كردستان دولة تحكم نفسها وتشارك بحكم جارها العراق
    الأحد 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 12:51
    أياد السماوي
    لا يختلف عاقلان أنّ كردستان دولة مستقلة تحكم نفسها بنفسها من دون أي وجود سياسي أو أمني أو عسكري للدولة العراقية في مؤسساتها , وليس للقانون العراقي أي سلطة على أراضي هذه الدولة الجارة , وهذه الحقيقة يعرفها الصغير قبل الكبير والبعيد قبل القريب , والمواطن العراقي لا يستطيع الدخول إلى أراضي الدولة الجارة إلا بموافقة السلطات الرسمية فيها , بينما المواطن الكردي يصول ويجول في مدن العراق من شماله إلى جنوبه من دون أن يقول له أحد على عينك حاجب , وما صرّح به النائب السابق عزّة الشابندر في أنّ ( كردستان دولة جارة وإن أطلقنا على هذه الدولة صفة إقليم كردستان العراق , ليس لأنّها فعلا جزء لا يتجزأ من العراق , بل لأنّ بدون ذلك لا يمكن أن يبررّ الساسة في العراقيون ومن كتب الدستور منهم بشكل خاص , التبرع بنسبة 17% من قوت الغلابة والمساكين لهذا الجار العزيز ) , قد سبقه العشرات من الكتّاب والسياسيين الإعلاميين العراقيين , وربّما أكثر تفصيلا , ومنهم كاتب هذا المقال وفي عشرات المقالات السابقة , لكنّ أهمية هذا التصريح إنه جاء في وقت تتصاعد فيه موجة الغضب الشعبي لجرائم القتل والتطهير العنصري وتدمير وحرق الممتلكات الخاصة من قبل عصابات هذه الدولة الجارة ( البيشمركة ) ضد المواطنين في المدن الخاضعة لإدارة الدولة العراقية من أجل ضم هذه المدن بالقوّة إلى دولتهم .

    والخطير ليس فقط بما تنهبه الجارة كردستان من قوت الغلابة والمساكين من فقراء العراق , بل في هذه العلاقة الشاذة التي تربط الدولة الكردية بالدولة العراقية , ففي الوقت الذي تشارك فيه الدولة الجارة في كل مؤسسات الدولة العراقية التشريعية والتنفيذية والقضائية وكل وزارات الدولة ومؤسساتها , لا يوجد أي وجود أو أثر للدولة العراقية في مؤسسات الجارة كردستان , ناهيك عن أنّ القانون العراقي لا يسري أبدا وغير نافذ على أراضي الجارة كردستان , كما أنّ الجارة كردستان غير معنية بالسياسة الخارجية العراقية , فالجارة لها سياساتها وعلاقاتها الخاصة بها والمنفصلة تماما عن سياسات جارها العراق , بل ولا تراعي أي اعتبار لثوابت السياسة الخارجية العراقية , كعلاقتها بإسرائيل على سبيل المثال , فالساسة الأكراد وحتى من يمّثل منهم الدولة العراقية في أعلى مستوياتها , هم الوحيدين الذين صافحت أياديهم أيادي القادة الإسرائيليون , من دون اكتراث لما لهذه المصافحات من تاثير نفسي على مزاج الشعب العراقي , وليس هذا فقط بل أن الجارة كردستان ومن خلال هذه العلاقة بإسرائيل قد عملت بكل ما في وسعها من أجل إعاقة تسليح الجيش العراقي بالسلاح الحديث , بحجة عدم الحاجة إليه والخوف من استخدامه ضد الأكراد .

    وهذه العلاقة الشاذة والعجيبة والتي ليس لها مثيل في كل أنظمة العالم الفيدرالية , تعكس طبيعة نظامنا السياسي الشاذ والغريب , فهي علاقة لا يعرف لها رأس من رجل , فمن جهة هو إقليم مستقل سياسيا واقتصاديا وإداريا وأمنيا وعسكريا , وفي الوقت نفسه يشارك بحكم جاره العراق في المناصب السيادية وغير السيادية , ويأخذ نسبة 17% من موازنته العامة , إضافة لآلاف المسؤولين والموظفين في مؤسسات الدولة الاتحادية , والتي تضاهي نفقاتهم نسبة ال 17% أو أكثر من ذلك , ولو سألت أي عبقري من عباقرة قادة الحكم في العراق وطلبت منه أن يوصف هذه العلاقة بين الإقليم والمركز , لبقى حائرا من دون إجابة , ولو سألتهم لماذا أنتم متمّسكون بهذه العلاقة الشاذة أيها العباقرة ؟ وما هي نتيجتها وإلى متى ستستمر ؟ وهل سيبقى قوت الغلابة والمساكين من أبناء الشعب العراقي نهبا للجارة العزيزة كردستان ؟ فلن تسمع غير صدى سؤالك .

    أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media