معنى إزدراء الأديان إسلاميّاً!
    الأحد 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 06:12
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
     إزدراء تعني : إحتقار !
    الأديان تعني : الإسلام السُنّي تحديداً !
    هذا ليس فَهمي أنا ,إنّما هو تفسير الإسلام السياسي لقانون إزدراء الأديان!
    لأنّه ببساطة شديدة ,لو كان ذلك القانون يعني لدى (الأزهر الشريف مثلاً) الدفاع عن جميع الاديان ضدّ الإزدراء ,معناها سيضطر الشيخ الإسلامي الشريف الى الدفاع عن اليهوديّة والمسيحيّة والهندوسيّة والبوذيّة .ناهيك بالطبع عن أديان إنبثقت أصلاً من الإسلام ذاته ,كالبهائية والدرزية والقاديانيّة (الأحمديّة) والشيعيّة وفروعها العديدة (جعفريّة ,إثناعشرية ,إسماعيليّة ,زيديّة ,أباظيّة ,عَلويّة) بينما جميعنا يعلم أنّ هذا لايحدث البتّه!
    وبهذا الصدّد نسمع عجائب القول بأنّ الإرهاب لا دينَ لهُ .وأنّ الإسلام دين الرحمة والمحبة والسلام وأنّ (مليار ونصف)إنسان حول العالم يدينون به.
    لكن في نفس الوقت ترفض غالبية المسلمين فرز وفضح وإشهار الفئة المتطرفة المجرمة,التي هي الوهابيّة السلفيّة الداعشيّة!
    فترى المشايخ وتابعيهم يتحدّثون عن تجديد الخطاب الديني ,ويجتهدون في الدفاع عن جميع تفاصيل وتعاليم الإسلام .بينما جزء فعّال منه (الوهابيّه) يملكون مالاً نفطيّاً وفيراً يكفي لإفساد العالَم كلّه ,وربّما حتى شراء ذمم بعض الساسة الغربيين (جورج كالوي مثلاً) ليبررون إرهابهم!
    ولو سألتهم عن هذا التناقض وتلك المفارقات ,لقالوا بأنّها مؤامرة كونيّة على الإسلام لتشويه صورته الناصعة!
    أفلا يعتبر ذلك هروباً من الواقع ,أوغباءً شديداً في أحسن الاوصاف؟
    ما العيب لو قلنا أنّ تلك الفئة الإسلاميّة مجرمة ,وأننا لأجل إستمرارنا وتعايشنا مع باقي العالَم سنفعل أيّ شيء ,بما فيها تجميد النصوص التي يستندون إليها في إجرامهم؟ كيف يكون الكلام المكتوب مُقدّس أكثر من البشر نفسه؟
    ثمّ أنّ الإرهابيين يقتلون حتى المُسلمين المُخالفين لهم في الطائفة ,فأين حديثهم عن دم المُسلم (وحرمته عند الله أعظم من هدم الكعبة)؟
    ***
    الضحك ليس إزدراءً !
    [الجنس البشري يملك سلاح فعّال وحيد هو الضحك] مارك توين!
    مقولة مَن يكره أن يضحك الناس على عقائده ,ينبغي أن لاتكون له عقائد مُضحكة (أو قاتلة في حالة الوهابيّة) تنطبق على غالبية المسلمين!
    كما أشرتُ في مقدمتي فإنّ كلمة أزدراء تعني في (معجم المعاني الجامع) إحتقار .بينما التهكّم (في نفس المعجم) تعني الإستهزاء أو السخرية!
    وعموماً نجد الإنسان العادي الواثق من نفسه يتّهكّم حتى على نفسه أحياناً أمام الملأ ,فليس من المعقول أن يكون يحتقر نفسه علناً!
    وللأنصاف أقول أنّ (إزدراء الأديان) كان فيما مضى من قرون ,قانوناً شائعاً في كثير من بلاد العالم (المسيحي) التي أصبحت تسمى اليوم بالعالم المُتحضّر ,مثل إنكلترا وأمريكا وكندا وإستراليا وإيرلندا وويلز ..الخ
    بينما فرنسا كانت الدولة الأولى التي رفعت لواء العلمانية بعد ثورتها التأريخيّة الشهيرة  1789 تحت شعار :حرية ,عدالة ,مساواة !
    لكن واقع اليوم يقول أنّ المسيحيين (ودينهم هو الأوّل عالميّاً بالعدد) في تلك البلاد بما فيهم رجال الكنيسة أنفسهم ,لم يعودوا يهتّموا لفكرة إزدراء (المسيحيّة) أصلاً .بدليل الأفلام وبرامج (الشو) الساخرة التي نشاهدها يوميّاً على شاشاتهم وصحفهم تطال كلّ شيء من أقدس شخصية دينيّة ,الى أكبر سياسي يقود بلادهم!
    لكنّنا من جهة ثانية نعلم (ونلمس ذلك يوميّاً) أنّ التهكّم أو الضحك أو الإستهزاء من عقائد معيّنة (الوهابيّة في حالتنا) يزداد بإضطراد مع إزديادِ التعصّب الأعمى والتطرّف والتزمّت والقتل الشديد (الى حدّ قتل النفس وتفجيرها وسط الناس) ,الذي تمارسه تلك الجماعات الإرهابيّة!
    وحوادث صحيفة (شارلي إيبدو) في فرنسا بداية هذا العام ليست بعيدة!
    يعني همّه اللي جابوها لأنفسهم .أفلا يحّق للناس المُتضررين أن يدافعوا عن أنفسهم ولو بنكته أو ضحكة أو تعليق ساخر؟هل يكون الحلّ بقتلهم جميعاً ؟ ولماذا يعتبرون ذلك إزدراءً للأديان ؟لماذا لايعلنون أنّ المتطرفين خارجين عن ملّة الإسلام ,ليحاربوهم وينظّفوا أنفسهم والدنيا منهم ؟
    علينا الإعتراف بأنّ طبيعة الإرهابين الوهابين تميل الى القتل والترويع .
    بدليل أنّنا طيلة الوقت نهزيء ونسخر من ممارسات طوائف أخرى في الإسلام (الشيعة مثلاً) وبعض ممارساتهم الغبيّة باللطم والتطبير بطريقة مازوخيّة بائسة .لكنّ الإخوة الشيعة لايردّون علينا بالتهديد والقتل!
    نعم سيبقى التهكّم والضحك سلاح مهم يستخدمه الشخص المُسالِم للدفاع عن نفسه وأفكاره والناس والحضارة التي يهتم لها .فلا تستكثروا علينا هذا السلاح أمام قنابل الموت الإسلاميّة الوهابيّة المجنونة!
    ***
    مفارقات لايحتملها العقل!
    رغم أنّ الفقرة الثانية من (الإعلان العالَمي لحقوق الإنسان) تشير لتساوي كلّ الاديان .لكن عملياً نسمع مشايخ الإسلام يزدرون الآخرين علناً ,بينما هم يطالبون بقتل أو محاكمة من يسخر منهم.أليست تلك مفارقة عجيبة؟
    حتى بعد هجمات باريس الإرهابيّة الأخيرة في 13 نوفمبر 2015  لم يتوقفوا عن وصف الآخرين بالقردة والخنازير!
    أفلا يفطنون أنّهم بتلك الكلمات القاسية والأوصاف السافلة ,لا يزدرون الأديان فحسب ,إنّما معها يهيّئون عقول وقلوب النشيء الإسلامي الجديد للكراهيّة ؟
    اليوم سمعتُ شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيّب يصف بالإرهاب بعض ردود أفعال الفرنسيين بغلق المساجد المشبوهة. فأيّ مفارقة أكبر من هذهِ نخدع أنفسنا بها ؟
    وكيف يتحدثون بعدها عن إزدراء الأديان؟ مَنْ يزدري مَنْ لو يعقلون؟
    في الواقع قبل مدّة قصيرة سمعتُ عن حراك بهذا الخصوص في مصر العزيزة (أنا أخصّها بالذكر كونها الرائدة في المنطقة عموماً) ,لإلغاء المادة 98  التي هي (مادة إزدراء الاديان) من قانون العقوبات المصري!
    وأنا نفسي كنتُ قد كتبتُ مقالاً عام 2010 بهذا المعنى عنوانه :
    (رسالة مفتوحة من مواطن عراقي الى بان كي مون) ساضع رابطه لمن يشاء الإطلاع .طالبتُ بنقاط محدّدة قانون صريح يحمينا كبشر من إرهاب المتطرفين دينيّاً .وقد وقّع يومها عشرات الكتّاب والقرّاء على الورقة وقام أحد الزملاء بترجمة المقال الى الإنكليزية وإرساله الى الأمين العام للأمم المتحدة !
    ***
    كلام مفيد !
    إمّا أنْ يتحلّى مشايخ الإسلام بالشرف والشجاعة الكافيّة ليعلنوا خطأهم في هذا المجال ويتوقفوا عن خطاب الكراهيّة الى الأبد ,وهذا مستحيل تقريباً!
    أو يُفتح المجال لنقد جميع الأديان على حدٍّ سواء بإعتبارها متساوية أمام القانون الدولي .وإعتبار التهكم والسخرية تصرف وحقّ طبيعي لكلّ شخص يناله أذى الأديان مهما كانت تسميتها /فضائية ,فلسفية ,وضعيّة!
    بينما الفيلسوف المُختَلَف عليه فريدريك نيتشه إختار الحلّ كما يلي :
    [لا اُريد أنْ أكونَ قديساً ,بل اُفضّل أنْ أكونَ مُهرِّجاً ,ولعلّني بالفعل إضحوكة] !

    رابط المقال المقصود عام 2010
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=234055

    تحياتي لكم
    رعد الحافظ
    22 نوفمبر 2015
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media