اللعبة تغيرّت وموسكو تعيد رسم قواعدها
    الأحد 29 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 09:27
    أياد السماوي
    ما تناولته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية نقلا عن مسؤول رفيع المستوى في إدارة أوباما , أنّ واشنطن قد بعثت برسالة إلى أنقرة مفادها (اللعبة تغيرّت , لقد نفذ صبرنا , والحدود تحتاج إلى إغلاق لأنّ ذلك يمّثل تهديدا عالميا , وكله يأتي من الحدود السورية والأراضي التركية) , نعم اللعبة قد تغيرّت وهذه المرّة موسكو هي من سيرسم قواعدها الجديدة , فحادث إسقاط الطائرة الروسية المقاتلة سو 24 ومصرع أحد طياريها , هو هدية السماء لموسكو , فلولا إسقاط الطائرة الروسية لم يكن من الممكن نشر قواعد صواريخ أس 400 الأكثر تطورا في العالم في معالجة الأهداف الجوية , في سوريا , أو وصول الطراد موسكوفا الرهيب إلى شواطئ اللاذقية , فمثل هذا الأمر قبل سقوط الطائرة الروسية كان ضربا من المستحيل , والآن بفضل حماقة وغباء أردوغان , أصبح هذا الأمر واقعا فعليا على الأرض , فقواعد صواريخ أس 400 قد نصبت في قاعدة حميميم الروسية وباشرت بالعمل , وأي هدف جوّي يدخل الأجواء السورية يجب أن يكون من الآن فصاعدا بعلم وموافقة القيادة العسكرية الروسية , فلن تستطيع تركيا أو غيرها الاقتراب من الأجواء السورية بعد الآن وتهديد الطائرات الروسية المقاتلة والقاذفة العاملة في سوريا , ولن يصل نفط العراق وسوريا المسروق من قبل داعش إلى تركيا بعد الآن , وكذلك ستقطع كافة خطوط وطرق إمدادات التنظيمات الإرهابية من السلاح والعتاد وغيره عبر الحدود التركية , بما فيها الإمدادات إلى التنظيمات الإرهابية التركمانية المدعومة من تركيا بشكل مباشر , وهذا يعني أنّ الخيار العسكري لأزمة سوريا والإصرار على إسقاط الرئيس بشار الأسد الذي تتبناه تركيا والسعودية وقطر وأمريكا وإسرائيل , قد سقط الآن بعد سقوط المقاتلة الروسية , ولم يعد خيارا لحل الأزمة .

    والجيش العربي السوري بدعم من سلاح الجو الروسي وصواريخ أس 400 , سيحسم هذا النزاع بأقرب مما يمكن , ولم يبقى خيار أمام المعارضة السورية غير الإرهابية سوى الجلوس لطاولة المفاوضات في موسكو , هذه هي أهم قواعد اللعبة الجديدة , وتحذير الإدارة الأمريكية للحكومة التركية لم يأتي من فراغ وهو واضح جدا ولا يحتاج لتفسير , لقد نفذ صبرنا والحدود تحتاج إلى الإغلاق , والعالم بعد أحداث باريس الدامية قد تغيّرّ تماما , ولم تعد أكذوبة التحالف الدوّلي المناهض لداعش لتنطلي على الرأي العام العالمي , والعالم بأسره بات يعلم أنّ تركيا هي من يشتري النفط المسروق من العراق وسوريا من قبل داعش , وأنّ حدودها هي المنفذ الوحيد لكل الإمدادات العسكرية وغير العسكرية لداعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى , وكذلك المنفذ الوحيد لالتحاق المقاتلين الأجانب القادمين من أوربا وباقي دول العالم إلى سوريا والعراق والعودة منهما , وأنّ داعش هي صنيعة أمريكية برعاية سعودية وقطرية وتركية , و أوربا ليست على استعداد للدخول في حرب نووية مع روسيا من أجل تركيا الداعشية , هذه هي قواعد اللعبة الجديدة , وهذه المرّة موسكو هي من سيرسم هذه القواعد بما يتّفق مع مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة , فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم , شكرا للسماء التي عثرّت هذا المغرور المتعالي الذي دمرّ بسياساته الطائفية القذرة , بلدين مسلمين جارين وقتل وتهجير الملايين من أبناء شعبيهما الأبرياء .

    اياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media