ندما تضع رسالة السيد خامنئي للشباب الغربي النقاط على الحروف !؟
    الأثنين 30 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 - 21:07
    هشام الهبيشان
    كاتب وناشط سياسي/الاردن
    لقد جاءت رسالة السيد علي خامنئي المرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية للشباب الغربي في ظل مرحلة خطيرة تمر بها صورة الاسلام السمح المعتدل غربيآ ، فهناك اليوم هجمة شرسة من قبل بعض الجماعات الراديكالية بالغرب وبتحريض ودعم من "جماعات اللوبي الصهيوني التلموذية الماسونية" تستهدف تشويه صورة الاسلام والمسلميين وخصوصآ بعد احداث باريس الاخيرة ، ومن هنا وفي ذروة هذه الهجمة الشرسة على الاسلام جاءت دعوة السيد علي خامنئي للشباب الغربي بضرورة البحث عن حقيقة الاسلام بعيدآ عن من يحاولون تشويه صورته الحقيقية وهنا يقول السيد خامنئي "لا شك أن ملياراً ونصف المليار من المسلمین لهم نفس الشعور، وهم براء ومبغضون لمرتكبي هذه الفجائع ومسببيها،غير أن القضية هی أن آلام اليوم إذا لم تؤد إلى بناء غد أفضل وأكثر أمناً، فسوف تختزل لتکون مجرد ذكريات مُرّة عديمة الفائدة".
     
    وعلى محور هام بمضامين الرسالة ،فالواضح اليوم أن هناك هجمة صهيونية ، تسعى "لإيجاد العداوة والتفرقة بين المسلمين وغير المسلميين وخصوصآ ببعض دول أوروبا الغربية"، تحت مسمى القضاء على الفكر المتطرف بالغرب والذي يلصقونه بالاسلام والمسلمين، وهذا ماوضحه السيد علي خامنئي في حديثه ورسالته للشباب الغربي، فقد وجه السيد خامنئي رسالته للشباب الغربي تحديدآ لانه يدرك ويعرف أن هذا الشباب هم قادة المستقبل وهنا يقول السيد خامنئي مخاطبآ الشباب الغربي "، إنني أؤمن أنكم أنتم الشباب وحدکم قادرون، باستلهام الدروس من محن اليوم، على أن تجدوا السبل الجديدة لبناء المستقبل، وتسدوا الطرق الخاطئة التي أوصلت الغرب إلى ما هوعليه الآن"، والسيد خامنئي وجه حديثه للشباب الغربي لإنه يدرك إن أي حديث مع بعض ساسة الغرب لن يجدي نفعآ ، لأنهم بالاصل هم جزء من هذه المؤامرة والحرب التي تشن على الاسلام والمسلمين ،وهنا يقول السيد خامنئي " إن هذا العنف كان للأسف مدعوماً على الدوام من قبل بعض القوى الكبرى بشكل مؤثر وبأساليب متنوعة،قلّ ما يوجد اليوم من لا علم له بدور الولايات المتحدة الأمريكية في تكوين وتقوية وتسليح القاعدة، وطالبان، وامتداداتهما المشؤومة، وإلى جانب هذا الدعم المباشر، نری حماة الإرهاب التكفيري العلنيون المعروفون کانوا دائماً عداد حلفاء الغرب بالرغم من أن أنظمتهم أكثر الأنظمة السياسية تخلفاً، بینما تتعرض أكثر وأنصع الأفكار النابعة من الديمقراطيات الفاعلة في المنطقة إلى القمع بكل قسوة، والإزدواجیة فی تعامل الغرب مع حركة الصحوة في العالم الإسلامي هی نموذج بليغ للتناقض في السياسات الغربية".
     
    وبما يخص القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني يقول السيد خامنئي برسالته للشباب الغربي " الشعب الفلسطيني المظلوم يعاني منذ أكثر من ستين عاماً من أسوء أنواع الإرهاب، إذا كانت الشعوب الأوربية اليوم تلوذ ببيوتها لعدة أيام وتتجنب التواجد في التجمعات والأماكن المزدحمة، فإن العائلة الفلسطينية لا تشعر بالأمن من آلة القتل والهدم الصهيونية منذ عشرات الأعوام، حتى وهي في بيتها، أيّ نوع من العنف يمكن مقارنته اليوم من حيث شدة القسوة ببناء الكيان الصهيوني للمستوطنات؟ إن هذا الكيان يدمر كل يوم بيوت الفلسطينيين ومزارعهم وبساتينهم من دون أن يتعرض أبداً لمؤاخذة جادة مؤثرة من قبل حلفائه المتنفذين، أو على الأقل من المنظمات الدولية التی تدعی استقلالیتها، من دون أن تتاح للفلسطينيين حتى فرصة نقل أثاثهم أو حصاد محاصيلهم الزراعية، ويحصل كل هذا في الغالب أمام الأعين المذعورة الدامعة للنساء والأطفال الذين يشهدون ضرب وإصابة أفراد عوائلهم، أو نقلهم في بعض الأحيان إلى مراكز التعذيب المرعبة،تری هل تعرفون في عالم اليوم قسوة بهذا الحجم والأبعاد وبهذا الاستمرار عبر الزمن؟ إمطار سيدة بالرصاص في وسط الشارع لمجرد الاعتراض على جندي مدجّج بالسلاح، إنْ لم يكن إرهاباً فما هو إذن؟ وهل من الصحیح أن لا تعدّ هذه البربرية تطرفاً لأنها ترتکب من قبل قوات شرطة حكومة محتلة؟ أو بما أن هذه الصور تكررت على شاشات التلفزة منذ ستين سنة، فإنها يجب أن لا تستفز ضمائرنا؟".
     
    في مضامين الرسالة أيضآ كانت هناك دعوة صريحة من السيد علي خامنئي إلى كل شباب الغرب ، للبحث التاريخي العميق والجاد والفكري المرتكز على الوقائع والحقائق ، عن حقيقة اعتدال الاسلام بالاضافة إلى البحث عن وسائل تسمح لهذا الشباب بتعزيز نماذج الفكر الايجابي نحوالاسلام والمسلمين ونبذ الفكر المتطرف الذي يعادي الاسلام والمسلمين،وهنا يقول السيد خامنئي "أيها الشباب الأعزاء، إنني آمل أن تغيروا أنتم في الحاضر أو المستقبل هذه العقلیة الملوثة بالتزييف والخداع، العقلیة التي تمتاز بإخفاء الأهداف البعيدة وتجميل الأغراض الخبیثة، أعتقد أن الخطوة الأولى في توفير الأمن والاستقرار هو إصلاح هذه الأفكار المنتجة للعنف، وطالما تسود المعايير المزدوجة على السياسة الغربية، وطالما یقسّم الإرهاب في أنظار حماته الأقوياء إلى أنواع حسنة وأخرى سيئة، وطالما یتم ترجيح مصالح الحكومات على القيم الإنسانية والأخلاقية، ينبغي عدم البحث عن جذور العنف في أماكن أخرى".
     
    من جهة أخرى فقد ركزت مضامين رسالة السيد علي خامنئي للشباب الغربي ، على فكرة أن الاستعمار الغربي "الراديكالي" لمعظم بلاد المسلميين منذ عدة قرون وعقود والتي ما زالت فصوله مستمره وللأن ، هو السبب بتطرف جزء من افراد بعض شعوب المنطقة الإسلامية ، والتي تحاول بعض الانظمة الغربية "الراديكالية" الان تجيير مفهوم هذه الراديكالية المصطنعة بأنها جزء من معتقدات إسلامية ، متناسين انهم هم سبب رئيسي بمسار هذا التطرف، نتيجة هدر كرامة المسلميين والتعدي على اوطانهم ونهب خيراتهم وقتل الملايين منهم ، فقد دعا السيد علي خامنئي الشباب الغربي للبحث العقلاني الفكري بالتاريخ الاسلامي للتعرف على حقيقة التطرف وعن الايديولوجية المصطنعة غربيآ لتمدد هذا التطرف والذي يحاول البعض إن يلصقه بدين الاسلام والاسلام والمسلميين منه براء.
     
    ختامآ ،لقد كانت رسالة السيد علي خامنئي، للشباب الغربي، هي بمثابة الرسالة التي وضعت جميع النقاط على الحروف، وهي رسالة تدعو الشباب الغربي إلى البحث عن الحقيقة الشاملة لمبادئ الاسلام ومفهوم الاسلام ، وإلى التفكر العقلاني بعدم جدوى الصراع الفكري والدموي "الراديكالي" بين أمم الارض ، فرسالة الاسلام هي رسالة الوحدة من اجل خير الانسانية والسلام لكل أمم الارض كما تحدث السيد خامنئي برسالته للشباب الغربي، عن ضرورة التواصل الفكري بين الشباب الغربي والشباب المسلم، والواضح الان أن الرسالة قد وجدت رواجآ وصدىً كبير لها بين الشباب المثقف والمتدين الغربي ، واوجدت ردود فعل صاخبة وايجابية حول مضامينها ، وكان لها اثر بتخفيف حدة التوتر والتعصب في الغرب ضد المسلميين ، فقد جاءت هذه الرسالة بحسب اغلب المتابعين بوقتها، فهذه الرسالة ساهمت إلى حد كبير بتخفيف حدة الهجمة على الاسلام والمسلميين بالغرب ونشرت فكرة التسامح والاعتدال وقبول الاخر بين مختلف الاديان ، ومن هنا يبدو واضحآ أن الرسالة كان لها صدى جيد وقد حققت مرحليآ جزء من أهدافها.


    hesham.habeshan@yahoo.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media