هل ستواجه البيشمركة فصائل الحشد المقاوم؟
    السبت 21 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 21:46
    سعود الساعدي
    لا يبدو ان احداث مدينة طوزخورماتو ستقود الى حرب مفتوحة بين الحشد المقاوم والبيشمركة لكن لا يعني هذا عدم حصول مواجهات مؤقتة لجس نبض الحشد المقاوم ولقياس ردود الافعال واختبار جدية النوايا وامكانية المضي بهذا الخيار بقوة الا ان المواجهة الشاملة والمفتوحة مع البيشمركة حتمية مع بقاء البارزاني وقبوله ممارسة دور تخريبي في اطار الاستراتيجية الاميركية – الصهيونية وان كان خيارا مستبعدا حاليا لعدة اسباب اهمها:
    توحد الصف الشيعي بغالبيته العظمى وخصوصا فصائل الحشد المقاوم وخلفها الاكثرية الساحقة من الشيعة في موقف واضح وموحد وصل الى حالة الاندماج التام للدرجة التي يعجز معها الخصوم عن مواجهتها مهما امتلكوا من قدرات وأياً كانت الدول الكبرى التي تقف خلفهم ما ادى الى ان يمارس الشيعة في العراق ولأول مرة منذ عقود بل قرون طويلة دورهم كغالبية شعبية اخذت حجمها الطبيعي ومارست دورها الحقيقي بما تمتلكه من ثقل كبير وهام على الارض بعد زمن طويل من التغييب دفعوا خلاله اثمانا غالية وتحويلهم خصوصا في العقد الاخير الى اغلبية عاجزة وفاقدة القدرة على التأثير مع ممارسة الاقليات الاخرى لدور فاعل ومؤثرة في لعبة الديمقراطية الاميركية بعد عام 2003.

    اما الاسباب الاخرى فهي:

    1/ عدم قدرة البيشمركة على خوض معركة مفتوحة مع فصائل المقاومة والحشد في كل مناطق التماس ليس بسبب فارق القوة بين الطرفين فقط وانما بسبب تحول قوة الحشد المقاوم الى قدرة ردع نجحت في صراعها مع الاحتلال الاميركي ثم الداعشي (مجال القوة).

    2/ كشفت المعارك مع تنظيم داعش عن تحقيق الحشد المقاوم لانتصارات استراتيجية في اوقات قياسية رغم قلة الموارد وضعف التجهيز ورغم العداء الحكومي والسياسي الطائفي من بعض الاطراف الداخلية والخارجية، بينما لم تنجح البيشمركة الا في تحقيق انتصارات اقرب ما تكون الى مسرحيات  بوجود دعم وغطاء جوي اميركي غربي وهذا لا يعني الاستهانة بالقدرات العسكرية للبيشمركة التي تتلقى دعم وتسليح وتخضع لخطط تمويل وتدريب من الكيان الصهيوني منذ عقود.

     3/ الخروج السياسي الحتمي للأكراد من بغداد "مغارة علي بابا الكردي" فبغداد تعد لهم منجما للذهب يحصلون من خلالها على اموال وثروات الوسط والجنوب بصورة خيالية ومجانية دون عناء ما سيؤدي الى خسائر استراتيجية عظيمة ستنعكس على الداخل الكردي المُربَك اصلا لاسيما مع استعداد حكومة بغداد لتنفيذ كل الطلبات الكردية بتخطيط اميركي صهيوني يدخل في سياق وصول العراق الى حالة الانهيار الاقتصادي الشامل فضلا عن الانهيار السياسي والعسكري.

    4/ عدم وصول مشروع الانهيار الشامل للعراق الى مرحلته النهائية فالحكومة لم تنجح في تحقيق كل  الاهداف الاميركية المرسومة والازمة المالية لم تصل بنا الى الهاوية لغاية الان وداعش لم يحقق كل الاهداف وقانون الحرس الوطني لم يقر والفصائل السنية البعثية والطائفية لم تتفق على مشروع واضح ولا تمتلك القدرة على استلام الارض بعد داعش.

    المعلومات المؤكدة تقول انه تم ايصال رسائل شديدة اللهجة لساسة الكرد في بغداد واربيل والسليمانية وبسقف زمني لساعات ووضعهم امام خيارين اما
    الانسحاب وترك مهمة حفظ الامن للقوات الحكومية واما تحمل تبعات المواجهة المباشرة مع قوى المقاومة "كتائب حزب الله وعصائب اهل الحق" اكثر القوى المتبنية للقضية بوضوح وجدية، فيما طرحت بعض الاطراف الشيعية السياسية خيار "القيادة المشتركة" للمدينة بين التركمان والكرد وبدأت تتحدث عن "التعويضات"! في ظل تحديات استراتيجية متصاعدة!!.

    هذا يعني ان احداث طوزخورماتو:

    1/ كشفت عن حقيقة موازين القوى في الساحة العراقية بجلاء ووضوح وعن تحول كبير سيترك تأثيرات و ينتج  تفاعلات تعيد رسم الخارطة السياسية والعسكرية العراقية وحجم وثقل قواها الفاعلة.

     2/ اعلنت رسميا ودون اي مواربة عن وجود يد شيعية ضاربة لا تجامل ولا تتردد ولا تتنازل عن حقوق الناس شيعة اكانوا ام غيرهم ولاتخضع لاي ارادة خارجية ولا تحركها الا غيرتها وحرصها على مصالح الناس.

    3/ اعلنت نهاية عصر الانبطاح والخضوع للارادة الاميركية ولادواتها المحلية تحت الابتزاز الاميركي والضغوط الخارجية.

     4/ اعلنت نهاية مرحلة التنازل عن الحقوق والوقوف على "الجبل" الحياد الزائف امام نزيف الدماء وانتهاك الحرمات.

    3/ افرزت ما بين فريقين مجامل يبحث عن مصالحه السياسية ومجاهد يبحث عن اداء تكاليفه الشرعية والوطنية.

    4/ اعلنت بوضوح تام عن قدرة بعض القوى الشيعية على توظيف امكاناتها وقدراتها العسكرية الى فعل سياسي ضاغط على الخصوم سيفرض واقعا وارادة جديدة على الارض ستمثل تحولا نوعيا وانعطافة كبيرة في مسار تفاعلات الاحداث والمواجهات بين القوى العراقية المختلفة.

    5/ اعلنت عن بزوغ امل كبير ببداية عهد جديد يعمل على اعادة الحقوق والتأسيس لمرحلة جديدة تحفظ وحدة العراق وتوقف نزيف دماء ابناءه وتقطع ايادي المعتدين والمتجاوزين والسارقين لثرواته وامواله.

    انه زمن المقاومة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media