قراءة روحية صوفية في جوهر وماهية الإنسان.
    الأحد 25 يناير / كانون الثاني 2015 - 21:37
    بنيحيى علي عزاوي
    ناقد مسرحي مغربي الدراماتورج
    من روعة وجمالية القناع اتخذ علم النفس منه مطية للوصول إلى الذات البشرية المبهمة والمعقدة،والتي لازلت تشكل نقطة غامضة للإنسان حتى في وقتنا الحاضر بغية معرفة نفسه بنفسه ومع نفسه وفهم ذاته من خلال ذاته،..حاول علماء علم النفس في أواخر القرن العشرين معرفة الآخر إما عن طريق سلوكياته وأفعاله الإرادية واللا إرادية أو أفكاره المتشعبة بوشائجها اللا متناهية في فكره أوفي اللاشعره العجيب، ولكن في رمزية ودلالة القناع وجد الحكماء في علم الفراسة رمزا جميلا يحاكي عمق مشاعر الإنسان في كل جزء من هذا العالم الغريب ابتداء من الذكي إلى البليد والمنغلق الأفكار والمتحجر المشاعر.. ثم حول صفاته المتمثلة في الكثير من الأقنعة التي يلبسها..اكتشفوا أن الإنسان السياسي الحاكم لكرسي السلطة له أقنعة مزركشة الأوان ...والمحلل السياسي له أقنعته فاقعة الأوان، ثم النخبوي المثقف " الطبال العلة" له أقنعة مخروطة الألوان.. والعلماء لهم أقنعتهم،إما شرورية سوداوية الألوان وإما خيرية زاهية ذات أكمام وأفنان...أجل،جميع الخلائق البشرية التي خلقها الله من ماء دافق مهين يخرج من المخيخ لهم أقنعة تتفاوت في الشكل والإطار والألوان..سبحان الخالق الرحمن الذي يزكي كل بشر من له بذرة يُمن لإنسانية الإنسان ، ويسعى الخيِر لتحقيق السعادة للأنام وذلك بأمر من الخالق الجبار.. و سعي كذلك النبيل  من البشرية الذي هو أصلا من الطيبين يكون حبه إلى الثمالة لأخيه الإنسان  كيف ما كانت عقيدته أو ملته أو نحله وحتى فلسفته أو شكله ولونه.. ويبقى عند الله الإنسان هو الإنسان فيه الخيِر النبيل والشوفيني الشرير.. أفلا تبصر يا بشر في تكويننا البيولوجي والفسيولوجي؟ للعلم كما تعرفون خلق الإنسان ملفف ومسيّخ ومشحوط من ينبوع الخير والشر معا لماذا؟هناك سر في هذا التكوين بلا شك...أجل سر داخل سر ..من فوقنا سر ومن تحتنا سر.. ومن ورائنا سر، وعلى يميننا سر، وعلى يسارنا سر، وأمامنا سر، أسرار ولَدت الصراع من سر الأسرار، ثم تفرعت من السر أسرار.. واستفاضت عناصر الشر والخير في ذات الإنسان ورُسخت في اللاَ شعورنا ثقافة منذ مليارات القرون هلامية تقودنا مرة إلى الاختيار ومرة إلى الإجبار في التسيير وأخرى في منزلة ما بين المنزلتين.. هذا البشر خُلق هلوعا ضجورا جزوعا منوعا يتعب ويشقى من أجل معرفة ذاته وتكوينه طموحا في شهية حب البقاء،فان طوع عقله بوازع ديني "صح، متنور" يدعو لمحبة الله وحده لا غير سواه ،لأن الله وحده هو الرقيب على طوية الإنسان وصدق نيته ولا يحتاج الإنسان إلى وسيط كيف ما كان شأن مقامه في هذه الدنيا الفانية (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) كما يستطيع الإنسان تطويع عقله بمعين العلم النافع المبين يدعو للفضيلة والأخلاق السامية والتسامح والأمن والأمان ليعم في هذا العالم الغريب الهيام الروحي والسلم والسلام، حينها وبهذين الوازعين الأساسين أو أحدهما يقدر الإنسان بقوة إرادته أن يقتلع جذور شجرة الشر من اللاشعور الجمعي وينتصر على الأنا ويستفاض الخير في الذات الدميمة ويقتل الشر قتلة سيكولوجية لا رجعة له في ماهية الإنسان. ومع ذلك أتساءل: كيف يكون نمط عيش الإنسان مع أخيه الإنسان حين يعم الخير ويستفيض في ذات الإنسان؟ وهل نحن معشر الجنوب لنا سلطة الإرادة وعقل السلطة التنفيذية على ذاتنا وفي ذاتنا؟ وكيف نتعرف ونتلمس ونتحسس سلطانهما الجليل ..الإرادة هي فوق كل عناصر القوى المحركة للذات البشرية وهي السلطة التشريعية والتنفيذية في آن إلى حين...ما أجمل الإرادة حين تكون مصقولة بالعلوم الإنسانية تعطي لعقل الإنسان طاقة مستنيرة تشحن من شجرة مباركة هي أكبر من سلطان طاقة شمس الشموس المترامية الأطراف في درب التبانة التي تعتبر مجرة حلزونية التكوين وهي في شكل قرص تدور حول نفسها دورة نحو 250 مليون سنة، ونظرا لدوران المجرة ودوران النجوم فيها ، تضم أذرعا :1)ذراع الجبار 2) ذراع حامل رأس الغول 3) ذراع رامي القوس.. وتسمى الأذرع بتلك التسميات حيث يتميز كل ذراع بكوكبة شديدة السطوع فيه. هكذا توصل العقل البشري إلى روعة معرفة جمال الكون،يستمد العقل البشري طاقته النورانية من تلك المجرة لكي تزرع في ذاتنا انسيابيا وفي العقل البشري خاصة بذرة مباركة تنبت في عقولنا شجرة طيبة بأمر من الرحيم الرحمن، تكون فروعها يانعة بالحياة وسامية الجمال في سمو الارتقاء إلى عالم الفضيلة والإحسان،وما الإحسان إلا بالإحسان. وهو أعلى مراتب الدين وأعلى درجات العلم للرقي الحضاري لدى الإنسان الكوني المرتقب خلقه بإذن من الله ومن طرف توائم الأرواح الطيبة التي تلتقي صدفة لتعيش نعيم الهيام الروحي العظيم بغض النظر عن العقائد أوالدين أو الأعراق أو الألوان والأشكال، وما الإنسان إلا إنسان أينما وجد وكان. وفي ذاتكم أفلا تدققون في تشكيلات خلقكم؟؟.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media