لتحيا روسيا
    الأثنين 5 أكتوبر / تشرين الأول 2015 - 22:09
    راغب الركابي
    إن الواجب  القيمي و الأخلاقي يدعونا لتقديم التحية  والشكر لروسيا  في موقفها وهي تحاول معنا دفع الشر عن بلادنا ، وفي موقفها النبيل هذا نحن نعي تماماً حجم الضغوط والمسؤوليات التي تتحملها روسيا في هذا المجال ،  ونعي تماماً صيغ الضغوط وفحواها  ، نعم  كنت وفي الزمن القريب لست مع روسيا  أو ميال لها ولا لمواقفها  ،  ولكنني اليوم أشعر بالغبطة والسرور وهي تتقدم العالم الحر في الضرب بيد من حديد على قوى الإرهاب ومن يمدونها بأسباب الدوام  والأستمرار  ، تلك القوى التي مزقت وحدة البلد ووحدة الشعب  .
    إن موقفي  اليوم  من روسيا  ينم عن شعوري بان الخلاص من جراثيم الفساد ومن الإرهاب  سيتم على يديها  وها قد أصبح ممكناً وأصبح قريباً ، هكذا هو الواقع الذي أرآه وأشعر به ، فمن يرفع السلاح  -  يا كامرون -   ويذبح الأمنيين ومن يزيد الفتنة إشتعالاً لا نسميه ولا نطلق عليه  معتدلاً  ، ولا يسمى ذلك لا في قاموس السياسة ولا في معاجم اللغة  ، وعلى المتقولين ان يعوا  ان الحرب على الإرهاب  ليست نزهة  وهي لا تقبل القسمة ولا يجوز التساهل فيها   ،   ذلك لأن الضرر إن أمعنا النظر فيه كبير وكبير جداً ، صحيح إن  المعركة وساحاتها  في بلدان الشرق الأوسط   ،  وصحيح إننا أكثر الناس من أكتوى بنيرانها   ، لكن على حكام الدول الغربية ان يكونوا واقعيين شيئاً ما وأن يفهموا ولا يكيلوا بعدة مكاييل  فالواقع لا يرحم ومعانات شعوبنا كبيرة وقاسية ، وتذكرون إننا  شجعنا في فترة من الزمن أمريكا وبريطانيا في الحرب  على العراق وكنا في ذلك ظانين خيراً بهم وبإنهم يملكون رؤية لمستقبل الشرق أجمل وأفضل وستساعد في تأسيس القواعد الصحيحة للنظام وللديمقراطية في بلدنا   ، ولكن ظننا ذهب هباً بعدما داست قوى الشر مرابط الخير وإنتزعت من القوى الوطنية دورها وتحدثت  عن الوطن بلسان الديمقراطية الأعوج ، فظهر الفساد في البر والبحر ، وهاكم دليلنا ما يعانيه العراق من فساد لم يشهد التاريخ لمثله نظيرا ، حتى  لقد ضجت المرجعية والشعب على ما حصل ويحصل ، نعم تجربة النفاق في التعاطي مع قضايا حتمية ومصيرية يقود لما هو حاصل بالفعل ، ولهذا أقول دعوا روسيا ومن خلفها كل الشعوب الحرة والمؤمنة بالغد الأفضل دعوها تطرد من ساحات بلداننا هذا الإرهاب وقوآه ومن يدعمه ، دعونا نثق بالمستقبل لنا وللأجيال القادمة فالديمقراطية ياسادة ليست في الأكثرية المذهبية والطائفية ، الديمقراطية أغلبية برامجية يتفق عليها ابناء الشعب على مختلف ثقافاتهم واديانهم ، لا كما يحصل عندنا محاصصة وتوافق دمرنا ودمر البلد وتحكم  فيه الفساد والضباع .
    إن روسيا في عملها هذا لا تطلب كما يفعل غيرها مالاً  ، على كل طلعة طيران أو قذيفة قد تصيب وأحايين لا تصيب ، روسيا تشاطرنا المعانات تستشعر بها لا تفترضها تعيشها من خلال هذا الكم من الغوغاء والأجلاف الذين يعيشون في أراضيها ، هي تقود حملة مشروعة لدعم الشرعية فقد ثبت بالدليل إن -  بشار الأسد -  هذا الذي يختلفون في شأنه أفضل بمليار مرة من هؤلاء القتلة المجرمين ، ثم إن كنا حريصين على الشعب السوري فالنوفر له الجو الذي يُمكنه من إختيار حكومتة  بحرية وعدالة وسلام  من خلال الجمع وليس الطرد ، هؤلاء الأجلاف يخططون لقتل كل علوي وكل درزي وكل شيعي وكل مسيحي وكل أيزدي بل وكل صوفي حتى يصل بهم الحال لقتل كل سني شافعي وأشعري ، هؤلاء لا يصح ان ننعتهم ولا ننعت من يساندهم بالإعتدال أو الظن بإمكانية تغييرهم ، وإذا كان الناعقون ضد روسيا حريصون على سوريا  ، فعليهم أن يكونوا مع الحق ويمنعوا أردوغان من فتح حدوده لكل من هب ودب من القتلة والمجرمين ليزيدوا النار إشتعالاً ، ودول النفط تعلم إن ضرر هؤلاء  الإرهابيين عليهم كبيرا ،  إن تمكنوا وشواهدنا على ذلك لا تحصى ، ولهذا أقول لهم ومن باب  الأخوة  والمسؤولية الأخلاقية نحن قد نختلف مع بشار وقد نختلف مع إيران ومع حزب الله  ، ولكن لا يجب ان يقودنا ذلك لدعم أو التغاضي على ما يفعله هؤلاء المجرمون ، وتعلمون جيداً إنني مع حرية الشعوب ومع إختياراتها ولهذا ليس من مصلحة عندي ان أقف مع زيد أو بكر ، نعم إنني مع المصلحة الوطنية والقومية من غير تردد  هكذا أقولها بكل تجرد وإنصاف ، ولهذا أدعوا أخواني قادة الخليج ليكونوا مع الحملة الروسية ضد الإرهاب يدعموها ويقفوا معها لأن في ذلك مصلحة للجميع ، والأيام ستكشف عن ذلك  وتدل عليه  ، وفي هذا إنما أعبر في موقفي هذا عن رأي وموقف جميع الليبراليين الديمقراطيين وموقف جميع الأحرار في العالم دولاً ومنظمات ، وهذا ما لمسته في حوارتي معهم وأكتشفت إنهم مع هذا التوجه وبكيفيات وتفسيرات لا محل لها اليوم إلاّ من بعد أن تضع الحرب أوزآرها  ..

    راغب الركابي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media