوراً غير محمود في الكثير من الأحيان بفضل الضبابية في الطروحات والتصريحات والمطالبات لا بل وتناقضها في العديد من الحالات وبعدما بَشرنا البعض منهم في اكتمال التشكيلة الوزارية في يوم الخميس 4/9/2014 فوجئنا بالتمديد إلى يوم السبت لكن السبت لم يكن " لناظره قريب" وصار المعلوم انه بعيد وفجأة جاء الوعد " اواعدك بالوعد واسكيك يا كمون " بان الاثنين 8/9/2014 سيكون الفرج، وسمعنا بأن من انتخبهم الناس يصولون ويجولون على المراكز والمناصب وأشياء أخرى بدون حساب للدماء التي تهدر والنفوس التي تزهق والحرب التي قتلت وهجرة مئات الآلاف لا بل أصبحت بفضل داعش الإرهابية سوقاً للنخاسة والنجاسة بالنسبة للمكونات العراقية من الأيزيديين والمسيحيين، حيث سبت المواطنات الايزيديات وكأنهن في زمن الغزوات البربرية واعتدى على شرفهن وإنسانيتهن بحجة الشريعة والدين الإسلامي وكلاهما براء من أفعالهم الشنيعة، وليس لدينا إحصائيات حول جميع المكونات لكننا نعرف أن أي مكون كبيرا كان أم صغيراً لم يسلم من الاستنزاف والقتل والاعتداء على الشرف . ثقة مجلس النواب ضمن الاستحقاق الدستوري والمدة الزمنية المقررة،
    نعم حسم أمر انبثاق الكابينة الوزارية ونالت ثقة مجلس النواب حسب الدستور والمدة الزمنية لكن وفق آلية سابقة خضعت للمحاصصة الحزبية والطائفية والاثنية، نعم اكتمل التشكيل ما عدا وزارات الداخلية والدفاع والموارد المائية وهي بصراحة من أهم الوزارات وعسى أن لا  تتعسر وان يكمل السيد حيدر العبادي بما وعد به " أسبوع " وينتهي أمر الموضوع، وعسى أن لا تنتقل المدة من أسبوع إلى اسبوعيين ومن شهر إلى شهرين وتأخذ حصة الانتظار وقتاً يشابه الوقت الذي تمتع به السيد نوري المالكي عندما عصى وتمسك بالوزارتين الأمنيتين حتى آخر يوم من عهد وزارته فكان هو الأول بالأول وكان الوضع الأمني الأسوأ " كما يعرف هو ويعرف الجميع" الذي شهد المأساة الإنسانية والدموية وراح ضحيتها عشرات الآلاف ما بين شهيد ومصاب وخراب واسع النطاق نتيجة التفجيرات الإرهابية والحرب وجرائم المليشيات الطائفية ، وعسى أن يكون محمد الصهيود النائب عن دولة القانون متأكداً من قوله " في حال عدم اتفاق الكتل فان العبادي سيعلن أسماء شخصيتين اختارهم هو ويطلب من مجلس النواب التصويت عليهما خلال جلسة الثلاثاء المقبل ،وبذلك فانه يرمي الكرة في ملعب الكتل السياسية" ، ولسنا بحاجة إلى التكرار والتذكير، فها هي الحرب في المناطق الغربية وغيرها ماثلة أمامنا وبصراحة " أبو كاطع " يرحمه الله، ا " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" وان لا يخيب السيد حيدر العبادي آمال المنتظرين الذين يريدون حكومة موحدة نسبياً على الأقل تهتم بقضاياهم وقضايا البلاد الصعبة والمعقدة وهي كثيرة وتحتاج إلى جهود وطنية مخلصة لا تذبذب فيها ولا قدماً هنا وقدمٌ هناك، فليس الأمر نزوة طائفية أو حزبية لأنها قضية كبرى على الرغم من أن الحكومة الجديدة لم تخرج عن التفاهمات والمحاصصات بما فيها الحزبية وبالحقيقة كان المفروض أن تتجاوز الحالة القديمة التي من آثارها هذه الأوضاع المأساوية الحالية، ومع ذلك يجب أن يدرك رئيس الوزراء وجميع المسؤولين أما أن يكون العراق موحداً فيدرالياً ديمقراطياً أو تنفرط السبحة وعند ذلك يضيع " الخيط والعصفور " لأن الأوضاع الأمنية والخدمية في أسوأ حالاتهما في بلد غني يملك إمكانيات بشرية ومادية كبيرة، وتأكيد رئيس الوزراء على موضوعة الوضع الأمني أن " التحدي الأمني يمثل أهم التحديات التي تواجه البلد" وأضاف "سنسعى من خلال هذه الاستراتيجية الجديدة وتعاون الجميع أن يعود الأمن إلى بلدنا بالرغم من الصعوبات العديدة التي نواجهها ". دليل على ما قلناه سابقاً بأنه يحتاج إلى جهود استثنائية واهتمام منقطع النظير فلا بناء وإنجاز مشاريع بدون الاستقرار الأمني ولا نجاح بدون الاستقرار الأمني ولا عمل مثمر بدون الاستقرار الأمني ولا استقرار سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي بدون الاستقرار الأمني ولا علاقات متوازنة مع دول الجوار والعالم بدون الاستقرار الأمني ولا استثمارات ودورات اقتصادية طبيعية بدون الأمن ولا ديمقراطية وحريات عامة وخاصة بدون الاستقرار الأمني الذي هو العامود الفقري السليم لاستقرار أكثرية الأوضاع، كل شيء تقريباً مرتبط بالاستقرار الأمني ، والكثير من القضايا التي طرحت في " وثيقة الاتفاق السياسي والمبادئ الأساسية التي ذكرتها الوثيقة " بين الكتل السياسية المتنفذة المشاركة في الحكومة الجديدة  تشكل ركناً مهما للمضي وبدون انتقائية للتنفيذ ولحل جميع المشاكل والقضايا التي أصبحت حجر عثرة أمام تطور البلاد وبناء الدولة المدنية على أسس حضارية.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media