عبد الرزاق عبد الواحد عندما يصاب الإبداع بالزكام
    الأحد 29 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 18:10
    عدي عدنان البلداوي
    بين عبد الرزاق عبد الواحد شاعراً مبدعاً ، وعبد الرزاق عبد الواحد انساناً شاعراً مبدعاً ، يختفي الحسّ المسؤول الذي ظنه البعض واضحاً في قوله :
    ومذ كنت طفلاً عرفت الحسين
     رضاعاً وللآن لم افطم ...
    بينما رآه البعض الآخر (خيط دخان) خالط انفاس الشاعر وهو يستنشق نيكوتين الجاه المحترق عبر سيكارته التي اشعلتها ولاّعة الرئيس في قصر الرئاسة حين حدّثه شيطان الشعر هامساً : انك أنستَ بجانب الرئيس ناراً ، لعلك تجد عليها هدىً..
    رحل عبد الرزاق عبد الواحد وهو يرى في الحسين عليه السلام (مناراً) ، وفي الوقت نفسه كان يرى في صدّام مثالاً .. انه الصراع بين (الطين) مادة خلق الانسان و (الروح) التي نفخها الخالق جلّ شأنه في تلك الكتلة الطينية .. صراع بين الرؤية المادية والرؤية الروحية ، ففي قصيدته الرائعة جداً عن الحسين عليه السلام ، وجدته يوظف ابداعه الشعري ولغته الراقية لرسم طقوسٍ عاشتها طفولة صابئي وسط بيوتات الشيعة عندما كان في (العمارة) ، والتي اكتشف بعد خوضه في بحر البعث الدامي ، ان التقرب الى العفة باستحضار اجواء الطفولة البريئة ، يمكنه ان يضفي عليه من مسكها شيئاً يملؤ أنفه نشوةً ، تعبق بها نفسه الملوثة ، فتنعش فيه الإنسان المحتضر على اعتاب قصور الرئاسة ، فيخيل اليه انه يقترب من المغفرة  ، فوجد نفسه معاتباً (الحر الرياحي) لأنه تردّد في حسم صراعه مع نفسه لصالح الحقيقة في لحظة حرجة من تاريخ حياته بقوله :
    سـلام عليـه و عتـب علـيـه
    عتـب الشغـوف بـه المغـرم
    فكيف و في الف سيـف لجمـت
    و عمـرك يـا حـر لـم تلجـمِ
    و احجمت كيف و في الف سيف
    و لو كنـت وحـدي لـم احجـمِ....
    لكنه احجم بالرغم من آلاف الضحايا في المقابر الجماعية التي اعدّها الطاغية لأتباع الحسين عليه السلام .. فاذا كان (الحر الرياحي) حسم صراعه مع نفسه ليكون حراً في الدنيا والآخرة ، لم يحسم عبد الرزاق عبد الواحد صراعه مع نفسه بالرغم من كثرة اللحظات التي منحها له الزمان ، فترك الدنيا شاعراً في ركاب البعثيين ، بينما تركها (الحر الرياحي) قائداً في ركاب الانسانيين ..
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media