ماذا بعد اجماع دول العالم الغربية والاسلامية على محاربة (داعش)
    الأحد 14 سبتمبر / أيلول 2014 - 13:13
    د. سوزان ئاميدي
    جاءت داعش لتعزز الحرب على الاسلام , فبعد احداث 11 سبتمر اعلنت امريكا التاهب والاستعداد لمحاربة الارهاب بعد ان تم تحديده  وربطه بالاسلام  وبالجماعات الاسلامية المتطرفة وبذلك اصبح المسلمون عموما مستهدفين  واصبح الاسلام هو الموضوع الرئيسي للطرح في كل انواع الاعلام  .  ومن اجل تعزيز الحرب على (الاسلاميين ) والتصدي لهم كان لابد من وجود مواقع ازمات  اسلامية تعطي للحرب مبرراً وتضفي عليه الشرعية .
    وبعدالربيع العربي والذي جاء في ظروف واوضاع يمكن اعتبارها امتداداً واستمراراً  للظروف والأوضاع السابقة والتي كانت في حينها الدول الغربية وعلى راسها امريكا لا تحرك ساكنا بل كانت تدعم معظم تلك الانظمة الدكتاتورية الحاكمة بمعنى انها لم تسمح مطلقا لاي معارضة في هذه الدول من القدوم لمحاربة انظمتها او الانقلاب عليها .
    وهنا اسئلة  مثيرة للاهتمام تطرح نفسها بقوة : لماذا لم نشهد هذا التعصب الرديكالي للجماعات الاسلامية في الفترة التي تلت احداث 11 سبتمبر وحتى بعدها بقليل ؟ ولماذا لم نشهد هذا التوجه الذي تقوم به امريكا بمساعدة الدول لتكون بديلاً للأنظمة الدكتاتورية الفاسدة , خاصة بعد انتشار الاسلام السياسي في أوساط الشباب في العالم وفي ظروف تنتشر فيه  اعلى مستويات الوعي والتواصل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي حتى اصبحت امريكا تعطي المجال للاحزاب الدينية السياسية ان تكون بديلا  للانظمة التي تم الإطاحة بها الواحدة تلى الأخرى , مع أنه لايختلف اثنان عن ان موقف الاسلام السياسي ( الاحزاب والجماعات الاسلامية) هو  الرفض التام لموضوع المعارضة والذي يعد من اهم الامور في الديمقراطية  , مع العلم بانه لايمكن اعتبار الشورى مرادفا للديمقراطية , وعليه : فماسر قبول امريكا والقوى الغربية الاوربية المناهضة للتعصب بكل اشكاله والقائمة على برنامج نشر الديمقراطية ومفاهيمها في العالم ان يؤيدون الاحزاب الاسلامية ويقبلون بها كبديل لقيادة دول قامت بتحريرها من انظمتها الدكتاتورية ؟  . وهل ان اعلان امريكا حربها على الاسلام الارهابي هو حرب على الاسلام السياسي عموما ً ؟ فما نشاهده اليوم بعد الربيع العربي والتغييرات التي جرت في انظمتها ومن ثم ظهور الواضح للاحزاب والجماعات الاسلامية وبمذاهبها المختلفة وخاصة المذهبين ( السني والشيعي )  فهل امريكا ماضية في دفع العالم الاسلامي الى الاقتتال بين المذاهب ؟ إذ نرى ان امريكا والدول الغربية لم تحرك ساكنا عندما انتشر الاسلام الرديكالي المتعصب في سوريا ومن ثم اعلان جبهة النصرة ومن ثم انقسام جبهة النصرة فيما بينها  وخروج جماعات اكثر تطرفاً المتمثل داعش واستمرار عدم التدخل الامريكي الاوربي لحسم الموضوع او محاربة داعش والنصرة وهي في عقر دارها  حتى انتشارها ووصلوا الى العراق وتسلحها المادي والمعنوي . وهنالك امر اخر ايضا مثير للجدل : ففي اوقات ضعف السنة بادرت امريكا في  دعمها ( على سبيل المثال) للعرب السنة لضمان للمشاركتهم في النظام الحاكم الجديد ,ومن ثم زيارتها لتقييم وللترحيب بموقف بعض وجهاء العشائر السنية ( الصحوه) هذا من جانب , ومن جانب آخر قامت بإضعاف الجانب الشيعي لتقوم امريكا بذات الامر , وكانها تريد ان تحافظ على كفتي القوى لتضمن التوازن بين السنة والشيعة , فهل من اجل ادامة واستمرار القتال فيما بينهم ؟ , ان الذي يؤكد هذا الظن  بالموقف الامريكي هو قيام امريكا بتعزيز التجربة الديمقراطية في اقليم كوردستان ومراقبتها لهذه التجربة عن كثب وادعاء حرصها على نجاحها .
    وبعد انتقال هذا الصراع الداعشي الارهابي الى داخل العراق لوجود معطيات خصبة لاستقبالها ومن ثم دعمها ومساندتها كان امراً مساعدا ومساهماً لتعزيز التناحر المذهبي , بمعنى آخر هو استمرار لاقتتال الاسلامي فضلا عن قتال باقي المكونات ( الاقليات ) بحكم تواجدهم في ارض الحدث ,  حين ذاك اصبح الامر يثير الشك والجدل لعدم اكتراث دول العالم  وعلى راسها امريكا ومنظماتها الانسانية بما يجري للمسلمين ومايحدث من اساءة الى الاسلام نفسه, الأمر الذي اجبر امريكا وكل الانظمة الديمقراطية على الاقرار  بضرورة المشاركة في الحرب على الاسلامويين الذين لايرحمون حتى اخوتهم في المذهب وهو ما احدث انتعاشاً لاقتصاد اصحاب المصالح والمنتفعين وكان الخاسر الاول والاخير  في هذه الحرب هم المدنيون العزل , وهنا سؤال يفرض نفسه : ضمن هذه المعطيات السياسية والعسكرية والاقتصادية الا ترون معي ان الاسلام اصبح يفضح نفسه او اصبح عرضة للانتقاد العالمي بعد اعلان داعش اسم الخلافة الاسلامية وتطبيق تعاليم الاسلام ؟  والسؤال الأخير الذي اختتم به هذا المقال هو : ألا يحتاج المسلمون بعد كل هذا الى قراءة جديدة علمية وموضوعية لدينهم ؟
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media