11 سبتمبر والإطاحة بنظام صدام
    السبت 13 سبتمبر / أيلول 2014 - 05:09
    عبد الحليم الرهيمي
    إعلامي ومحلل سياسي
    ثمة عوامل عديدة داخلية، واخرى إقليمية ودولية تضافرت وأسهمت في الاطاحة بنظام صدام في التاسع من نيسان العام 2003.
    اول هذه العوامل هي مقاومة ونضال الشعب العراقي وانتفاضاته التي ادت الى محاصرة النظام وعزله داخلياً، والعامل الثاني هو العقوبات الاقتصادية العربية والغربية التي تم بها تطويق هذا النظام بعد احتلال الكويت
    سنة 1990. اما العامل الثالث فهو جهود وكفاح المعارضة العراقية في الخارج التي لعبت ادواراً سياسية وإعلامية كبيرة الأهمية في مقاومة النظام وتعرية وفضح سياساته واعماله الاجرامية ضد الشعب العراقي .
    غير ان هذه العوامل الثلاثة، على أهميتها الكبيرة، لم تتمكن من الاطاحة بصدام، حيث بقيت تفتقر  الى توفر عامل حاسم وقوي هو العامل الخارجي الاميركي السياسي والعسكري الذي عملت المعارضة في الخارج على توفيره بمثابرة وعزم دون توقف.
    وانطلاقاً من ادراك هذه الحقيقة سعت قيادات المعارضة آنذاك، الى بذل الجهود والقيام بالاتصالات مع دول العالم (الولايات المتحدة وبريطانيا بوجه خاص) التي كانت ترى ضرورة الاطاحة بنظام صدام، فعملت بكل قوة على اقناع او تشجيع الادارة الاميركية على اصدار "الكونغرس" الاميركي (قانون تحرير العراق) سنة 1998، ثم تلا ذلك حصول المعارضة على تعهد جورج دبليو بوش الابن بأن يتضمن برنامج حملته الانتخابية للرئاسة سنة 2000 عمل الولايات المتحدة على مساعدة الشعب العراقي في الاطاحة بنظام صدام واسقاطه واقامة نظام ديمقراطي بديل، وقد حصل هذا التعهد فعلاً بفقرات محددة في البرنامج الانتخابي المعلن لبوش. وبعد فوز بوش بالانتخابات وتسلمه الرئاسة في أواخر كانون الثاني 2001 واصلت قيادات المعارضة في الشهور التالية اتصالاتها بالادارة وبالمؤسسات الاميركية ومطالبتها بتنفيذ وعودها. الا ان الردود على تلك المطالبات لم تكن مشجعة رغم عدم خلوها من التطمينات واطلاق وعود جديدة بانتظار الوقت والظروف المناسبة لـ (فعل ما) ضد نظام صدام . غير ان الحدث الكبير الاهمية الذي شكل نقطة تحول وانعطاف تاريخي على الصعيد الاميركي والدولي، وشكل كذلك منعطفاً كبيرا ومهما في الموقف من العراق ومهد للاطاحة بنظام صدام هو قيام تنظيم "القاعدة" الارهابي بقيادة بن لادن، والذي يتخذ من نظام حكم طالبان في افغانستان مركزا وبؤرة للاعمال العدوانية، بالهجوم على واشنطن ونيويورك وتدمير مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001.
     كان لهذا الحدث وتداعياته ابلغ اثار الحزن والغضب والتوتر لدى الاميركيين وادارة بوش التي استفادت من تلك التداعيات بإطلاق حملة عالمية ضد الارهاب العالمي ابتدأت بالاطاحة بنظام طالبان في افغانستان، ثم مواصلة هذه الحملة – الحرب ضد بؤر الارهاب في العالم ومنها نظام صدام الذي اتهمته واشنطن بإقامة علاقة مع القاعدة ومع بن لادن، وكذلك بامتلاكه اسلحة دمار شامل يمكن استخدامها يوما ضدها او ضد حلفائها في المنطقة. وخلال اقل من شهر شنت الولايات المتحدة في مطلع تشرين الثاني 2001 الحرب على نظام طالبان في أفغانستان وأطاحت به، ثم توجهت بعد ذلك للإعداد والتمهيد لإسقاط نظام صدام، باعتبار ذلك عملا (وقائيا) من هجمات مشابهه لـ11 سبتمبر وبعد إقناع الرأي العام الأميركي بتأييد أي عمل عسكري تقوم به إدارة بوش ضد بؤر الارهاب في العالم ومنها العراق ، تم اخراج (قانون تحرير العراق) من الادراج وتكثفت لقاءات المعارضة العراقية مع الادارة الاميركية حتى اعتبر العام 2002 عام العلاقات الأميركية مع المعارضة، حيث تواصلت اللقاءات المكثفة والمستمرة بينهما، وتم الإعداد السياسي والاعلامي لمرحله ما بعد صدام، وأعلنت توقيتات عديدة لبدء الحملة العسكرية، فمرة قيل في أيلول 2002 ومرة في نهاية 2002 ومرة ثالثة في شباط وتوقيت آخر وأخير تحدد بعد منتصف آذار 2003 حيث اكتمل الحشد العسكري الذي تم الإعداد له لشهور عدة وبدأت العمليات العسكرية فعلا في 20 آذار 2003 حيث انتهت مرحلتها الاولى بإطاحة تمثال صدام في ساحة الفردوس ببغداد في التاسع من نيسان كتعبير رمزيا عن سقوط النظام، ثم الإعلان عن توقف العمليات العسكرية في الأول من أيار 2003.
    وهكذا يمكن القول ان الاطاحة بنظام صدام وإسقاطه كان متوقعا له ان يمتد لسنوات طويلة اخرى بعد 2003 غير ان 11 سبتمبر 2001 كان الحدث الأهم الذي مهد للاطاحة بهذا النظام وأكد أهمية العامل الخارجي الأميركي - الدولي في انجاز هذه المهمة العظيمة في تاريخ العراق وشعبه.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media