الغربُ والارهابُ: بَيْنَ إِسْتِراتيجِيَّتَيْنِ .. الجزءُ الثّالِث وَالأَخير
    الخميس 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 05:07
    نزار حيدر
      في حوارٍ مباشرٍ عبرَ خدمةِ سكايب لقناةِ (الثَّقَلين) الفضائيّةِ:

    السّؤال الثالث؛ وكيف برأيكَ سيتمُّ التّعامل مع الدّول الدّاعمة والمموّلة للارهاب في المنطقة بعد هذا القرار الدّولي الأخير؟.

       الجواب؛ لا أَحد يجهل حقيقة انّ أموال البترودولار المتدفّقة من أُمراء الخليج وخاصّة من (المملكة العربية السعودية وقطر) هي مصدر التّمويل

     الأساس للجماعات الارهابيّة التي ضربت مؤخراً في باريس فضلاً عن نشاطِها الاجرامي في العراق وسوريا وغيرها من بلدان المنطقة.

       كذلك، لا أَحد يجهل حقيقة انّ تركيا الان هي الممر الآمن والحاضنة الآمنة لمختلف الجماعات الارهابية التي تنشط في المنطقة والعالم.

       ولو كان المجتمع الدولي جاداً في قرارهِ الأخير الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الاٍرهاب، لطلب شيئين أساسيّين ومُحَدَّدَين، بعيداً عن لغة الإنشاء والاستهلاك الاعلامي لذرّ الرّماد في عيون الرّاي العام العالمي والغربي تحديداً ولتهدِئة مخاوفهِ؛

       الشّيء الاوّل؛ هو الطّلب من نُظم القبائل في دول الخليج، وتحديداً (المملكة وقطر) تقديم كشوفات مفصّلة عن حركة الأموال الضّخمة التي لازالت تتنقّل ببن البلدان لتصل الى الاٍرهابيّين، فلم يعُد خافياً على أحد مدى انتشار وسعة شبكات التّمويل المالي المنتشرة في دول الخليج والتي يُديرها أمراء من الأسر الحاكمة على وجه التّحديد، الى جانب عناصر متنفّذة مرتبطة بهم بشكل او بآخر، كما تمّ الإعلان عنه مؤخراً في دولة الكويت، مثلاً، عندما أعلنت السّلطات المعنيّة هناك عن إلقاء القبض على عناصر وتفكيك أَكبر خليّة من هذا النّوع موّلت الاٍرهاب حتى الان أموالاً طائلة جداً.

       الشّيء الثّاني؛ هو الطّلب من تركيا تقديم كشوفات مفصّلة عن خرائط تواجد وحركة الاٍرهابيّين (أسماءهم، مراتبهم، خلاياهم، تشكيلاتهم، مراكز تواجدهم وتجمّعاتهم) وأيّ شَيْءٍ آخر يخصّهم ويتعلّق بهم على اعتبار انّ تركيا هي المشرفة المباشرة على تجنيد وتنظيم وتدريب وتوزيع الاٍرهابيّين الذين يتم تجميعهم من مختلف دول العالم بما فيها أوربا قبل توزيعهم والانخراط في صفوف الجماعات الارهابيّة في العراق وسوريا وغيرها من دول المنطقة تحديداً.

       شيءٌ ثالث كان يلزم على مجلس الأمن الدّولي ان يأتي على ذكرهِ الا وهو لجم فقهاء التّكفير الذين يُصدرون فتاوى القتل والذبح والكراهيّة التي تغسل أدمغة المغرّر بهم للانخراط في صفوف الجماعات الارهابيّة.

       كما كان ينبغي ان يأتي البيان الدّولي على ذكر الاعلام العربي الطائفي الذي يحرّض على الارهاب من خلال صناعة النّموذج والبطل من الذبّاح الملثّم والقاتل الذي يحرق جِثث الضّحايا!.

       انّ ذكر هذه الحقائق وغيرها في قرار دولي مهم بثقل قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، يطمئِن ضحايا الاٍرهاب على جديّة الغرب هذه المرة في الحرب على الارهاب، كما انّهُ يبعث برسالةٍ واضحةٍ وقويّة وحاسمة للدول والانظمة والافراد الذين يدعمون الارهاب بأَيّ شكلٍ من الأشكال.

       امّا بهذا النصّ الذي صدر به القرار الأخير فلا اعتقد انّهُ سيغيّر من طريقة التّعامل المعمول بها لحدّ الان مع الدّول الداعمة للارهاب في المنطقة، وهنا مربط الفرس، فلا زال الغرب يحوم حول الحقيقة ويخشى النطق بها لأيِّ سببٍ من الاسبابِ فانّهُ لا أَحد سيصدّقهُ ابداً في مزاعمهِ بشأن الحرب على الاٍرهاب، خاصة وان لنا مع (التّحالف الدولي) الذي شكّلتهُ واشنطن العام الماضي والذي تُساهم به اكثر من (٦٠) دولة حول العالم بما فيها عدد من دول المنطقة، خبرةً وتجربةً لا يُحسد عليها ابداً.

       السّؤال الرابع؛ وما هو برأيك جوهر الخلاف بين روسيا والدّول الغربيّة إِزاء فحوى هذا القرار؟.

       الجواب؛ انّ استراتيجية روسيا قائمة على أساس القضاء على الاٍرهاب أولاً قبل البحث في ايّ ملفٍّ سياسيٍّ، على العكس من الغرب الذي يرى في الاٍرهاب اداة أساسية لحلّ الملفّات السياسيّة الساخنة، وعلى رأسها طبعاً الملف السّوري.

       وَمِمَّا لا شكَّ فيه فانّ الغرب يدعم بإستراتيجيّتهِ هذه اجندات نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديداً وقطر، فهذا النّظام الذي لا يمتلك غير الاٍرهاب للمراهنة عليه لتحقيق أجنداتهِ واهدافهِ السّياسية في سوريا على وجه الخصوص، يراهن من جانب آخر على الاستراتيجيّة الغربيّة للاستمرار في مراهناتهِ على الاٍرهاب.

       انّ نظام القبيلة الذي ظلّ يراهن من قَبْلُ على الاٍرهاب، ولا يزال، لتدمير العمليّة السّياسية في العراق الجديد منذ سقوط نظام الطّاغية الذليل صدام حسين ولحدّ الان، يُراهن اليوم على الارهاب فقط لتغيير المعادلة السياسيّة في سوريا، لان هذا النظام لا يمتلك غير العنف والارهاب وعقليّة الغزو والتّدمير كسياسات استراتيجية للوصول الى أهدافهِ السياسية! منذ التّأسيس ولحدّ الان، معتمداً على المال الذي يشتري به المواقف لمختلف دول العالم وللاسف الشديد، ناسياً او متناسياً بانّ العالم قد تغير اليوم وان الظّروف قد تبدّلت فلم يعد المال اللاعب الوحيد او الابرز في لُعبة الامم كما كان في السابق، ولهذا السّبب نراه يفشل في كلّ مرّة يعتمد فيها على المال فقط لتغيير المعادلات السياسيّة، ففشل في العراق وفي لبنان وفي سوريا، وفشلَ كذلك في البحرين واليمن، وفي عددٍ غيرِ قليل من دول المنطقة التي شهدت تَغيُّرات في واقعها السّياسي ليتبيّن للجميع فيما بعد انّ لنظام القبيلة اليد الطّولى في دعم الجماعات الارهابيّة وعلى مختلف الاصعدة.

       انّ استراتيجيّة الغرب حالياً في حربهم ضد الجماعات الارهابية في سوريا هو إِضعافها وليس القضاء عليها في مسعىً منه لتحقيق توازن الرّعب بين هذه المجموعات والنظام، الى حين التوصل الى حلٍّ سياسيٍّ ما، امّا موسكو فاستراتيجيّتها في سوريا قائمة على أساس تدمير الجماعات الارهابية للبدء بالعملية السياسية المُنتظرة.

       انّهُ، في نِهاية المطاف، صِراعُ إِرادات بين الكبار وقودُ نارهِ الشّعوب، وللاسف الشَّدِيد.

       انتهى

       ٢٥ تشرين الثاني ٢٠١٥

                           للتواصل؛

    E-mail: nhaidar@hotmail. com

    Face Book: Nazar Haidar

    WhatsApp & Viber& Telegram: + 1

    (804) 837-3920
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media