ليس من حق حكومة العبادي ان تستهين هكذا بالدماء العراقية التي سفحها النظام السعودي ...بذرة الشر والخطيئة على الارض...!!!
    الأحد 14 سبتمبر / أيلول 2014 - 21:12
    أ. د. حسين حامد حسين
    حتى وان كانت حكومة الدكتور حيدر العبادي وكما نراها اليوم ، تتعكز على لملمة شعثها لتجبير "خواطر" البعثيين السنة والاكراد بشكل خاص نزولا عند رغبة الادارة الامريكية وضد المصلحة الوطنية، لكننا نعتبرها خيانة وابتعاد مسرف لا يغتفر عندما تتناسى هذه الحكومة الوطنية ما فعلته أيادي النظام السعودي الملطخة بدم العراقيين الى درجة ، ان مجرد "دعوة" للعراق من قبل هذا النظام الباغي لحظور اجتماع اضطرته فيها عوامل انكشاف حقيقة النظام في دعمه للارهاب ، فضلا عن الهلع الذي بدأ يشعر به النظام السعودي امام تهديدات تنظيم داعش نفسه وان كان يقوم بتمويله له بنفسه ، لكي تعتقد حكومة العبادي ، ان الموقف السياسي أصبح أكثر "انسجاما" وأكثر "ودا" ، من اي وقت مضى وكفيلا ، بنسيان الدماء العراقية الطاهرة المسفوحة في كل بقعة من الوطن العراقي والتي لم تجف بعد ، لكي نجد ان حكومة الدكتور حيدر العبادي الجديدة "تهرع" الى التصالح مع النظام السعودي هكذا ، متناسية ما حصل ويحصل لشعبنا من مصائب!!
    فلسنا هنا بصدد توفير دلائل وبراهين من اجل اثبات جرائم النظام السعودي الشديد الكراهية للشيعة ، والذي تمثلت دمويته واجرامه في محاولاته للاطاحة واستباحة النظام "الصفوي" في العراق من خلال دعمه لداعش ماديا واعلاميا ولوجستيا ومن خلال فتاوى مشايخ علمائه الوهابيين ، ولكن ، يكفينا ان يكون لدينا شاهد العصر، وهو النائب السابق السيد حسن العلوي والذي لا يزال حيا يرزق ، وقد كان حاضرا ويرافق المجرم الارهابي الهارب عن وجه العدالة طارق الهاشمي، في اجتماع في جدة مع الملك السعودي عبد الله ، والذي وبخ فيه المجرم الهاشمي قائلا له : "أعطيناكم ملياري دولار ولا يزال النظام الشيعي موجودا في بغداد"؟؟؟!!!... وليتكلم من لا يجد في ذلك برهانا على جرائم السعودية ومن يؤيد تصالح كاذب كهذا مع العراق أملته الظروف عليها فقط . 
    فالعراقيون اطلعوا على ذلك الخبر ، ولا نعتقد ان أي عراقي ممن قرأ ذلك الخبر والذي جاء على لسان الملك نفسه في سعيه للاطاحة بالنظام العراقي الجديد، قد أدرك ماذا يضمر النظام السعودي للعراق من شر وما الذي يعني التصالح معه في هذا الوقت بالذات؟؟؟ أما إذا كانت حكومة السيد حيدرالعبادي تريد للعراقيين نسيان من كانوا سببا في قتلهم وتشريدهم وتيتم ابنائهم وترمل نسائهم من العراقيات ، فان العراقيين ليسوا بهذا القدر من السذاجة لكي ينسون أعادئهم؟ ولكن ، الذي يؤلمنا كثيرا، أن نجد الحكومة الجديدة تبدأ باكورة منجزاتها السياسية خارجيا على عكس ما يرجوه شعبنا . فالذي حصل في حضور وزير الخارجية الدكتور ابراهيم الجعفري لحضور المؤتمر ضد ارهاب داعش والتصالح هكذا مع السعودية، لا يمكن تفسيره سوى استهانة بقيم شعب عانى الكثير من الارهاب السعودي في دعمه لداعش والبعثيين ، بل واستغفالا لشعبنا الجريح المعذب والمستباح دمه . فلماذا نجد حكومة حيدر العبادي تسارع باعادة العلاقات مع نظام كان وراء جميع مصائبها ، وتبدوا على"سرور" كبيروكأنه منجز العصر للعراقيين؟
    فيا ترى ، ما هي حاجة العراق للنظام السعودي لكي نستميت هكذا من التصالح معه؟ وما سبب هذه الدرجة المهينة من "الخنوع" التي تبديها الحكومة الجديدة ، حتى تعلن عن ضعفها وانهزامها السياسي وعدم ثقتها بنفسها وبشعبها الى درجة ان نجد ان وزير الخارجية السيد ابراهيم الجعفري ، يخرج علينا في مقابلته الاخيرة مع قناة العراقية قبل يومين "مبشرا" ، ان المجرم سعود الفيصل ، قد "اعطاه" وعدا لفتح سفارة النظام السعودي في بغداد؟؟؟!!! ثم يستدرك الجعفري بدون خجل من نفسه  أو من شعبه، مؤكدا على أن "وعد" سعود الفيصل لا رجعة عنه وان "السفارة تحتاج قبل فتحها لبعض الوقت من اجل ترميمها واجراء تصليحات فيها"..."معناه ... أن اصبروا ايها العراقيون قليلا...فقد جائكم النصرقريبا..." .
    أهذه هي نموذج "الدبلوماسية " مع الخارج في الحكومة الجديدة؟ فلماذا لا يمكن ان تكون هناك دراسات مستفيضة لاهداف الدبلوماسية العراقية وبشكل دقيق في التعامل مع العالم وبدون تسرع، بحيث يعطى كل ذي حق حقه وكل ذي باطل يرد عليه باطله؟ ولماذا قدر للدبلوماسية العراقية إما ان يكون وزيرخارجيتها من هو عنصري ويصرح باسم مصالح قوميته الكردية والاقليم ، وإما ان يكون ضعيفا يرمي بنفسه على ظلال السياسات الخاطءة وينسى الاساءات لشعبنا ؟؟
    فيا لخيبة الامال بك يا حكومتنا الجديدة ، وقد كان شعبنا يرجوا منها مواقفا سياسية اعظم من ذلك بكثير. فالنظام السعودي سيبقى دائما كارها للعراق وشعبه، ليس بسبب عقيدته الوهابية التي تقف ضد الشيعة بشكل خاص فحسب، ولكن بسبب أيضا ، ان العراق ، ماض باذن الله تعالى ليتبؤ المكانة الاولى في انتاج الثروة النفطية في العالم ، وهذا الشعور كافيا لكي يسعى النظام السعودي لضرب لعراق في الصميم وتدمير اسس حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، لكي لا تقوم له قائمة ، فضلا عن ادراكه لفشله في اسقاط النظام الجديد .    
    ولكن ، لماذا تتغافل حكومة العبادي عن حقيقة كبرى ، وهي ان النظام السعودي كان يقف بشكل عدواني وسافر ضد رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وحكومته المنتخبة، وكان يرفض كل انواع التفاهمات معها ، الى درجة ، ان المالكي حاول زيارة السعودية من اجل التأثير على سياستها العدوانية ضد العراق وايقاف التفجيرات اليومية التي كان يقوم بها داعش والبعثيين بتمويل من النظام السعودي والقطري ، لكن ، النظام السعودي رفض تلك الزيارة!!! فان كان الدكتور حيدر العبادي يعتقد ، ان حكومته الحالية هي أنجح من حكومة المالكي ، فهو على خطأ. فحكومة المالكي على الاقل ، كانت شوكة في عيون الاعداء جميعا، وكانت تتميز بكبرياء وغلظة على الاعداء بنظر العراقيين ، ولم تطأطئ الرأس للادارة الامريكية كما تفعل حكومة العبادي اليوم ، وفي ذلك درسا بليغا يحتاجه شعبنا لاعادة ثقته بنفسه، وعلى الحكومة الجديدة ان لا تنساه من اجل ان يظل شعبنا ينظر اليها بالاحترام المطلوب.      
    لقد كتبنا كثيرا عن تدخلات النظام السعودي في الشأن العراقي ووضع نفسه "كحكيم" في دفاعه عن البعثيين السنة ، ونشرنا الكثير من المقالات بهذا الشأن ، كان من بينها مقالا في تشرين الأول 2010 و بعنوان : "دعوة النظام السعودي للقيادات العراقية للقاء تحت مظلة الجامعة العربية" ، جاء فيه:
    "لا غرابة في ان يدعوا النظام السعودي قيادة كتلة العراقية للانعقاد وهي تحتضر في النزع الاخير , للقاء مع القيادات العراقية , فالنظام السعودي وكما هو معروف , ألاب الروحي الداعم والممول والمستميت من اجل علاوي وعصابته , وخصوصا بعد ان أصبح موضوع تشكيل الحكومة برئاسة السيد المالكي أمرا قريبا بأذن الله تعالى. ولكن ان تكون هذه الدعوة السعودية تحت مظلة الجامعة العربية , ففي ذلك من الصلافة وعدم ألاحترام والاستهتار في التدخل في الشأن العراقي ما يجعل النظام يتعرى هذه المرة عن حيائه التام . فان كانت مواقف وافعال وتعامل النظام السعودي مع شعب العراق منذ 2003 , قد دللت على الوقاحة والتجاوز على ارادة شعب عربي له كيانه ودستوره وسيادته الوطنية , فان في مثل هذه الاساءات والاعتدائات المتكررة , انما تثبت ان النظام السعودي برغم كل ملياراته وثرائه , فأنه ما يزال يعيش ويتصرف من خلال مبادئ عقليته البدوية التي ترى ان ثرائه يكفل له فرض ارادته على سيادة الاخرين . كما وان ابتعاده عن الركب الحضاري يجعل أخلاقه وطباعه مجبولة على التصرف الذي يخلوا من التشذيب والتهذيب ألمفترض وجودها في أخلاق وطباع الانسان المتحضر .
    فهذه الدعوة وكما تبدوا واضحة فأنها مجرد محاولة جديدة للاجهاز على التقدم الذي تحقق من خلال المفاوضات لعرقلة ووقف تشكيل الحكومة لا غير . وهو أمر بالتأكيد يهدف الى محاولة عرقلة السيد المالكي لتشكيل الحكومة ، ألا خابت ظنونهم .
    فلو كان النظام السعودي يفكر بطريقة طبيعية كخلق الله , لكان حريا به ان يستحي من اعلان نفسه مدافعا عن كتلة العراقية السنية البعثية بهذا الشكل السافر وهو شأن عراقي داخلي بحت . فان كان النظام السعودي بهذه العدوانية والابتذال ومن الرؤية الضيقة في حسابات المستقبل , فيعتقد ان له من النفوذ والتأثير ما يستطيع من خلاله , في التأثير وجعل الجامعة العربية تفرض رأيها على العراق فهو على خطأ بين . لأن الجامعة العربية منظمة فاشلة أثبتت سلبيتها وانتهازيتها وخنوعها لما جرى ويجري في العالم العربي وخصوصا لبعض القضايا المهمة التي تخص أمن واستقرار العراق والعراقيين . اذ لم تبادر باصدار حتى بيان واحد لادانة الارهاب الذي يتعرض له شعبنا , وكأن العراق ليس دولة عربية أوعضوا فيها او من مؤسسيها! كما وما تزال الجامعة العربية تعيش في عزلة وتحت وطأة نقمة الشعوب العربية وانظمتها بسبب مواقفها المحكومة بالانتهازية والمهينة للعرب . واليوم يحاول النظام السعودي الى اسائة جديدة من اجل أذى الشعب العراقي ولكن بوجود وشهادة الجامعة العربية وموافقتها , فأي وضاعة عربية هذه التي نعيشها في زمننا الردئ هذا؟ والنظام السعودي يأمل في كل هذه المحاولة للتأثير على الجامعة العربية لكي يضمن عودة البعثيين المجرمين الى السلطة واعادة الجور الذي تحملناه وعانيناه من جرائمهم خلال اربعين عاما , وهو بذلك يتعدى في عدوانية صارخة على دولة العراق العربية المستقلة , ويتصرف كالمثل القائل (ضربني وبكى وسبقني واشتكى)" . انتهى.
    لكم نأمل ، ان تنظر حكومة الدكتور حيدر العبادي الى العملية السياسية الجديدة نظرة الخبير السياسي المتمرس والمدرك بعمق والذي تعلم الكثير من تجربة وجوده في الغرب وما يتعلق بطرق التعامل مع الاعداء ، والتي يجب ان لا تكون كالطريقة التي يجب ان نتعامل بها مع الاصدقاء ، (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لايستوون"
    حماك الله يا عراقنا السامق .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media