ساعتان في قنصلية فرانكفورت
    الأحد 25 يناير / كانون الثاني 2015 - 16:10
    مشكو السنجاري
    توجهت يوم الجمعة 23/1/2015 مع مجموعة من الاصدقاء لمراجعة القنصلية العراقية في مدينة فرانكفورت الالمانية التي يلجأ اليها العراقيون المقيمون في المانيا من اجل استكمال او تصديق وثائقهم او الحصول على شهادات حياة وغيرها من متطلبات التواصل مع المؤسسات العراقية من تقاعد وولادات ووفيات وزواج.. بالاضافة الى ما تطلبه دوائر اللجوء منهم  بين الحين والاخر..

    كنا نحن الخمسة قد توجهنا الى القنصلية من مدينة مورس، التي جمعتنا قبلها بليلة، سهرة لقاء في دار كفاح كنجي.. الذي تبرع بمساعدتنا وايصالنا مشكورا بالرغم من انه لم يكن بحاجة لاية وثيقة من القنصلية ..

    انطلقنا في السادسة صباحاً لنصل الى القنصلية في فرنكفورت عند العاشرة تماماً .. استقبلنا حال دخولنا موظف شاب ببسمة لطيفة غير مفتعلة.. بعد ان سجل الاسماء طلب منا سحب ارقام المراجعة والانتظار في الصالة التي كان فيها اكثر من عشرين مراجعاً بالاضافة الى الاطفال المرافقين لذويهم .. يواجهون الموظفين، من خلال ثلاثة شبابيك،.. كان رقمي 15 هذا يعني ان هناك 14 مراجعاً قبلي  وعلي ان انتظر ..

    المفاجأة الاولى جاءت من وجود الصديق المترجم عامر عيدو في القنصلية الذي ابتسم وحيانا من بعيد .. وهكذا فعل بقية الموظفين بينهم فتاة جميلة ولاعب كرة القدم العراقي الشهير اياد الذي ادخل الكرة في شبكة الفريق الايراني في السبعينات في اخر دقيقة ليسجل فوز المنتخب العراقي على ايران .. وهكذا الحال لبقية الموظفين بما فيهم القنصل الثاني الذي يحمل لقب واسم  سكفان البامرني على ما عتقد .. لطافة الطاقم وسرعتهم في انجاز المعاملات شكل المفاجأة الثانية لي أذ طلِبَ مني بعد دقائق لم تتجاوز العشرة من التقدم لشباك رقم واحد ..

    قدمت الاوراق مع الصور وبقية الوثائق.. وطلبت وثيقتين الاولى شهادة حياة والثانية وكالة عامة .. وهكذا فعل من كان معي بعد دقائق .. في غضون نصف ساعة كنا قد سلمنا الصور والاوراق المستنسخة للموظفين.. ولم يبقى الا ان نتظر بقية الاجراءات التي يقوم بها الموظفون من طبع وكتابة وتدقيق ..

    في هذا الوقت لم يكن امامنا الا ان نوزع النظرات على من في الصالة والانتباه للمراجعين المتحدثين بعدة لغات عراقية .. الكردية .. العربية.. الاشورية ..  التركمانية.. ولفت انتباهنا شخص ابيض اللون بلحية كثة غير مهذبة حليق الشارب يرتدي الجلابية القصيرة والسروال .. هي ذات  الملابس التي  تنسب للرسول والتي اصبحت زياً ارهابياَ في عالم الدواعش اليوم تكنى مختصراً بـ الافغاني ..

    كان يتحدث العربية باللهجة السورية.. فأخذنا نفسر وجوده ومراجعته للقنصلية   قلت: قد يكون سورياً متزوجاً من عراقية .. وعموما كان تواجده بهذه التقليعة النشاز مبعث تعليقات وهمسات ساخرة.. تحولت لدى مجموعة من شباب دهوك الى مسبات وشتائم مسموعة بالكردية.. مما تتطلب مني تنبيهم لاكثر من مرة من احتمال ان يكون المقصود يفهم الكردية.. لكنهم لم يأخذوا ذلك بنظر الاعتبار وتمادوا لاسماعة اقذع الكلمات البذيئة التي تناولت عرضه وزوجته بوقاحة بصوت اعلى .. لحين استكمال معاملاتهم وخروجهم.. قبل ان نتفاجأ به.. انه كردي من دهوك فهم كل ما وجه له من مسبات وشتائم.. وتحملها وتجرعها بصمت دون ان يعلن اية ردة فعل او تكشف  ملامحه عن امتعاض!! ..

    غير بعيد عن هذا المراجع"الارهابي"..  كان هناك شخصاً حاول التقرب منا وقدم نفسه الينا انه من اهالي بعشيقة والموصل.. لكنه اضطرّ للافصاح بعد الجدال معه ان يكشف عن نفسه.. موضحاً انه زيباري من اقرباء  البعثي محمد طاهر الزيباري الذي كان متهما بقتل احد البارزانيين، ينتسب لعائلة وزير جحوش صدام ارشد الزيباري .. وبعد الاستفسار منه للتأكد من محمد طاهر الذي كان رئيساً للاتحاد الوطني لطلبة العراق في ثانوية بعشيقة، بعد مجيء البعثيين للسلطة قال: نعم هو ذاته.. وهو الان كادر في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية ..

    دخل هذا المراجع الزيباري في جدال مع عدد من الموظفين في القنصلية واستخدم كلمات نابية وحاول الضغط عليهم للحصول على باسبورت عراقي بالرغم من عدم امتلاكه كافة الاوراق الثبوتية المطلوبة للحصول على الجواز وادعى انه ابن اخت ارشد هوشيار الزيباري ولم تنتهِ تجاوزاته على الموظفين الا بعد تدخل القنصل علي هادي البياتي الذي هدأه وتعامل معه بدبلوماسية اضطرته للهدوء والاستجابة لمطلب القنصلية والانتظار ..

    بعدها خرج القنصل الى الصالة وصافح  جميع المراجعين مستفسرا منهم عن احتياجاتهم وان كانوا بحاجة لمساعدة منه دون ان يفرق بينهم مؤكدا حرصه على تقديم كل ما يمكن للعراقيين وتسهيل امرهم .. ليس هو وحده فقط .. بل كل الطاقم العامل في القنصلية.. الذي شكل فريقاً نشطاً لانجاز كافة معاملات المراجعين.. الذين كانوا يغادرون القنصلية في اقل من ساعة راضين عن المعاملة الطيبة للقنصل وبقية الطاقم العامل فيها .. فتحية لجميع العاملين في قنصلية فرنكفورت دون استثناء وشكراً ..

    شكراً لكم ايها العراقيون الشرفاء .. نحن بحاجة للمزيد من امثالكم ..



    مشكو السنجاري/ المانيا
    24/1/2015
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media