الغربُ والارهابُ: أَعْوَرٌ وَمُنافِقٌ! الجزءُ الثّاني
    الأربعاء 25 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 04:04
    نزار حيدر
     في حوارٍ مباشرٍ عبرَ خدمةِ سكايب لقناةِ (الثَّقَلين) الفضائيّةِ:                  

       السّؤال الثّاني؛ اذا كان الاٍرهاب يهدّد الغرب بهذا الشّكل، فلماذا لم يتحرّك المجتمع الدولي ضدّهُ عندما ظلّ يضرب في العراق وسوريا وفي عددٍ من دول المنطقة، كان آخرها الضّاحية الجنوبية في بيروت؟.

       الجواب؛ هذا يُثبِتُ عدّة حقائق؛

       الحقيقةُ الاولى؛ انّ الاٍرهاب اداةٌ فعالةٌ من أدوات السّياسة الدّولية ولعبة الامم، فهم يحاولون الامساك به ليبقى تحت السّيطرة! ولذلك فعلى الرّغم من يقين الغرب بانّ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية هو المنبع وهو المصدر وهو الحاضنة وهو المُنتج الحقيقي والاساسي والرئيسي لكل هذا الاٍرهاب، الا انّهُ لازال يضخّ له كل انواع الأسلحة الفتّاكة ليقدّمها بدوره للارهابيين في العراق وسوريا ولبنان مثلاً او ليستخدمها هو بنفسهِ بشكلٍ مباشر لتدمير دولة كاملة، أرضاً وشعباً وبنى تحتية وكلّ شيء، كما يحصل منذ ٧ أشهر في اليمن عندما استخدم نظام القبيلة كل أسلحة الغرب والولايات المتحدة تحديداً لقتل النّاس وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيّة وجرائم إبادة جماعية، كما انّهُ دمّر كل أسباب الحياة من الاسواق والمزارع والمصانع والمدارس والمستشفيات وكلّ شيء، طبعاً يحدث كلّ هذا أَمام مرآى ومسمع الغرب الذي يعرف جيداً ولكنّه يسكت ويلوذُ بصمت أهل القبور، لان الاٍرهاب في هذه الحالة اداة سياسيّة بامتياز! طبعاً باستثناء ما يصرّح به بعض السّاسة الغربيين او ما يصدر عنهم بين الفينة والأخرى من تقارير تدينُ على استحياءٍ الانتهاكات التي تتعرّض لها حقوق الانسان، كما سمعنا الأسبوع الماضي وزير خارجية بريطانيا الذي دعا الى التّحقيق في ارتكاب نظام القبيلة جرائم حرب في اليمن، والذي نتمنّى ان يكونَ تصريحهُ هذا صحوةُ ضميرٍ ميّتٍ يَتَرَتَّبُ عليه أثرٌ ما!.

       ذات الامر يشهدهُ البحرين الذي يتعرّض شعبهُ لكلّ أشكال التّدمير الاجتماعي والتغيير الديموغرافي والقمع الامني والمدني والحضاري على يد قوّات نظام القبيلة وبأسلحة الغرب تحديداً!.

       الحقيقة الثّانية؛ دليلُ نفاق الغرب وازدواجيّتهِ، فبينما هو يبشّرنا بالتحالف الدولي الذي يقول انّهُ سيقضي على الاٍرهاب في العراق وسوريا تحديداً، نراهُ يتفرّج على جرائم الجماعات الإرهابيّة التي تُرتكب يومياً، وبدعمٍ وتأييدٍ من نظام القبيلة الفاسد الذي لا زال يصوّر إعلامهُ الطّائفي بانّ ما يجري في العراق وسوريا مجرّد حربٍ طائفيةٍ، فيغضّ الطّرف عن كلّ الجرائم البشعة التي يرتكبها الارهابيّون في الموصل مثلاً او الرّمادي او الرّقة او في حِمص، ويهوّل (سرقةُ عنصرٍ من الحشدِ الشّعبي) لثلّاجةٍ من بيت احدِ المواطنين في تكريت إبّان تحريرها!.

       الحقيقة الثّالثة؛ انّها دليلُ غباء الغرب الذي لازالت تتحكّم فيه العنصريّة والتّمييز، عندما ظنّ ان الاٍرهاب سيظل محصوراً في منطقتِنا، العراق مثلاً او سوريا او غيرها من دول المنطقة، ولم يتخيّل ابداً انّهُ سيتمدّد يوماً ما ليضرب في العمق، باريس، وسيضرب في كلّ عواصم الغرب الاخرى اذا لم يكتف المجتمع الدّولي باعتبار هجمات باريس الإرهابيّة ناقوس خطرٍ يكفي لتنبيه المجتمع الدولي والغرب تحديداً ليبدأ يفكّر بطريقةٍ جديدةٍ فيتعامل بأساليب اكثر حسماً مع الاٍرهاب وجذورهُ ومنابعهُ وحواضنهُ، فيسمي أولاً (الوهابيّة) كجذرٍ عقدي وفكري وثقافي للارهاب الذي يغسل ادمغة النشء الجديد ويربّيهم ويعلّمهم الكراهية واحتكار الحقيقة والغاء الاخر والتكفير! ثم يبادر فوراً بتسمية نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديداً وقطر كأول وأهم منبع ومصدر والحاضنة الاستراتيجية لهذا الفكر الإرهابي التكفيري، وتركيا المنفّذ والراعي والوكيل الأساس لسياسات نظام القبيلة على هذا الصّعيد.

       لا ادري ان كنّا سنتمنّى ان يضرب الاٍرهاب بقيّة عواصم الغرب الواحدة تلو الاخرى ليتحمّس في حربهِ على الاٍرهاب فنشعر بجديّته في هذه الحرب؟ ام انّهُ سيكتفي بهجمات باريس كناقوس خطرٍ ليشمّر عن ساعدَيه في هذه الحرب، فيبدأ يحوّل اقواله الى افعالٍ ملموسةٍ بعيداً عن اللغة الاستعراضية التي لازال يتسلّح بها الغربيون عندما يتحدثون عن الاٍرهاب وحربهم (العالمية) وأحلافهم العريضة وأنواع الأسلحة التي يستعرضونها في الاعلام وغيره واستعداداتهم غير المسبوقة للقضاء عليه؟!.

       كنّا نرغب ان يكتفي الرّاي العام الغربي تحديداً بصور ضحايا الاٍرهاب في بُلداننا، او على الأقل بصور ضحاياهم في بلادنا ممّن حز الارهابيّون رقابهم أَمام عدسات الكاميرات، ليمارس الضّغط اللازم لاجبار حكوماته (الديمقراطية) على تسمية جذور الاٍرهاب (الوهابيّة) ومنابعهِ (نظام القبيلة) لتبادر فوراً الى إيقاف كلّ انواع التعامل مع الرياض، وتحديداً التّسليحي، ولكنّنا للاسف لم نلمس شيئاً من هذا القبيل، فربّما يحتاج الرّاي العام الغربي الى من يذكّره بالارهاب وهو يلتهم قليلاً من ذيله بين الفينة والأخرى!.

       هذه المرّة كذلك، نتمنّى ان يكتفي الغرب بهجمات باريس كناقوسِ خطرٍ يحرّضه على إِبداء جدّية اكبر وحماس اكثر في الحرب على الاٍرهاب، فلم يعد تكفي الشّعارات فيها، ولم تكف الاقوال والرّحلات المكوكيّة لإنجاز شَيْءٍ منها، اذ لابدَّ من ابداء جدّية اكبر والتي تلوح في الأفق مصداقيتها بتسمية الجذور (الوهابيّة) والمنبع (نظام القبيلة الفاسد) والا فانّ المستقبل القريب يُنذر بخطرٍ أكبر بكثير.

       ولا اكشفُ سرّاً هنا اذا قلتُ بانّ الغرب أعورٌ في نظرتهِ للارهاب، ولذلك هو يجنّ جنونهُ اذا ضربهُ في باريس مثلا ولكنّه يوظّفه في سوريا مثلاً ليساعد نظام القبيلة الفاسد في فرض أجنداتهِ السّياسية! وكأنّ الاٍرهاب على نوعين ارهابٌ مذمومٌ وآخر محمودٌ، او كما وصفتهُ احدى كبريات الصّحف الأميركية قبل يومين عندما قالت ساخرة، انّ الاٍرهاب على نوعين الاول أسودٌ والثّاني ابيضٌ! في إشارة الى الجماعات الارهابية ونظام القبيلة الفاسد!.

       سيدفعُ الغربُ ثمنَ ازدواجيّتهِ اذا لم تكف ضربات باريس كآخرِ ناقوس خطرٍ وجرس إنذارٍ للبدء بحربٍ حقيقيّة على الاٍرهاب الذي يشكّل بالفعل تهديداً جدياً ومباشراً للامن والسّلم الدوليين، بجذوره (الوهابيّة) ومنبعهِ (نِظامُ الْقَبيلَةِ الفاسد).

       يتبع

       ٢٤ تشرين الثاني ٢٠١٥

                           للتواصل؛

    E-mail: nhaidar@hotmail. com

    Face Book: Nazar Haidar

    WhatsApp & Viber& Telegram: + 1

    (804) 837-3920
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media