جيناتنا الحضارية!!
    الجمعة 2 أكتوبر / تشرين الأول 2015 - 21:45
    د. صادق السامرائي
    قبل يومين كنت في مهاتفة مع أحد أصدقاء الصبا , فسألني : لماذا في رأيك الدول الغربية تفتح أبوابها للمهاجرين وكأنها خططت لذلك؟!!

    فتذكرت مقالة كتبتها  قبل أ كثر من عشرة سنوات , وخلاصتها  , أن الدول الغربية ستزداد حضارة وقوة بتوافد المهاجرين من ديارنا إليها!!
    وحجتي على ذلك أن أن هذه الدول تكتسب جينات حضارية نادرة كنيزة , ستتفتح فيها , لأنها تمتلك قدرات توفير الظروف الملائمة لإنطلاقها والتعبير عما فيها من جواهر الإبداع الأصيل.

    وهذا يؤكده الدور الخلاق للعقول القادمة من ديارنا في بلاد المهجر , حيث تراها في مقدمة الآخرين ومن المتميزين.

    إنها ثروة بشرية نادرة المحتوى , فلماذا لا تتسابق عليها الدول؟!!

    ومشكلتنا الجوهرية أن مجتمعاتنا بأنظمتها لا توفر الظروف اللازمة لإطلاق طاقاتنا الجينية الحضارية , وإنما تدفعها للإنحراف إلى ما يعيقها ويبددها.

    فجميعنا يكنز جينات متعلمة متحضرة متميزة خبيرة , ومنذ آلاف السنين, وهي تنتقل عبر الأجيال والعصور , وكلما تفاعلت مع جينات أخرى , تمكنت من الحصول على حرية التعبير عن طاقاتها.

    ولهذا فأن المستقبل سيشهد تفتح جيناتنا في محيطات أخرى , بسبب التفاعل الحر القائم ما بين أبناء الدنيا ,
    ومن الأمثلة القريبة عى هذا التفتح الحضاري المنير , أن " ستيف جوبز"مؤسس شركة "أبل" , نصف جيناته من ديارنا , فأبوه سوري الأصل.

    وهذا يشير إلى أن الجين الذي كان كامنا في الأجيال التي سبقته , قد وجد الفرصة المؤاتية لكي يترجم ما فيه من الأفكار والطاقات.

    وما يجري في بلداننا , إنما تعبير عن سلوك الجينات المخنوقة , الممنوعة من الوصول إلى إظهار دورها وفعلها الحضاري في المحيط الذي هي فيه , ولهذا تراها تميل إلى التفاعلات المدمرة الماحقة لوجودها الذاتي والموضوعي.

    أي أننا نحمل جينات ذات نوعية حضارية عالية , تشهد عليها المسيرات التأريخية الطويلة بعطاءاتها المتوالية , فأجدادنا الذين إنطلقوا في مسيرتهم , قد أنشأوا وأوجدوا , جينات  تعاظمت ثقافتها وقدراتها وخبراتها وتواصلت مع الزمن , وبتعاقب الأجيال , إزدادت نضجا وقوة وخبرة , وهي التي تبرمج الفرد الذي يختزنها للقيام بالسلوك المعبّر عنها.

    وسلوك الجينات كأي سلوك آخر , عندما لا يجد الظروف التي تؤهله لكي يتحقق , فأنه يكمن أو ينحرف. وبما أن طاقات الجينات التي فينا ذات إرادة عالية وطاقة فائقة , فأن كبتها يكون صعبا , ولهذا فهي تنبعج في إتجاهات متعددة , تؤدي بنا إلى الوقوع في صراعات وتفاعلات سلبية , في حقيقتها عبارة عن إنسكاب عشوائي , وتبديد لطاقات حضارية تريد أن تبني معالم وجودها المتميز , وهذا يفسر الكثير من سلوكياتنا , وما يجري في واقعنا.

    فهل  سنعي هذه الحقيقة الحضارية , ونسعى لتوفير الظروف اللازمة للتعبير عن طاقات الجينات الكامنة فينا , لا أن نقتلها ونهجّر أصحابها؟!


    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media