تحذير المرجعية الجديد
    الجمعة 2 أكتوبر / تشرين الأول 2015 - 06:16
    عبد الحليم الرهيمي
    إعلامي ومحلل سياسي
     بعد إطلاق عدد من السياسيين والعاملين في الشأن العام تصريحات تتحدث عن تراجع زخم التظاهرات المطالبة بالإصلاحات وبالتالي قرب نهايتها، أو القول بأن تلك التظاهرات انحرفت عن مسارها وأصبحت أداة لأجندات تدعمها وتوجهها بعض السفارات الأجنبية .. وبعد أن حرصت المرجعية الدينية من خلال خطبة معتمدها السيد احمد الصافي يوم الجمعة قبل الماضية (18 /9) على أن لا تكرر مواقفها حول الوضع العام والمطالبات بالإصلاح، جاء موقفها الأخير الذي عبر عنه في خطبته يوم الجمعة الماضية (25 /9) معتمدها الشيخ الكربلائي ليفاجئ الكثيرين،
    أن لم نقل الجميع، سواء الذين راهنوا، وربما لا يزالون يراهنون على انحسار حجم المطالبات الإصلاحية واقتراب (نهايتها) أو الذين ظنّوا أن المرجعية ستلتزم الصمت بعد أن بدأت تشعر (بالملل) من التأكيد المستمر على أهمية تحقيق المطالبات بالإصلاحات دون نتائج مهمة، وبالتالي التوقف عن دعم وتأييد مطالب المتظاهرين وعموم الشعب العراقي بالإصلاح، أو الذين بدؤوا يعبرون عن معارضتهم الصريحة أو المضمرة للمطالب الإصلاحية تحت شتى الذرائع والتبريرات.
    ومع أن الواقع ومجريات الأحداث واستمرار زخم التظاهرات المطالبة بالإصلاح في بغداد ومعظم محافظات ومدن العراق الأخرى قد بددت التوقعات السلبية لما ستؤول إليه التظاهرات وإجهاض محاولات وقفها، فإن الموقف الأخير للمرجعية جاء ليؤكد بشكل حاسم مواقفها الداعمة والمؤيدة بقوة لمطالب المتظاهرين التي بدأت بإطلاقها منذ (7 /8/ 2015).
    وفي حين أكد معتمدها في خطبة الجمعة الأخيرة على أهمية استمرار الاهتمام والدعم الواسع للمعركة ضد داعش والإرهاب، وكذلك أهمية الإصلاح الاقتصادي وإيجاد الحلول الناجحة للازمة المالية والمعاشية التي يعاني منها البلد، وأكد أن الإصلاح لا محيص عنه، حذر مجدداً وبقوة المعارضين للإصلاحات بتشديده بشكل لافت على القول (وليعلم الذين يعارضون الإصلاحات أنه أذا خفت المطالبة بها هذه الأيام فأنها ستعود في وقت آخر بأقوى وأوسع من ذلك الوقت..).
     ولأن هذا الموقف الواضح والصريح للمرجعية قد بُني كما هو متوقع، على قراءة متأنية وواعية للواقع الراهن ومسار الأحداث، وعلى تقدير شرعي ووطني بضرورة الإعلان عنه فقد كان بمثابة دعوة مدوّية أمام الجميع وهي دعوة تكتسي أهمية استثنائية وحملت رسائل عديدة مهمة: الأولى، الى السيد العبادي وتذكيره بأنه سبق وأن طالبته بالضرب بيد من حديد وان يكون أكثر جرأة في اتخاذ المواقف إزاء الإصلاحات وإزاء الفاسدين، وإنها ستستمر في دعمه ومساندته إن عمل على التخلص من الضغوط التي تمارس عليه من بعض الكتل والأشخاص.
    والرسالة الثانية، الى المعارضين لإجراء المزيد من الإصلاحات والمزيد منها الأكثر جذرية وأهمية، سواء كان هؤلاء المعارضون يعبرون عن معارضتهم بشكل علني وصريح أو بالتأييد (الملغوم) لمن يطلق عليهم (مؤيدون ولكن !).
    أما الرسالة المهمة الثالثة، فهي الموجهة الى كل أولئك الذين يراهنون على تراجع وخفوت أو (نهاية) التظاهرات المطالبة بالإصلاحات ودعوتهم لإعادة حساباتهم الخاطئة، وإدراك أن أسباب ودوافع ومبررات انطلاق هذه التظاهرات الاجتماعية المطالبة بالإصلاحات لا يمكن أن تتوقف، وإنها بفعل تلك الأسباب والدوافع ستندلع في وقت آخر بشكل أقوى وأوسع بما يعنيه ذلك من تداعيات سياسية كبرى ينبغي التحسب الواعي لها والتصرف على ضوء متطلباتها.
    لقد دقت المرجعية الدينية في موقفها الأخير، مرة أخرى، جرس الإنذار مرة أخرى لمن يعنيهم الأمر لقراءة الرسائل التي وجهها هذه الموقف إليهم بحرص ومسؤولية أكبر.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media