تحالف بغداد الرباعي في الميزان
    الجمعة 2 أكتوبر / تشرين الأول 2015 - 20:33
    موسكو (RT) - فاجأت موسكو أغلب المراقبين بتوسيع نفوذها وعقدها لاتفاق رباعي مع إيران والعراق وسوريا مركزه بغداد وأثارت جدلا واختلافا واسعا داخل الأطراف السياسية العراقية.

    حيث لم يلق التحالف الرباعي حتى الآن توافقا من قبل الأطراف العراقية المنقسمة بين المحور الأمريكي والمحور الروسي.

    وفيما أعلنت خلية الإعلام الحربي التابعة للحشد الشعبي ترحيبها بوصول ضباط استخبارات روس وإيرانيين اعتبر النائب محمد الكربولي عضو لجنة الأمن والدفاع وعضو تحالف القوى الوطنية أن الاتفاق الرباعي بين روسيا وإيران وسوريا والعراق يجعل سيادة البلاد في مهب الريح ويحول العراق إلى ساحة لتصفية الخصومات الدولية.

    ودعا النائب موفق الربيعي عن ائتلاف دولة القانون (بزعامة نوري المالكي) إلى تشكيل تحالف إقليمي دولي جديد يضم حزب الله اللبناني إضافة إلى العراق وروسيا وسوريا وإيران. وفيما يقف التحالف الكردستاني مع موقف تحالف القوى الوطنية في الجانب غير المرحب بغرفة بغداد نجد أن التحالف الوطني يرحب بالاتفاق الرباعي، عازيا سبب إبرام الاتفاق في هذا الوقت إلى استفحال تنظيم "داعش" وتماديه في سياسته الهمجية، ورغم هذا الخلاف فقد وضعت محادثات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أسس التعاون بين بغداد وموسكو والتنسيق بشأن عمل التحالف الرباعي وناقشا معا فتح خطوط تعاون مع الولايات المتحدة بشأن الدور المستقبلي للتحالف الرباعي.

    واللافت في تأسيس هذه الغرفة البغدادية توقيتها، إذ إنها جاءت في وقت تتهيأ فيه القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي لمعركة الموصل، بينما تجري عمليات عسكرية في الأنبار، ووجود الغرفة في بغداد قد يربك الدور الأمريكي المؤيد لإعطاء دور أكبر للبيشمركة الكردية ومقاتلي عشائر الأنبار وقد يعمق الخلاف الأمريكي الروسي، الذي زاده ترحيب التحالف الوطني أكثر إذ أضحى أقرب لروسيا منه لأمريكا رغم أنه كان قريبا منها بعد 2003. ويعد التحالف الوطني الحاكم في العراق والداعم لقوات الحشد الشعبي التي تم تحجيم دورها مؤخرا في العمليات العسكرية الجارية في محافظة الأنبار من قبل القوات الأمريكية، من أكثر المستفيدين من التحالف الرباعي كقوة رافضة لتشكيل الأقاليم وداعمة لقوات الحشد الشعبي.

    ويتساءل المراقبون عن سر وجود هذه الغرفة الروسية في بغداد، التي تربطها بواشنطن اتفاقية أمنية استراتيجية في وقت كان من المفروض أن تكون في دمشق، التي تربطها مع روسيا اتفاقية تحالف استراتيجية، وقد عقب الكولونيل ستيف وارن الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة في الجيش الأمريكي في العراق على التحالف الرباعي قائلا بعدم وجود دليل على أن العراقيين هم من سعوا إلى الوصول إلى الروس طلبا للمساعدة، مضيفا أن الروس هم من سعوا إلى الوصول إلى العراقيين الذين يحصلون أصلا على خدمة كافية من المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمواقع تنظيم "داعش" من طائرات الاستطلاع الأمريكية. وفي الوقت الذي علل فيه، هشام الهاشمي وهو خبير أمني عراقي، سبب اختيار بغداد مقرا للتحالف لأن بغداد تمتلك معلومات استخباراتية أكثر عن قيادات "داعش" وأن المركز سيكون في بغداد لمدة ثلاثة أشهر ثم ينتقل ربما بعدها إلى موسكو أو طهران، فقد أشار خبير آخر، هو واثق الهاشمي، إلى أن اختيار بغداد مقرا لهذا التحالف الرباعي جاء لأن هناك تحالف آخر في دمشق لا يشترك فيه العراق بين روسيا وسوريا وإيران بقيادة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

    لكن يبدو من جانب آخر أن اختيار روسيا لبغداد مقرا لهذا التحالف لم يأت من فراغ خصوصا وأن: 1- حكومة بشار لا تحصل على الاعتراف الدولي الجامع مثل ماهو الحال لحكومة بغداد و2- بعد تأسيس الغرفة أصبح لروسيا تنسيق مع واشنطن التي تملك في بغداد أكبر سفارة في الشرق الأوسط. فقد دعا بوتين الأسد إلى القبول بحل وسط بعد ساعات من الإعلان عن الغارات الروسية المفاجئة في سورية، والتقى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، للمرة الثالثة في نيويورك خلال أقل من أسبوع، نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث المشكلة السورية، وناقشا تداعيات الضربات الروسية على أهداف قرب مدينة حمص، إحدى معاقل الأغلبية المعارضة. وعقب اللقاء، وقف الوزيران جنبا إلى جنب أمام الصحفيين في نيويورك، ليعلنا عن توصلهما إلى اتفاق مبدئي يتضمن خطوات لتكون سوريا موحدة وديمقراطية وعلمانية كحل للأزمة السورية. وأكدت فيديريكا موغريني مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي، أن ما يجري حول سوريا اليوم هدفه التوصل لاتفاق دولي يشبه اتفاق لوزان النووي بين دول 5+1 مع إيران.

    فهل غرفة بغداد ستكون منصة تفاوض إقليمية دولية بعد نيويورك مشابهة لتفاوض5+1 بلوزان مع إيران؟ وهل ستعيد غرفة تحالف بغداد الرباعي التوافق السياسي الغائب منذ 2003 بين الأطراف العراقية وتتمكن من إعادة القانون والدولة الغائبين عن العراق منذ 2003؟ وهل غرفة بغداد مؤشر لعودة توازن القوى الإقليمي المفقود منذ 11 من سبتمبر/ أيلول 2001 خصوصا بعد ظهور تحالف الحزم العربي ؟ وهل هي رد على وسباق مع تحالف الحزم العربي الذي يسعى للتقارب مع العراق بمباشرة قريبة لسفراء السعودية وقطر عمليهما في بغداد قريبا. وهل غرفة بغداد تثبيت لواقع إقليمي جديد بقيادة روسيا واستباق لزيارة تاريخية للملك سلمان إلى موسكو أصبحت على الأبواب؟ أم هي من تداعيات حراك سياسي ودبلوماسي كبير جرى بعد الاتفاق النووي شهد زيارات ولقاءات متعددة جمعت بين زعماء روس وعرب. منهم على سبيل المثال، محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي الذي زار موسكو إضافة إلى عادل الجبير وزير الخارجية السعودية مع زيارة لملك الأردن عبدالله الثاني وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أيضا وكان خاتمتها لقاء تاريخي جمع وزراء خارجية السعودية وأمريكا وروسيا في الدوحة في أغسطس/ آب الماضي. فهل غرفة بغداد ستطفئ حرائق المنطقة أم تزيدها اشتعالا؟ أسئلة نتركها لتجيب عنها الأسابيع والأشهر القادمة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media