الوطن بين السيادة والقوادة
    الأثنين 23 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 18:33
    عباس العزاوي
    دائما ماياتي موقف الحكومة حيال مايحدث في كردستان منسجم تماما مع مواقفها السابقة وهو ليس غريبا علينا، فهم يلتزمون الصمت اذا كان الامر يخص الاكراد وليتني افهم سبب هذا الخنوع المخجل ،فهل يشعرون فعلا بان الاكراد منحوهم مكرمة قيادة العراق؟ كما قالها خالد شوان قبل ايام ومن قبله بليغ ابو كلل ،ام ان أمريكا هي من تدير البلاد كما تشاء وترغب ؟ وما ساسة الكرد الا حلفاء مدللون او لنقل خدام مطيعون جداً في تنفيذ مآتخطط له بالشأن العراقي.
    البرزاني يخلق الازمات تلو الازمات وباصرار وعنجهية مقيتة!! ولايكترث كثيراً لقرارات بغداد !! فهل يحتاج الشيعة الحكماء حد اللعنة شماعات مصطنعة اضافية لتعليق الازمات الجديدة عليها، ام ان هناك تبريرات ومخارج فلسفية مفتعلة سيسوقها لنا ارسطو العراق الجديد في حذلقاته ؟!
    والانكى من ذلك ان الحكومة الاتحادية تعقد اتفاقات ذل ومهانة مع الحكومة المحلية لكردستان كما تتعاقد مع دول العالم!! فهل سمعتم باتفاقية نفطية مع البصرة مثلا او الناصرية او العمارة،اوهل ستُعقد مستقبلا مثل هكذا اتفاقيات ان اصبحت البصرة اقليماً ؟؟ اشك بذلك،لان حقوق الشيعة تنحصر وباختصار شديد على العطاء والتضحية والصبر على الاذى وتحمل حماقات وجرائم اخوة الوطن.

    الغريب ان مثقفينا لا يشيرون الى ذلك بصراحة فالحكمة الالهية تتنزل عليهم كالوحي فور حدوث خرق واضح من قبل مسعود وجماعته!!! وكأن الاكراد ملائكة منزلون من السماء لايأيهم الباطل من بين ايديهم ولا من خلفهم ويسعون جاهدين ـ اي المثقفون ـ  لمناقشة فكرة حرق العلم العراقي ورفع علم كردستان في سنجار والاعتداءات السافرة على مواطني طوز خرماتو وحرق ممتلكاتهم على انها فتنة لا يجب الانجرار ورائها ولا يكلفون انفسهم بالإشارة الى مصدر الفتنة الحقيقي او حتى المطالبة بردعه ، فقط تتحرك ضمائرهم الوطنية الصالحة عندما يأتي الرد الشعبي الغاضب والتلقائي من الشارع او في مواقع التواصل الاجتماعي ، ليمنحونا قسطاً وافراً من الحكم والمواعظ التنويرية القيمة، وضرورة الصبر والتحمل من اجل الوطن.

    وحتى لا اتعرض وغيري ممن ابدى سخطه وعبر عن مواقفه بصراحة ضد سياسة الكرد ، للشتم والتقريع وربما الاتهام بأثارة الفتن ،دعوني اتوجه بالسؤال لكل حمامات السلام وعصافير الوئام التي تكتظ بها سماء بغداد.
     ـ هل لكم ان تعطونا موقفاً واحداً لمسعود يدعو فيه الى وحدة العراق ؟
    ـ هل التزمت حكومة كردستان بالدستور العراقي بشأن المناطق المتنازع عليها ؟
    ـ هل اتخذت حكومة كردستان بشقها البرزاني اجراءاً واحداً احترمت فيه حكومة بغداد الاتحادية؟

    حدودنا ومطاراتنا مباحة ؛اجوائنا ومدننا مباحة ،نفطنا واموالنا ودمائنا مباحة، فماذا بقي من سيادة الوطن ومن قيمة المواطن؟! واين هي الثوابت المقدسة لهذا البلد؟ واين هي الخطوط الحمراء ؟ وقد تحول العراق الى اشارة مرور خضراء عظيمة لكل من هب ودب ،اسلحة تأتي وطائرات تحط وتقلع دون علم الحكومة واسلحة محرمة تُنقل امام اعين الجميع،ومناطق تُحتل واخرى تًقضم دون اي اجراء صارم يحفظ لهذا البلد سيادته وكرامته، الا يشابه هذا نوعا ما بيوت الدعارة وانسيابية حركة زبائنها، وللحكومة دور القواد في هذا المشهد والفرق البسيط بينهما ان الاخير يحتفظ بكيس النقود بيده عند الباب.

    فتباً لنا على هذا الانحناء والرضوخ المذل وتبا لامة ترفع شعار" هيهات منّا الذلة " وهي ترزح تحت نير العبودية منذ زمن بعيد، وتبا لساسة لايفرقون بين الموقف السياسي الموضوعي والعداء ولا بين الحكمة والخنوع ولابين العفو والتخاذل.


    عباس العزاوي
    المنتدى الاعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media