المحكمة الاتحادية العليا تنصاع لتوجيهات محمد رضا السيستاني
    الأثنين 30 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 11:49
    أياد السماوي
    بعد مماطلات متعمدّة ومقصودة بالبت في دستورية قرار مجلس الوزراء بإلغاء مناصب نوّاب رئيس الجمهورية , ردّت المحكمة الاتحادية العليا قبل يومين الدعوى المقامة من قبل نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي للطعن في قرار مجلس الوزراء , بزعم أنّ الدعوى قد أقامها المدّعي بصفته الوظيفية وليس بصفته الشخصية , وبما أنّ صفته الوظيفية قد ألغيت بموجب قرار مجلس الوزراء ومصادقة مجلس النوّاب عليه , فإن صفته الوظيفية لم تعد قائمة الآن , والجميع يتذّكر حين دعا ممثل المرجعية في خطبة صلاة الجمعة بأنّ ( لا ينبغي أن يتّخذ لزوم رعاية المسار الدستوري والقانوني وسيلة من قبل السلطات التشريعية أو غيرها للالتفاف على الخطوات الإصلاحية ) , قلنا بالحرف الواحد إنّ هذا التوجيه لا يمكن أن يصدر من سماحة المرجع الأعلى , فكيف يفتي سماحته بمخالفة الدستور وهو القائل بحرمة مخالفة حتى قانون المرور ؟ , وقلنا إنّ ما صدر باسم المرجع الأعلى هو في الحقيقة توجيهات أبنه ومدير مكتبه محمد رضا السيستاني , وقلنا أنّ هذا التدّخل في شؤون إدارة البلد ينطوي على مخاطر جدّية وحقيقية على مستقبل النظام الديمقراطي ومؤسساته الدستورية , وقلنا إنّ هذا التوجيه موّجه بالدرجة الأولى إلى المحكمة الاتحادية العليا بعدم قبول أي طعن في صحة هذا القرار , وقلنا إنّ هذا التوجيه يحمل في طياته تهديدا مبطنا للمحكمة الاتحادية العليا , وتمّنينا على رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية أن لا ينصاعوا لمثل هذه التهديدات والابتزازات وأن يقوموا بدورهم وواجبهم الدستوري المتمّثل في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة .

    لكن وللأسف الشديد ما كنّا نعتبره حائط الصد الأخير في رد القوانين والأنظمة المخالفة للدستور , قد انهار وخضع لابتزازات مدير مكتب المرجع الأعلى , فقرار المحكمة الاتحادية برد الطعن المقدّم من قبل نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي وإن كان ردّا شكليا, فهو يمّثل تراجع خطير في دور المحكمة الاتحادية في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة , ونقطة سوداء في تاريخ القضاء العراقي , وهذا القرار قد جعل المرجعية الدينية فوق الدستور والقانون , والغريب في الأمر أنّ هذا القرار قد تمّ التعتيم عليه ولم يشر إليه أحد من قريب أو بعيد , بالرغم من أنّه يمّثل انبطاحا للقضاء العراقي أمام نفوذ رجال الدين المتنامي , فالجميع قد آثر الصمت وكأنّ على رأسهم الطير , أو بالأحرى قد اخرّسوا جميعا ولم ينبسوا ببنت شفه , حتى حامي الدستور الأول رئيس الجمهورية فهو الآخر قد انزوى وآثر الصمت ولم يحرّك ساكنا , وقد يقول قائل وهل أنت يا أياد السماوي حزين على رحيل أسامة النجيفي ؟ ولماذا لا تدعه يرحل حتى وإن كان ذلك مخالفا للدستور ؟ أم أنّك حزين على رحيل صاحبك نوري كامل المالكي ؟ وليسمعها مني الجميع أنا لست حزينا على رحيل أحد من الساسة , وأتمنى أن يرحل كل من آذى هذا الشعب ووقف حجر عثرة أمام تقدمه وازدهاره واستقراره , لكنّي حزين جدا أن يصبح مستقبل البلد بيد محمد رضا السيستاني يديره ويسيرّه كيفما يشاء ويرغب , وحزين على مستقبل النظام الديمقراطي في العراق ومؤسساته الدستورية والذي تحوّل إلى نظام ولاية الفقيه , وحزين على سمعة القضاء العراقي التي تحوّلت إلى مسخرّة ومهزلة أمام العالم , وحزين على تضحيات شباب أبناء العراق وهم يقدّمون أرواحهم من أجل أن تبقى عمائم السياسة الفاسدة وهذه الطبقة الجبانة من السياسيين والإعلاميين , في الختام أقول لكل سياسي وإعلامي صمت عن قول كلمة الحق وآثر الانحناء أمام سطوة محمد رضا السيستاني ومهدي الكربلائي وأحمد الصافي , ليتكم جميعا كنتم نسيا منسيا .

    أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media