الغربُ والارهابُ: اختبارُ الجديَّةِ بتسميةِ الجذور -1-
    الأثنين 23 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 04:11
    نزار حيدر
     في حوارٍ مباشرٍ عبرَ خدمةِ سكايب لقناةِ (الثَّقَلين) الفضائيّةِ:

       السّؤال الاوّل؛ لماذا تمّ توقيت صدور قرار مجلس الأمن الدّولي الأخير بهذا الوقت على وجهِ التّحديد؟.

       الجواب؛ لقد ضرب الاٍرهاب هذه المرّة الغرب في عقرِ دارهِ، في العاصمة الفرنسيّة باريس، وبحجمٍ مهولٍ وطريقةٍ مرعبةٍ تُنذر بالكارثة، ولذلك جنَّ جنونهم واستنفروا كلَّ قواهم، عندما شعرَ المجتمع الدّولي بأن نار الارهاب بدأت تقترب منه شيئاً فشيئاً لتحرق ذيلهُ وقد تلتهمهُ.

       وفي الحقيقة فعندما نقرأ نصّ القرار الدولي بتمعّن فسوف لن نجد فيه شيئاً جديداً، وكأنّ المقصود به هو إعطاء زخمٍ معنويٍّ للراي العام الغربي على وجه التّحديد بعد ان أُصيب بصدمةٍ قويّة جرّاء عنصر المفاجأَة في العمل الإرهابي الاجرامي، فكلُّ ما ورد فيه عبارة عن جملٍ انشائيّة، وانَّ ما أشار اليها من حقائق هي ليست اكثر من تكرار لما كان يقولهُ ضحايا الاٍرهاب منذ اكثر من عشرة أعوام، فبينما كان الغرب والمجتمع الدّولي يصرُّ على تسمية جرائم الإرهابيين في العراق مثلاً بأنّها نتاجُ حربٍ طائفيّة، كان ضحاياهم يصرّون على تسميتها بالحرب على الاٍرهاب، ولطالما حاول ضحايا الاٍرهاب تصحيح المفاهيم فيما يخصُّ موضوع الاٍرهاب الا انّ الغرب ظلّ يتجاهل كل ذلك لحاجةٍ في نفسهِ يُريد قضاها.

       ليس في القرار ما يشير الى جديّة المجتمع الدولي في حربهِ على الاٍرهاب وفيما اذا كان بالفعل يُرِيدُ القضاء على الاٍرهاب وعلى المجموعات الإرهابية.

       كذلك فعندما يقرُّ القرار اليوم بحقيقة انَّ الاٍرهاب بدأ يشكل تهديداً حقيقياً ومباشراً للسّلام والأمن الدّوليَّين فليس في هذا المفهوم ايَّ جديدٍ، فلقد قال ضحايا الاٍرهاب هذا الكلام وكرّروه طوال العقد الماضي عندما ظل الاٍرهاب يضرب في العراق تحديداً بينما كان المجتمع الدولي يتفرّج على ما يحصل من إِراقة دماء غزيرة وتدمير منظّم لكلِّ عوامل الحياة، بسبب انّهُ ظلَّ يُصر على ان يتعامل مع الاٍرهاب على انّهُ صراع طائفي وحرب طائفية محصورة في منطقةٍ معيّنة ولا يمكن ان يتّسع وينتشر اكثر من ذلك ليضربَ في الغربِ مثلاً!.

       هذا من جانب، ومن جانب آخر فعندما لم يسمِّ القرار الدولي جذور الاٍرهاب ومنبعهِ، واقصد بهما (الوهابيّة) ونظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، فهذا مؤشّر سلبي بالنسبة الى ضحايا الاٍرهاب كون الغرب ليس جادّاً في حربه على الاٍرهاب، عندما نشعر بأَنَّ المجتمع الدولي وأهم مؤسّساته، مجلس الأمن، يتجاهل جذر المشكلة ويلفّ ويدور ولم يقرّر بعد الولوج في صلب الموضوع، ليضع النّقاط على الحروف ويسُمّي الأشياء بأسمائها والذي اوّل مؤشراتهِ تسمية الجذور والمنبع بالاسم من دونِ تردّد.

       كذلك، فعندما لا يسمّي القرار الدّولي المصدر الحقيقي لتمويل الاٍرهاب والجماعات الإرهابية، واقصد بذلك رؤوس الأموال القادمة من (المملكة العربية السعودية وقطر) تحديداً كأهمِّ مصدرين لتمويل الاٍرهاب، كما أشار الى ذلك قبل يومين تقرير وزارة الخزانة الأميركية، ولم يسمِّ الحاضنة الآمنة والممرِّ الآمن للارهابيّين، واقصد به تركيا التي احتضنت الاٍرهابيّين الذين تجمعهم من مختلف دول العالم بمن فيها دول الغرب، لتجنيدهم واحتضانهم في فنادقها ومعسكراتها لتدريبهم وتسليحهم وتمكينهم استخباراتياً ولوجستياً قبل ان ترسلهم الى سوريا والعراق وبقية الدول التي يمارس فيها الارهابيّون جرائمهُم البشعة وحربهم الشّنيعة ضد الأبرياء، عندما يتحاشا القرار الدّولي ذكر كلّ هذه الحقائق فانّ من الطبيعي ان تكون النتيجة تشكيك ضحايا الاٍرهاب بحقيقة نوايا الغرب والمجتمع الدولي في مزاعم حربهِ الجدّيةِ على الاٍرهاب، خاصَّةً وان ما ورد في القرار نسمعهُ منذ اكثر من عام على لسان اكثر من زعيمٍ غربيٍّ وخاصة الرئيس الأميركي باراك اوباما، وتحديداً منذ اعلان واشنطن عن تشكيلها وقيادتها التّحالف الدّولي لمحاربة الاٍرهاب والذي تشكّل بمشاركة اكثر من (٦٠) دولة، جلّها لم تُطلق رصاصة واحدة ضِدَّ الاٍرهاب، ولم تساعد بتقديمِ أدنى معلومةٍ، بل العكس هو الصّحيح، فانَّ اغلبها لازال يمثّل المصدر والمنبع الحقيقي للارهاب والدّاعم الرئيسي والاساسي للجماعات الإرهابية، منها على سبيل المثال لا الحصر نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية وكذلك في قطر بالاضافة الى تركيا.

       عندما لا يُلامس القرار الدولي كل هذه الحقائق ولا يتطرّق اليها ولا يأتي على ذكرها، فهذا يعني انّ المجتمع الدولي لازال يجامل حلفاءه (الاٍرهابيّين) في المنطقة، ويتلاعب بالألفاظ ولم يقترب بعدُ من الحلِّ الحقيقي والجذري في الحرب على الاٍرهاب، او بعبارةٍ ادقّ، لم يتخذ بعدُ القرار الصّحيح في القضاء على الارهاب والجماعات الإرهابيّة، اذ لازال الارهاب بالنّسبة لهُ اداةً فعّالة من أدوات السّياسة الدّولية خاصةً في المنطقة! وهو بذلك يتناغم من اجندات نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديداً والذي لازال يعتبر الاٍرهاب اداةً من أدوات سياساته الخارجيّة، ولعلَّ أوضح مصداقٍ على ذلك هو ما يمارسهُ من سياسات ارهابيَّةٍ عدوانيَّةٍ في سوريا تحديداً، عندما يربط قرار إيقاف دعمهِ للارهاب فيها بالتّغيير السياسي الذي يتمنّاه ويحلمُ به! وأَمام مرأى ومسمع المجتمع الدّولي كما سمعنا وزير خارجيته يدلي بتصريحاته بهذا الشَّأن في اجتماعات مؤتمر جنيف الاخيرة، من دون ان يُلقِمهُ احدٌ حجراً في فِيهِ او نسمعُ رداً واضحاً من الدول (العُظمى) الرّاعيةِ للمؤتمر!. 

       يتبع

          ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٥

                           للتواصل؛

    E-mail: nhaidar@hotmail. com

    Face Book: Nazar Haidar

    WhatsApp & Viber& Telegram: + 1

    (804) 837-3920
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media