الموت في ثلاجات الصقيع العربي
    الأثنين 26 يناير / كانون الثاني 2015 - 11:37
    كاظم فنجان الحمامي
    بكى الزعماء العرب بحرقة في التظاهرة الباريسية المفتعلة، لكنهم لم يذرفوا دمعة واحدة على عشرات الأطفال والشيوخ، الذين يتجمدون مساء كل يوم في ثلاجات المخيمات العربية المتعطشة للدفء. تصطك أسنانهم في صقيع الخذلان والتشرد. يحاصرهم البرد القارس بين أركان المخيمات المبعثرة في العراء، فترتعد أجسامهم المرتجفة تحت رحمة الجليد المتراكم فوق ملاجئهم الخاوية. هناك يلفظون آخر أنفاسهم في مواجهة الموجات البردية القاسية، فيموتون في ظل نقص المأوى والغذاء والدواء حيث رمتهم الأقدار في منافي دول الجوار.
    في الشتاء يستلقي الأوربيون في مصايف الخليج الملتهبة بنيران حقول النفط والغاز والألغاز، فيلهون ويمرحون ويلعبون بخيوط أشعة الشمس المتوهجة في عز النهار. هكذا هي البيئة الخليجية المتناغمة دائماً مع الغرب. المتخاصمة أبداً مع العرب. لم ولن تسمح بإيواء أي لاجئ سوري في ملاذاتها الصحراوية الآمنة.
    السوريون يتجمدون حتى الموت، فيتجاهلهم الحكام العرب. تتغافل عنهم هيئات الإغاثة العربية. تحذفهم التنظيمات التكفيرية من حساباتها. من يدري ربما تشملهم في يوم من الأيام ببرامج الترحيل القهري من دار الدنيا إلى دار الآخرة ؟، فتختصر عليهم مسافة الطريق، وتجهز عليهم لتقتلهم بطرقها التي تراها مناسبة. أما جامعتنا العربية التي لا تجمع ولا تنفع فتكاد تكون من ضمن المتفرجين المتغافلين.
    يشكل اللاجئون السوريون الآن ٢٥٪ من تعداد السكان في لبنان، مما دفع بلبنان لفرض شروط دخول صعبة على السوريين. كما حذرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من أن اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون في فقر مدقع، وبالتالي لن يجد السوريون الفارون من أهوال الحرب ملاذاً يحتمون به.
    قد يقول قائل منكم: أن الدول الخليجية ستفتح بواباتها على مصاريعها لاستقبال اللاجئين السوريين، وأنها لن تبخل عليهم بتوفير مستلزمات الضيافة العربية المنشودة، فالسوريون يتمنون أن يتعامل معهم الأشقاء مثلما يتعاملون مع الجيوش الغربية المقيمة على أرضها وفي ثكناتها ومرافئها، فنقول له: هيهات هيهات، فالعواصم التي تفكر باجتثاث أبناء (البدون) وتهجيرهم من ديارهم نحو جز القمر، لن تجازف بإقحام نفسها في هذا الخيار، الذي تعده من الخيارات المستحيلة. ثم أن الكلام الذي تسمعونه في الإذاعات عن التكاتف العربي والتعاون الأخوي لن تجدوا له أي تطبيق على أرض الواقع. حتى لو مات نصف الشعب السوري في ثلاجات القارة القطبية الشمالية. فالضمائر الميتة لن تستيقظ أبداً لأنها ماتت وتحجرت منذ زمن بعيد.
    والله يستر من الجايات.
    https://www.youtube.com/watch?v=tafI9biE44E
     
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media