توضيحات
    الجمعة 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 17:04
    راغب الركابي
    أرتأى بعض الأصدقاء علينا أن  نبين لهم ولغيرهم ،  لماذا هذا  التبدل في موقفنا من الرئيس بشار الأسد ؟  ،   ولكي نكون موضوعيين وجادين  نقول :  إن هناك ما يدفعنا لتغيير موقفنا السابق منه ، أعني إننا كنا نطالب برحيل بشار الأسد  حينما كان التحرك سلمي ، والتظاهرات كانت دعوة للديمقراطية وللحرية وللسلام  ، ولكن تبدل الحال وحمل الناس السلاح وتقاتلوا وعبثوا ونزعوا السلام من أرض الشام  ،  تبدل موقفنا ذلك لأننا وجدنا فيه الحصن أو الجبهة الأمامية التي تحارب الإرهاب ، هكذا بدت لنا قواته وشعبه  ، وقد بدى الرجل واضحاً ومتماسكاً رغم كثرة من تنادوا عليه وأفسدوا عليه رأيه بالعصيان  ، والوضوح في الأفعال أبلغ عندي من كثرة الأقاويل والخطب ، ثم إن الرجل يحارب بشراً متوحشين عديمي الضمير وعديمي القيم وقد دلت أفعالهم على ذلك ، ولا أظن إن منصفاً واحداً أو ذي لُب ينكر هذا الشيء ، فنحن  حينما  نغير رؤيتنا يكون ذلك بحسب  معطيات موضوعية نرآها ونلمسها  ، نعم نحن لا نزعم إن الرجل  كبير الديمقراطيين وسيدهم  في العالم لكننا لا ننكر عليه  أبداً دوره المتميز في صلابته وحنكته وطول أناته في محاربة قوى الإرهاب والجريمة المنظمة  ،  كما لا ننكر عليه  مزيته  وفي كونه من النوع الذي يستجيب لمن يهديه الكلام الطيب فهو يقبل المشورة ويقبل النصح ، وتلك مزايا مهمة للزعيم والقائد .
     ثم إن تجربة العراق المريرة وهذا التفكك وكثرة الرياسات  ، جعلتنا نعيد النظر في كثير من الأمور التي كنا نشجعها أو نعلن موافقتنا عليها  ، وتجربة العراق أفقدته  توازنه وأنقصت من  قيمته المعنوية والشرائية  في أعين القريب والبعيد   ، هذه التجربة جعلتنا نتريث أكثر ونُمعن العقل أكثر خاصةً فيما يتعلق بمستقبل الدولة السورية ومكوناتها ، فلو سمحنا من باب المقاربة العراقية في الحالة السورية يعني ذلك إننا نسمح في تدمير ذلك البلد الخصب الجميل ، ولأن تجربة العراق مُرة ومريرة لذلك لا نريدها لغيرنا وخاصةً سوريا الحبيبة   .
    ثم إن العلمانية  في صيغتها القديمة أو المقترحة  هي النوع  الضروري واللازم لبقاء الدولة السورية ، والعلمانية  نهج مفهومي يعلمه من يقرأ تاريخ الدولة السورية إنه كان صمام أمان للتوازن والتعايش بين المكونات الإجتماعية السورية ،  وهذه الصيغة المفهومية  مع غياب الأسد  ستجعل الحياة غير ممكنة بين المكونات الإجتماعية ، وذلك  نظراً لعدم التكافؤ في القوة والإمكانات المادية  بين القوى الليبرالية الديمقراطية وهذه القوى الإرهابية المعبئة بالسلاح والمال .
     ثم لا يغربن عن البال ذلك  المضمون العاطفي الذي تتلحف به المنظمات الإرهابية  والتي من خلاله تخاطب الناس البسطاء وتستدرجهم ،  وإن نجحت هذه العوامل فإنها  ستفسد على السوريين حياتهم ومستقبلهم ، ولا نبالغ في هذا الأمر ودعوني اذكركم بما يلي : ان الجيش العراقي المُنحل قد  تحول بفعل عوامل نفسية ومادية ليكون عصابات داعشية وإرهابية فعلت كل قبيح  ،   فما بالك بعصابات إرهابية موجودة على الأرض كيف ستفعل ومن يردعها ؟ ! ، القضية أيها السادة ليست  موقفا من شخص بعينه بل هو موقف من بلد بأجمعه ومن حال  أمة كيف ستكون ؟ ،   فلو ذهبنا في حكمنا مع العواطف  وأنسقنا وراءها ستكون النتيجة كارثية بكل تأكيد ، ليس لأننا لا نريد للديمقراطية في سوريا ان تسود ،  بل لأننا نعلم إستحالة التعايش مع الديمقراطية في ظل الإحتراب .
     من هنا  أقول :   يجب ان يتغير من هم لا يزالون يتحدوثون عن الثورة الشعبية بمفهوم عاطفي وشعاراتي  ذلك لأن القضية  قد  خرجت عن السيطرة ، وتجارب الشعوب العربية في التغير فاشلة ،  ليس في العراق وحسب  بل هاهي تونس تلفظ مشروعها الديمقراطي عبر هذا الإرهاب اليومي وليبيا هي الأخرى في أسوء حالاتها واليمن السعيد أصبح مقبرة للجميع ، دعونا أيها الأشقاء : ننظر بعين الرعاية مبتعدين عن الأهداف الوقتية وعن التنافس السلبي بين الطوائف ولندع شأن السوريين لهم يقررونه بعدما يتخلصون من الإرهاب ، دعونا نؤمن بقدرتهم على فهم الواقع فدوام الحال من المحال ، ولعل الرئيس بوتين على حق في موقفه حتى لو قلنا بموقفه النابع من مصالح دولته ، لكن شعوب العالم أجمع أصبحت تنظر بنفس المقياس وقد حدثني من أثق به من زعماء العالم في : أن بشار الأسد على سوآته أفضل من هؤلاء القتله !! ، ولكم أن تتصورا كيف توصل العالم إلى هذه الحقيقة ؟ وستجدون الجواب مرفقاً مع تلك الأعمال الإرهابية التي تطال الأبرياء في كل العالم ، هذه الأعمال الوحشية هي العلامة الفارقة المسجلة بأسم هؤلاء القتله ، وهي التي تجعل العالم يحول نظرته ورؤيته من بشار الأسد ومن نظامه ، وهم محقون فالتميز بين الصواب والخطأ لا يجب ان يذهب مذاهب في التقوقع والتكلس وعدم الإعتراف   ، وبما إن الغرب ينحو أو يقصد الشفافية السياسية هكذا هو الشعار والإعلان المعروف عنه ،  حتى لو كان ذلك من وحي مصالحه فهو قد بلغ الهدف ولذلك يسعى لتكريسه ، طبعاً ليس بالضرورة ان يكون في حديث الإعلام والضوضاء  ، إنما  هو قرار متفق عليه بين الكبار ، ولا يجب أن نغمض أعيننا عن الحقيقة وشعبنا السوري تحرقه الحرب ولهيبها ومن يعبث بمصيره ، ودعونا نتذكر إن شعب سوريا شعب متميز وهو من أذكى الشعوب العربية ومنه ومن خلاله أنبثقت النهضة الفكرية والسياسية والإقتصادية ، وإسهامات شعب سوريا واضحه ومتعددة في مجال خدمة العرب والدفاع عن قضاياهم ، وتلك روادع يجب ان نأخذها في الحسبان من باب عرفان الجميل وعدم الإنجرار إلى الأبد في ترديد الشعارات الفارغة والكلام
    الطويل ، ولنكن جميعاً حذرين فبيوتنا كلها من زجاج ولا نفع من نرمي بعضنا بحجر ..

    راغب الركابي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media