الكتابة مخاض وصراع ثم صداع
    الثلاثاء 27 يناير / كانون الثاني 2015 - 05:02
    بنيحيى علي عزاوي
    ناقد مسرحي مغربي الدراماتورج
    الكتابة مثلها كمثل مخاض الولادة القيصرية،بل في بعض الحالات هي أكثر عذاب أليم مما تتصورون، إلا أن هذا العذاب الأليم يكون مفعما بأريج عسلي ليصل من خلاله المبدع إلى لذة السعادة المثلى خاصة حين يلج بصعوبة إلى عالمها الروحاني المتعدد الأشكال والأنواع والألوان متخذا المبدع الفنان مهماز تبصره من عنصر المحاكاة التي يحولها إلى معول سحري للحفر في الفكرة الأساس التي يريد تفجيرها عبر الكتابة التي يختار لها حروفا من مسك وريحان..،الكتابة المحملة بالقيمة الجمالية هي فن سامي الفكر والقلب معا وكل حواس المبدع الخمس لها نصيب عذاب أليم في أعجوبة الولادة الإبداعية المشرقة –المخاض- الذي يترتب منه تشنجات وصراع مزركش الألوان لا حدود له في الزمكان والذي يتولد منه وعنه صداع سيكولوجي  في فضاء الفكر مما يتسبب في بعض الأحيان  إلى احتراق خلايا جميلة في جسم المبدع الفنان، ومع ذلك فأقلية من المبدعين الكبار لهم مناعة قوية تتصدى لجميع الأعراض المضرة واضعين نصب أعينيهم  فرضيات قبلية كدرع وقائي في كل الأحوال، ثم يترتب عن ولادة الكتابة الراقية كذلك ارتعاش هزة بركانية في القوى المحركة للذات  فيها ألم أليم ومعاناة ثم شوق وتشويق في البحث عن اختيار الفكرة الأساس التي تعتبر الهدف الأعلى لجميع أنواع الإبداعات، وبالتالي يُلبس المبدع من عنصر"التعرف" --/الفكرة الشكل /المناسب حسب الجنس الأدبي الذي يختاره لصياغة الفكرة الأساس، وتفجيرها في أحداث ووحدات وأهداف ليصل إلى أجمل اللحظات ..ثم يتخذ من العنصر السيكولوجي الخطير المسمى عند العارفين بعوالم الكتابة بحسبان المسمى "الكثارسيس" به ومعه يتم تطويع الكلمات والنفخ في روحها لكي تتحدث بلسان الإنسان، حينها  تتطلب من المبدع الغوص في عمق مشاعر الإنسان وما أدراك من هذه المشاعر المختلفة الألوان والأشكال...معقدة جدا مشاعر الإنسان،!!! لا يدرك سجاياها إلا الفنان الملسوع بسلطان العلم والبيان والذي يرتوي من طقسية  المفهوم الفلسفي:" الكثارسيس" الروحاني فوق المكان المقدس المسمى: الخشبة.theatron
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media