ملاحظات حول نتائج مسح التجارة الداخلية في العراق 2013
    الجمعة 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 16:59
    فاروق يونس
    باحث إقتصادي وخبير سابق في وزارة التجارة وغرفة تجارة وصناعة بغداد
    بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على إجراء آخر مسح للتجارة الداخلية (القطاع الخاص)، الذي تم اجراءه عام 1988، قام الجهاز المركزي للإحصاء بإجراء مسح جديد للتجارة الداخلية عام 2013.  ويوفر هذا المسح بيانات أساسية عن نشاط التجارة الداخلية التي تعتبر من الانشطة المهمة ضمن مفردات الاقتصاد العراقي التي تشكل جزءً من الناتج المحلى الإجمالي إلى جانب مساهمتها في تشغيل القوى العاملة.

    شمل المسح الوحدات الاقتصادية الأساسية التي يرتكز نشاطها على تجارة الجملة وتجارة المفرد وتجارة بيع واصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية وذلك لعموم العراق بما فيه إقليم كردستان بهدف توفير الأرقام والاحصاءات الأكثر دقة عن أنشطة التجارة الداخلية في العراق.

    يقدم المسح معلومات مهمة عن منافذ أو قنوات او مسالك التوزيع، وهي مجموعة من المنشآت والأفراد الذين يقومون بأداء وظائف محددة وضرورية ومرتبطة بصورة وثيقة بعملية تدفق السلع والخدمات من المنتجين الى المستهلكين في السوق.  وكما هو معروف فإن القنوات التوزيعية تحقق منافع معينة تتمثل في المنفعة الزمنية -أي امتلاك المنتجات بالوقت الذي يرغبه المستهلك، والمنفعة المكانية -توفير السلعة بالموقع الذي يرغب المستهلك بالشراء منه، ومنفعة ملكية السلعة الى المستهلك فور شرائها لاستخدامها كيف يشاء.

    ومن المعلومات المهمة التي اظهرها المسح ما يلي:

    اولا-بلغ عدد المنشآت في التجارة الداخلية (621,698) منشأة وبنسبة 84.4.3% في الحضر و15.7% في الريف، الأمر الذي يشير إلى ضعف الخدمات التسوقية في الريف وذلك بسبب الهجرة المستمرة لسكان الريف الى المدن وبالأخص الى بغداد والموصل والبصرة علاوة على افتقار أرياف العراق الى الخدمات الاساسية من كهرباء وماء وطرق مواصلات حديثة ووسائط نقل انتاجية لنقل السلع من مراكز المحافظات الى محال بيع السلع بالمفرد في القرى والقصبات.

    ثانيا-جاءت محافظة بغداد في المقدمة في عدد المنشآت وبنسبة 22.7% تليها نينوى وبنسبة 9.3% ثم البصرة وبنسبة 6.8% وجاءت محافظة المثنى باْقل نسبة ومقدارها 1.8% من إجمالي عدد المنشآت.  وهذه النسب تتوافق مع عدد السكان حسب التقديرات المتاحة في عام 2013 حيث قُدر عدد سكان محافظة بغداد بأكثر من (7) ملايين نسمة ومحافظة نينوى بأكثر من 3,3 مليون نسمة والبصرة أكثر من 2,6 مليون نسمة والمثنى بحدود 736 ألف نسمة ويلاحظ بأن محافظة بغداد تمثل الحجم الاكبر للسوق الوطنية.

    ثالثا-بلغ عدد العاملين في التجارة الداخلية لعام 2013 (1,081,694) عامل معظمهم من الذكور وبنسبة 95% والاناث 1.2% والأحداث 3.8% من إجمالي عدد العاملين.  وهذه الأرقام تشير الى ضعف مشاركة المرأة العراقية في النشاط الاقتصادي ولكن هذه الأرقام، حسب رأى، لا تعبر عن واقع عمل المرأة وعمل الاحداث الذين يتركز نشاطهم في السوق غير المنظم.  فعلى سبيل المثال يعمل الأحداث والنساء في اعمال شاقة في معامل الطابوق البدائية واعمال اخرى حرفية لم يشملها المسح كما يبدو.

    رابعا-يشكّل نشاط تجارة المفرد نسبة 77.2% وتجارة بيع واصلاح المركبات والدراجات النارية نسبة 16.8% وتجارة الجملة نسبة 6% من إجمالي عدد المنشآت.  وبلغ عدد العاملين في نشاط تجارة المفرد ما نسبته 71.4% وتجارة بيع واصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية بنسبة 19.6% وتجارة الجملة 9% من إجمالي عدد العاملين.

    ان ارتفاع عدد منشآت تجارة المفرد امر طبيعي ذلك لان اهم ما يميز هذه التجارة هو تعاملها المباشر مع المستهلك.  ومن الجدير بالذكر ان تجارة المفرد اصبحت تضم السوبر ماركت في اسواق بغداد واربيل والبصرة لبيع تشكيلة من المواد الغذائية الى جانب بعض السلع المنزلية كالأواني والمواد الكهربائية.  وهذه المحال تعمل بطريقة خدمة النفس او اخدم نفسك.  على ان تزايد عدد منشآت تجارة المفرد، قياسا بتجارة الجملة في العراق، يتماشى مع الاتجاه الحديث في نمو تجارة المفرد.  كما ان من مميزات المحال (المحلات) الصغيرة او (الدكاكين) قيامها بتقديم الخدمات الخاصة بالمستهلك والتي لا تستطيع ان تؤديها المحلات الكبيرة وذلك نظراً لقرب المحلات الصغيرة من المناطق السكنية.

    خامسا-بلغ عدد العاملين الذين يعملون لحسابهم الخاص 770,619 عامل بنسبة 71.2% من إجمالي عدد العاملين، شكلت نسبة الذكور 95.2% والاناث نسبة 1.4% والاحداث نسبة 3.4% من مجموع عدد العاملين الذين يعملون لحسابهم الخاص او اصحاب العمل؛ بينما بلغ عدد الذين يعملون باجر 311,175 عامل بنسبة 28.8% من إجمالي عدد العاملين شكلت نسبة الذكور 94.8% والاناث 6.0% والاحداث 4.6% من مجموع عدد العاملين بأجر.

    الملفت للنظر هو وجود هذا العدد الكبير نسبياً من الاحداث الذين يعملون لحسابهم الخاص او الذين يعملون باجر.  والسؤال المحير هنا هو: كيف يحصل الحدث على اجازة لفتح محل تجارى، وكيف يحصل على اسم تجارى من احدى الغرف التجارية في العراق؟
    سادسا-بلغ إجمالي الاجور المدفوعة للعاملين باجر 1,282 مليار دينار بمعدل شهري 343 ألف دينار وبلغت حصة العاملين الذكور 1,281 مليار دينار بنسبة 96.8% وبمعدل اجر شهري 350 ألف دينار بينما حصة العاملين الاثاث 7 مليار دينار وبنسبة 60.% (أقل من 1%) وبمعدل اجر شهري 331 ألف دينار وحصة الاحداث 34 مليار دينار بنسبة 2.6% من إجمالي الاجور وبمعدل شهري 196 ألف دينار.  وهنا يظهر التمييز في الاجور بين الذكور والاناث لصالح الجنس الرجل ودون سبب منطقي يبرر التمييز.

    سابعا-شكّلت نسبة الاجور المدفوعة لنشاط تجارة المفرد 56.7% وتجارة بيع واصلاح المركبات والدراجات النارية 27% وتجارة الجملة 16.3% من إجمالي الاجور المدفوعة.

    ان انخفاض نسبة الاجور المدفوعة لنشاط تجارة الجملة يدلُّ على قلة الخدمات التي تقدمها تجارة الجملة عادة لكل من المنتج وتاجر المفرد لاسيما وان معظم السلع المعروضة في السوق هي سلع مستوردة معدة للاستهلاك النهائي؛ كما يلاحظ قيام تاجر المفرد بشراء السلع من تاجر الجملة ونقلها على حسابه الخاص ونادراً ما يقوم تاجر الجملة بإيصال السلع الى محل بائع المفرد.

    هذه ملاحظات سريعة حول المؤشرات التي أظهرتها نتائج مسح التجارة الداخلية لعام 2013 والتي استعرضتها الست صديقة باقر، مديرة احصاءات التجارة في الجهاز المركزي للإحصاء، ومن بينها قيمة الانتاج الإجمالي البالغ 16,790 مليار دينار.  كما بلغت القيمة المضافة الاجمالية بسعر المنتج 512,787 مليار دينار وبلغت قيمة فائض العمليات الإجمالي 710889 دينار.

    حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. شبكة الاقتصاديين العراقيين. 27/11/2015
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media